وأنا من العاملين بالخارج أحببت أن أبعث بهذه الكلمات لإخواني المصريين.. ربما يظن البعض من المصريين العاملين بالخارج بعد أن أبلوا بلاءً حسنًا في الوقوف بجانب الثورة والحشد الرائع لمرشح الثورة وما نتج عنه من اكتساح للدكتور محمد مرسي أمام مرشح الفلول "أحمد شفيق" أنهم قد أدوا ما عليهم وانتهى دورهم.. فجزاهم الله خيرًا. نعم. لكن. لا. لا نقف عند هذا الحد.. بل لقد بدأ العمل الدءوب والحقيقي وهي عبادة الساعة بمواصلة الليل بالنهار في هذه الساعات المتبقية على الانتخابات الرئاسية في مصر والمتمثل في أمرين: الأمر الأول وهو الأهم: أولاً- اللجوء ثم اللجوء والعج ثم العج والفرار ثم الفرار إلى الله بالصلاة والدعاء والذكر والقيام، فما النصر إلا من عند الله، ولتستمر حملتنا الربانية لنردد "حسبنا الله ونعم الوكيل"، ومع "الاستغفار"، ومع قولنا "وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد" في كلِّ حركةٍ وسكنهٍ ولحظةٍ ولفتة.. فمهما جمع الباطل وحشد حشوده واستجمع فلوله واشترى بماله الضمائر وأصوات السذج، وامتلك قنوات الكذب والتدليس ورمى الشرفاء بالباطل عبر فضائياته وصحفه.. فلن يستطيع أن يغير إرادة الله.. (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلاً).. الله فالله.. الله في هذه الأيام، فهي من أيام الله تُذكرني بيوم بدر، لقد أردنا العيش بكرامه أول ما خرجنا في هذه الثورة، وكان نداؤنا "عيش حرية وعدالة اجتماعيه"، أي لكنا نريد العير، وكان من الممكن أن يستجيب النظام المخلوع لكنه تمادى في غبائه فأراد الله تعالى لنا النفير، فاستمرت الثورة، وسيتم الله علينا فضله والله غالبٌ على أمرة، فالله الله يا إخوة في هذه الأيام والساعات والدقائق والثواني، والتي ستؤرخ في صحائفَ من ذهب، وأما العقود الماضية ففي مزبلة التاريخ فعُجُّوا وفروا إلى الله. قصة حقيقية لنلجأ ونقول "يا مغيث أغثنا": هذه قصة حقيقية وقعت في عصر من العصور السابقة للمسلمين في جزيرة تكريت؛ حيث كان المسلمون قاب قوسين أو أدنى من الإبادة لولا استغاثتهم الصادقة بالله عز وجل. فقد ذكر صاحب كتاب (المستغيثين بالله): أن المسلمين في جزيرة (تكريت) قد قاموا بغزوٍ لبعض ديار الروم، وأصابوا منهم إصاباتٍ عظيمة، فبلغ ذلك الخبر ملك الروم، فاستشاط غضبًا، وتوعَّد المسلمين بحربٍ عظيمة، وهزيمة ساحقة، وإن أدى ذلك إلى إنفاقه كل دنانير مملكته، وذهب إلى راهب من أبناء الملوك يحبه الروم لزهده، فأنزله من صومعته، وأقنعه بضرورة قيادته للجيش المتوجه لجزيرة إقريطش، وبالفعل خرج هذا الراهب بجيشٍ ضخم واتجه إلى الجزيرة، وفي طريقهم إليها وجدوا المراكب التي تحمل الطعام للمسلمين فاستولوا عليها، وما إن بلغ الخبر أهل الجزيرة حتى أغلقوا الأبواب وتحصنوا داخل مدينتهم، ثم ضرب جيش الروم حصارًا محكمًا على المدينة، وطال الحصار، ونفد الطعام حتى اضطر الناس إلى أكل ما مات من البهائم، ووصل بهم الجهد والجوع والكرب مبلغه، وبدءوا في التفكير الجاد