أصدر مركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان ورقة بحثية بعنوان "هكذا يجب أن تحاكم النظم القمعية". تشرح الورقة من خلال مجموعة من الأسئلة والإجابات كيف يمكن تطبيق مناهج العدالة الانتقالية في محاكمة رموز النظم القمعية وعزلهم السياسي وما هي معايير المحاكمات وطبيعة تشكيل المحكمة الخاصة بمحاسبة جرائم النظم المخلوعة. الورقة تضمنت تسعة أسئلة حول مفهوم العدالة الانتقالية، ومدي تحققها في الحالة المصرية، مشيرةً إلى غياب الإرادة السياسية -الحقيقية- لإحداث قطيعة مع ممارسات الماضي أو محاسبة رموز نظام مبارك أو مبارك نفسه بشكل جدي عن الجرائم التي ارتكبوها، إذ أن كافة الإجراءات التي اتخذت علي مدار عام ونصف هي مجرد خطوات مبتورة هدفها تسكين الضغط الشعبي من أجل العدالة والإنصاف. تشرح الورقة آليات العدالة الانتقالية وما تتضمنه من محاكمات ولجان تقصي الحقائق، وتعويضات وإعادة التأهيل مؤكدة إنها وبلا شك عملية مكلفة علي المدى القصير ومع ذلك فالفشل في التعامل مع مثل هذه القضايا علي نحو منطقي وديمقراطي وشامل سوف يكون أكثر كلفة على الدولة والمواطنين علي المدى البعيد. اعتبرت الورقة أن ضمانات تحقق العدالة الانتقالية تكمن في الإرادة السياسية، سيادة القانون، استقلال السلطة القضائية وإنشاء محاكم متخصصة للمحاسبة علي جرائم النظام السابق، مقدمة شرح لخصوصية تلك المحاكم من حيث التشكيل واختيار القضاة وصلاحيات المحكمة والقوانين التي تنظم عملها. كما قدمت الورقة تعريفًا قانونيًا محددًا للجناة -وفقًا للمعايير القانونية والدولية- سواء مرتكبي الجرائم أو المشتركين فيها، كذا الآمرين والمحرضين عليها والمعاونين علي تنفيذها وصولاً إلى الممتنعين عن وقف الجريمة. اختتمت الورقة بالإشارة إلى أن العزل السياسي مرتبط جذريًا بمحاكمات النظام السابق، فأهداف العزل ليست فقط تطهير المؤسسات من بقايا البنية البيروقراطية التي كان يستند عليها النظام السابق في أفعاله وتجريد العناصر التابعة له من الشرعية وضمان استبعادها من العملية السياسية الوطنية. ولكن يجب النظر إلي العزل السياسي في سياق أوسع وأشمل، كوسيلة لعقاب الأفراد علي الخلل السياسي الذي تسببوا فيه، فهو أداة يعبر فيها المجتمع عن الرفض العام لهذا السلوك الإجرامي في إدارة الدولة وتوجيه تحذير قاسي لمن يتقلد تلك المناصب في المستقبل، إن الحساب آتٍ لا محالة. بالإضافة إلي أن العزل السياسي يكفل توفير قدر من العدالة للضحايا ويُمَكن الضحايا من استعادة كرامتهم. كما يساهم أيضًا في تعزيز ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة وقدرتها علي إنفاذ القانون.