وجهت نساء المعتقلين في سجون الداخلية السعودية رسالة إلى علماء الأمة الإسلامية للتدخل لدى ملك السعودية للإفراج عن ذويهم المعتقلين فى السجون السعودية بدون أحكام قضائية بمناسبة شهر رمضان المبارك . قالت النساء فى الرسالة : فنحن نساء بلاد الحرمين ، أمهات وأخوات علماء الأمة الإسلامية وزوجات وبنات المعتقلين في السجون السياسية في المملكة العربية السعودية ، بلاد التوحيد ومهبط الرسالة النبوية الشريفة نتقدم لفضيلتكم ولجميع علماء ودعاة الأمة الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها بخطابنا هذا بعد أن أغلقت في وجهنا كل الأبواب وتنكر لنا الأهل والصحاب . إنها قضية تمس الناس في أمنهم وتنغص عليهم عيشهم، وهي الاعتقالات التعسفية لخيرة شباب ودعاة وعلماء هذه البلاد وإخوانهم من بقية ديار المسلمين ، من سخر نفسه لجهاد في سبيله ، أو أمر بمعروف ونهي عن منكر ، أو جمع صدقة لمحتاج وأسير ، وغيرها من محامد السلوك الإسلامي الذي أُمرت الأمة به ، نصرة للضعيف ، وإقامة للتوحيد ، ورداً لعادية أهل الصليب ومن والاهم . في البداية وقبل حوالي عشر سنوات كان يقبض على الرجل الذي يجاهد في الخارج،ثم صاروا يقبضون عن كل من له علاقة بمن يجاهد، ولو أن يكون زميله في العمل ، ثم صاروا يعتقلون كثيراً ممن ليس له تهمة ، إلا تهماً سخيفة نستحي من ذكرها، كنية الجهاد ، ونية الدعم للجهاد ،أو حتى اعتقال تحفظي. إلى أن ارتفعت أعداد المعتقلين كثيراً ، حتى أنك قد لا ترى بيتاً إلا في أهله معتقل أو قريب له، فصار العدد قرابة الثلاثين ألفاً ، فمن يدخل السجن لا يدري متى يخرج، فلا محاكمة تجرى له ولا شرع يعرض عليه ،وإن حوكم وانقضت محكوميته فلا يخرج ، وهذا حال الأغلب من المعتقلين السياسيين والأدهى والأمر أن طريقة الاعتقال هي باختطاف الشخص بدون سابق إنذار له أو لأهله ،فإذا اختفى إنسان صالح متدين في السعودية فالأصل أنه معتقل. أما إذا صادف وجود الشخص في منزله فحينها يأتي دور الإرهاب والترويع الذي يبثه جهاز المباحث في ذلك البيت المكلوم، فقد يحاصر البيت بالعيون وقد يصل حصاره بالمدرعات ، حسب أهمية الشخص المقبوض عليه، ثم يُطرق عليهم الباب في آخر الليل و يدخل مجموعة كبيرة من العسكر والمدنيين المسلحين ويفتشون البيت ويفتشون النساء ويسرقون الأجهزة ويستولون على المبالغ المالية مهما كانت ويقلبون البيت ، وقد يمزقون الأثاث ويرعبون الأطفال ويكلبشون الشخص المعتقل ويغممون عيونه أمام والديه وزوجه وأطفاله ولا يراعون لبيت مسلم حرمة . وإذا دخل الشخص في غياهب السجون بعدها ، فإن أخباره تنقطع ويجهل حاله لأشهر تمتد في بعضها لما فوق السنة ،ويبدؤون في تعذيبه لأجل الاعتراف بما لم يقترف ،أو بما عمل ، فالتعذيب موجود وحاصل ،وذلك بالضرب بالعصي ،وبالتعليق ،وبالشتم والقذف في الأعراض ،وبالتهديد بالعرض أيضاً، وبالتجويع والتسهير، وغيره من طرقهم الخبيثة ،نعم والله، كل هذا يحدث في بلاد الحرمين مهد الرسالة النبوية . وهذا الشخص الأسير سواء اعترف أو لم يعترف حوكم أم لم يحاكم فإنه لايكون بين الأحياء ولا بين الأموات، في زنزانة بعيدة كل البعد عن الجو الخارجي ، فلا يعلم أهو في ليل أو نهار ،صيف أم شتاء ، مطر أو صحو ، يختفي عن الحياة فلا يعلم بخبر إلا من خلال اتصال شهريّ أو نصف شهريّ مدته دقائق معدودة ويمنع أن يتحدث عن أي شيء يعانيه داخل السجن ، فقد يولد لبعضهم ولد ولا يعلم الا بعد أسبوعين أو أكثر، وقد يتوفى أقاربهم ولا يعلمون إلا بعد مدد طويلة ، بل إن بعضهم لايمكن من زيارة والديه إذا كانوا في مرض الموت ،وبعد موتهم قد يمكّن من حضور الجنازة وقد لايمكّن حسب سرعة إجراءات الداخلية السعودية ومزاج الضباط والمسؤولين فيها . أما الزيارة المخصصة للسجين فهو لا يستطيع رؤية وجه أمه وأخواته لأنهن ساترات وجوههن خوفاً من الكاميرات المرصودة في غرف الزيارة ،فيمكث السجين سنوات طوال لا يرى وجه أمه الذي بدأت تغزوه تجاعيد الألم والفقد الموجع ، كما أنه قبل أن يدخل الأهل للزيارة يتعرضون نساء ورجال لتفتيش دقيق مهين ، إذ خصصت الداخلية نساء قمة في الدناءة وجاهزات للأوامر مهما خبثت فتضع