بالاستسلام، وفتح أبواب المدينة للروم، عند ذلك نهض فيهم أحد الشيوخ وبيَّن لهم أن المسبب لهذا كله هو الله، وأنهم قد حُرِموا التوفيق الإلهي يوم أن استولى الروم على طعامهم، وأن ما عليهم إلا أن يقبلوا ما يشير به عليهم، فوافق القوم وأعطوه سمعهم.. فقال لهم: توبوا إلى الله عزَّ وجلَّ من قبيحِ تقصيركم في حقِِّ شكر نعمه، وألزموا ما يكون رباطًا لها وقائدًا لها إلى حُسن المزيد فيها، وأخلصوا له إخلاص مَن لا يجد فرجه إلا عنده، وافصلوا صبيانكم من رجالكم، ورجالكم من نسائكم. فلما ميَّزهم هذا التمييز صاح بهم: عُجُّوا بنا إلى الله (أي ارفعوا أصواتكم وصيحوا مستغيثين بالله.. (فعَجُّوا عَجّةً واحدة، وبكى الشيخ واشتد بكاء الناس وصراخهم، ثم قال: عُجُّوا أخرى، ولا تشغلوا قلوبكم بغير الله، فعَجُّوا عَجَّةً أعظم من الأولى، واشتد بكاؤهم ونحيبهم، وعلا صوتهم.. ثم عَجَّ الثالثة، وعج الناس معه.. ثم قال لهم: انظروا من شرفاتِ الحصن، فإني أرجو أن يكون الله قد فرَّج عنا". يقول راوي القصة- الحسن بن محمد-: والله لقد أشرفتُ مع جماعة فرأينا الروم قد قوضوا (انصرفوا)، وركبوا مراكبهم، وانطلقوا في البحر، وفتحنا الحصن فوجدنا قومًا من بقاياهم، فسألناهم عن خبرهم فقالوا: كان الراهب المحبوب عميد الجيش بأفضل سلامته اليوم، حتى سمع ضجتكم بالمدينة، فوضع يديه على قلبه وقال: قلبي، قلبي، ثم مات، فانصرف مَن كان معه من الجيش إلى بلاد الروم. قال الحسن: ووجدنا في الأبنية من محلتهم من القمح والشعير ما وسع أهل المدينة، وكفى الله جماعتهم بأس الروم من غير قتال والحمد لله. الأمر الثاني والمهم: إخواني المصريين العاملين بالخارج لنتواصل مع أهلينا في مصر. الكل نعم الكل "الأب والأم والأخ والأخت والعم والعمة والخال والخالة والجار والصديق وكل من له صلهٌ بك أخي الحبيب" في داخل مصر" بالتليفون وعلى النت والمواقع الإلكترونية وبشروهم بنتيجة الانتخابات في الخارج بتفوق الدكتور محمد مرسي وحصوله على نسبة 76%، والتي يخفيها إعلام الفلول لتبعثوا فيهم الأمل. ولا ندع فرصة للفلول أن يخلصوا إليهم ويستولوا على عقول البسطاء من قومنا ولنتذكر آخر ما قال سعد بن الربيع وهو يحتضر لزيد بن ثابت في أُحد عند الشهادة "يا زيد بلغ قومي من الأنصار السلام، وقل لهم: لا عذر لكم عند الله إن خلُص إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مكروه وفيكم عين تطرف".. فاعذروا إلى الله وابذلوا الوسع، فالكلمة والقلم هو إعلامنا الذي نملكه نحن في الخارج والداخل. ولنمد أيدينا أيضًا للناس كل الناس ونجادلهم بالتي هي أحسن ونوضح لهم المغالطات ونرد على الافتراءات وبهدوء ونصحح لهم الأكاذيب، ونرد على الشائعات ونحفزهم للمشاركة وعدم المقاطعة ونحملهم الأمانة أن مصر أمانة في أعناقهم ونذكرهم بدم الشهداء ودعاء الثكلى ممن فقدت ابن أو ابنه أو أخ أو أب أو حبيب أو قريب في سبيل الحرية والعيش بكرامه لي ولك، ونذكرهم أن من يصوت للفلول سيحمل على ظهره دم هؤلاء