يدها على أماكن حساسة من المرأة وقد تطالبها بخلع ملابسها الداخلية ، والويل كل الويل لمن وجد معها ورقة صغيرة أو كسرة قلم فيحرم السجين من الزيارة مدة من الزمن هو وأهله . والأمر العظيم الجلل الذي لا يصدقه عقل ، ويشيب له الرأس ، وجود حرائر من بلاد الحرمين أسيرات في السجون ، تعامل معاملة الرجل الأسير . فهم صاروا لا يتورعون عن سجن النساء العفيفات الطيبات المشهود لهن بالتقوى اللاتي أسرن لأجل انكارهن الباطل أو لأجل اعتراضهن على سجن أزواجهن ، حيث توضع في زنازينهم الكئيبة ، وتسلط الكاميرات عليها ليلاً ونهاراً، لتضطر اضطراراً أن تمكث بحجابها تنام وتستيقظ تقوم وتقعد به ، حتى تطول مدة سجنها ويكبر أطفالها، فإن أبعدوها عنهم فهذه مصيبة وإن سجنوهم معها فالمصيبة أعظم ، ويحقق معها في أنصاف الليالي وحيدة بلا محرم ومع أقذر المحققين ألفاظا وانسلاخا من الدين ، فتهدد في عرضها ، وتهان كرامتها ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، ، منهن أختنا الفاضلة أم الرباب هيلة محمد القصير ، وأختنا الكريمة غيداء الشريف ، وغيرهن لا نعلم حالهن فالله سبحانه المتكفل بهن ، نسأله أن يعجل بفرجه لهن في شهرنا المبارك هذا ، وأن يوفقكم في نصرتهن ، بعد أن غاب النصير ، والله المستعان. ثم بدأنا نتحرك سلمياً بتجمعات نطالب فيها بحقوقنا ، فقوبلنا بالسجن والضرب حتى أننا نحن النساء اعتقلنا و حوربنا و أهينت كرامتنا ، وتعرضنا للحبس والتحقيق دون وجود محارمنا والله المستعان ..فكنا نبذل كل ما نستطيع من أجل حل قضية أبنائنا المعتقلين في سجون وزارة الداخلية ، فمرارة أنك تعيش ولا تعلم متى يفرج عنه ، لا يحس بها إلا قلبٌ تفطر حباً وشوقاً لحبيبه . وفي وقت كنا ننتظر فرجهم ، ويتداول الناس قرب خروجهم ، إذ بنا نفاجئ بمصيبة عظيمة ، وحدث جلل ، أطار عقولنا ، وأفرغ أفئدتنا ، وهو ما انتشر خبره بين الناس ، من مواجهات واعتصامات في معتقل الحائر السياسي بجنوب مدينة الرياض . فقد اتصل بعض ابنائنا المعتقلين في آخر ليلة السبت 23 / 8 / 1433 ه ، الموافق ل 13 / 7 / 2013م ،على أهلهم وهم يستغيثون ويستنجدون ويقولون لقد حاصرتنا قوات الطوارئ ومعهم السكاكين والعصي الكهربائية ، لذبحنا كالدجاج ،وذلك لتأديبنا لأننا طالبناهم بعلاج أخينا محمد مصلح الشهري المصاب بمرض السرطان بعموده الفقري لفترة طويلة ومرات عديدة ، حتى انتشر السرطان بجسده ، فإن تركناه مات بين أيدينا ، فما كان منا إلا أن شددنا بالمطالبة بعلاجه ، ولما قابلونا بالرفض وعدم المبالاة تجمعنا بالجناح واعتصمنا نصرة له ، ورحمة به ، فيا أهلنا لقد خذلتمونا سنوات فانصرونا قبل الممات وإلا سنذبح ذبح الشياة . وودع بعضهم أهله و حملهم مسؤولية دمه ، فجزعنا نحن النساء ، وطرنا بخبرهم ننشره في كل مكان نستطيع نشره ، وراسلنا العلماء ، وتوجهنا للنشطاء ، ولكن أنَّ لمن تجبر علينا وعليهم ، إن يسمع نداءنا ، وينجد نخوتنا ، فلقد تجبر رجال الداخلية في هذا الحدث أيما تجبر ، فحرمنا من معرفة أي خبر عن حال ابنائنا ، فمنعنا من اتصالاتهم أو زيارتهم ، حتى تداول الجميع خبر الجراحات والاصابات ، وأحداث عن قتلى ، فتمر ليلة السبت مفزعة لقلوبنا ، وتمر الأيام بعدها أمر وأصعب في حالها ، فماذا علينا أن نفعل غير توجيه خطابنا لكم لنجدتنا ونصرتنا وأنتم أهل العلم الصادعين بالحق ، نحسبكم كذلك ولا نزكيكم على الله . فنسألكم بالله أيها الفضلاء إلا نصرتمونا وقلتم الحق ودافعتم عن أهله، ولترفعوا الظلم بما تستطيعون ، ولا تحقرن من المعروف شيئاً . فلو تكلمتم بهذا أو وقفتم أمام سفارة السعودية في بلادكم أو خاطبتم المسؤولين عندكم ليخاطبوا من عندنا أو فعلتم شيئاً يبرئ ذممكم أمام الله يوم لن ينفعكم إلا العمل الصالح ، وفكاك العاني من أفضله وأجلّه. لعل وزارة الداخلية السعودية تعلم أن سوأتها قد ظهرت وأن جريمتها التي صبر عليها المسلمون قد فاح زخمها. فالرجاء فيكم بعد أن خذلنا القريب و أنتم لنا أهل يجمعنا دين عظيم واحد قبل كل شيء ،فهذا من إزالة المنكر الواجب إزالته بعد أن قامت عليكم الحجة وعلمتم بعضاً مما يحدث في ظلام وزارة الداخلية السعودية .