الشهداء وسيناله من دعاء الثكلى. ونذكرهم بأن صوتهم هذا لا بد وأن يكون لله ومن ثَمَّ لمصر ولمحمد مرسي حافظ القرآن لا للباطل والفلول مريدي حذف القرآن من مناهج التعليم "وأقيموا الشهادة لله"، وأن صوتهم شهادة سيسألون عنها ومن يكتمها فإنه آثم قلبه. قطوف وتذكرة للأستاذ البنا يرحمه الله لنا ولإخواننا: وهذه كلمات مقتطفة لنا جميعًا تنير لنا الطريق وتجلي الحقائق للأستاذ البنا يرحمه الله ولإخوانه كلمات تُعبِّر عن بصيرة ورؤية مستقبليه بفتح من الله لهذا الرجل الملهم.. يقول: "أيها الإخوان المسلمون.. إن طريقكم هذا مرسومة خطواته موضوعة حدوده.. ولست مخالفًا هذه الحدود التي اقتنعت كل الاقتناع بأنها أسلم طريق للوصول، أجل قد تكون طريقًا طويلة ولكن ليس هناك غيرها.. إنما تظهر الرجولة بالصبر والمثابرة والجد والعمل الدائب، فمن أراد منكم أن يستعجل ثمرة قبل نضجها أو يقتطف زهرة قبل أوانها فلست معه في ذلك بحال، وخير له أن ينصرف عن هذه الدعوة إلي غيرها من الدعوات.. ومن صبر معي حتى تنمو البذرة وتنبت الشجرة وتصلح الثمرة ويحين القطاف فأجره في ذلك على الله، ولن يفوتنا وإياه أجر المحسنين: إما النصر والسيادة، وإما الشهادة والسعادة، وألجموا نزوات العواطف بنظرات العقول، وأنيروا أشعة العقول بلهب العواطف، وألزموا الخيال صدق الحقيقة والواقع، واكتشفوا الحقائق في أضواء الخيال الزاهية البراقة، ولا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة، ولا تصادموا نواميس الكون فأنها غلَّابة، ولكن غالبوها واستخدموها وحولوا تيارها واستعينوا ببعضها علي بعض، وترقبوا ساعة النصر وما هي منكم ببعيد. أيها الإخوان المسلمون.. إنكم تبتغون وجه الله وتحصيل مثوبته ورضوانه؛ وذلك مكفول لكم ما دمتم مخلصين ولم يكلفكم الله نتائج الأعمال ولكن كلفكم صدق التوجه وحسن الاستعداد، ونحن بعد ذلك إما مخطئون فلنا أجر العاملين المجتهدين، وإما مصيبون فلنا أجر الفائزين المصيبين. واعملوا والله معكم ولن يتركم أعمالكم والفوز للعاملين المخلصين. وللمصريين بمصر.. أنتم في القلب: وللمصريين المقيمين بمصرنا الحبيبة أقول أنتم في القلب وما هذا البذل الذي بذلنا لتحقيق هذا الفوز لمرشح الثورة د. محمد مرسي إلا لأنكم تستحقونه بما صبرتم في الأيام الخالية وما فيها من مرارة وآلام تحملناها معًا وما كانت غربتنا عن أهلينا وعنكم إلا بسبب هذا النظام البائد وحزبه. وما أجرمه في حقِّ مصرنا الحبيبة فهل لكم أن تقفوا صفًّا واحدًا ضده وضد فلوله حتى نعود إليكم ويُجمع الشمل، وبعد فلا أقول لكم إلا ما قال الله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200)) (آل عمران). وأخيرًا.. وكما بدأت فمن لم يشكر الناس لم يشكر الله. فالشكر موصول للمصريين العاملين بالخارج فجزاكم الله خيرًا على ما أبليتم وبذلتم فليستمر الدعاء والبذل والعطاء والتواصل مع أهلينا في داخل مصر. ويا أهلينا قي الداخل شدوا الحيل. اللهم أحفظ مصرنا وديار الإسلام من كل سوء.. آمين.