وزير التعليم العالي: مسار الجامعات الأهلية حظي بدعم كبير من القيادة السياسية    وزير الإسكان يتفقد مشروع «جنة 4» ومحطة تنقية المياه بالشيخ زايد    وزير الإسكان يتفقد مشروع «جنة 4» ومحطة تنقية المياه بالشيخ زايد    بسام راضي: تدشين خطوط جديدة لرحلات لمصر للطيران إلى إيطاليا    الإحصاء: مصر تسجل نصف مليون نسمة زيادة في عدد السكان خلال 126 يومًا    الرئيس السيسي: مصر حرصت عبر عقود على تحقيق الاستفادة العادلة من الموارد المائية    غزة.. ارتفاع حصيلة ضحايا خروقات الاحتلال لاتفاق وقف إطلاق النار إلى 401 شهيد و1108 مصابين    الكويت تحتفل بالذكري الثانية لتولي الشيخ مشعل الأحمد مقاليد الحكم .    تشكيل تشيلسي أمام نيوكاسل يونايتد في البريميرليج    4000 فرصة عمل.. وزير الرياضة يفتتح ملتقى التوظيف الخامس بنادي الواي بأبوقرقاص    حكايات منتخب مصر مع أمم أفريقيا| 2006.. انطلاق العصر الذهبي للفراعنة    محمد عنتر: الزمالك "اختياري المفضل" دائما على حساب الأهلي.. والأندية الشعبية في خطر    الركراكي: حكيمي ضحى بنفسه من أجل المغرب    السيسي يستقبل المشاركين في أعمال المؤتمر الوزاري الثاني لمنتدى الشراكة "روسيا – أفريقيا"    خلص على أولاده ال4.. تأييد حكم الإعدام على «سفاح قليوب»    إصابة 7 أشخاص في حادث انقلاب سيارة ربع نقل بطريق الفيوم القاهرة الصحراوي    رسالة مؤثرة من شريهان بعد وفاة الفنانة سمية الألفي    بعد إعلان ارتباطه رسميا.. هذا هو موعد زفاف أحمد العوضي    رئيس هيئة التأمين الصحي في زيارة تفقدية لمبنى الطوارئ الجديد بمستشفى 6 أكتوبر    يبدأ التسجيل إلكترونيا اليوم.. مجلس الدولة يفتح باب التقديم لوظيفة مندوب مساعد    ضبط طن ونصف استربس دواجن وبسطرمة مجهولة المصدر بشبرا الخيمة    سحب 666 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    الدوري الإنجليزي.. موعد مباراة ليفربول وتوتنهام والقناة الناقلة وصلاح الغائب الحاضر    ظهر عاريا فى التسريبات.. بيل كلينتون فى مرمى نيران جيفرى إبستين.. صور    أستاذ علوم سياسية: تحركات مصرية مكثفة للانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق غزة    إيهاب عبد العال: طفرة سياحية مقبلة تتطلب تيسيرات في النقل والضرائب    وزارة العمل: 664 محضرا خلال 10 أيام لمنشآت لم تلتزم بتطبيق الحد الأدنى للأجور    عين شمس ضمن أفضل 21% من جامعات العالم في تصنيف Green Metric 2025    محكمة باكستانية تقضي بسجن عمران خان وزوجته 17 عاما في قضية فساد    روسيا تعلن تحرير بلدتين جديدتين شرق أوكرانيا    المخرج الفلسطيني يوسف صالحي: ترجمت الألم الداخلي إلى لغة سينمائية في فيلم «أعلم أنك تسمعني»    دار الإفتاء تعلن نتيجة رؤية هلال شهر رجب لعام 1447 هجريا بعد المغرب    روبيو: تنفيذ اتفاق غزة سيستغرق "مدة طويلة"… وانتقادات حادة لحماس والأونروا    مستشار الرئيس للصحة: الوضع الوبائي مستقر تمامًا ولا يوجد خطر داهم على أطفالنا    مدرب جزر القمر: مواجهة المغرب أشبه بتسلق جبل إيفرست    دار الإفتاء توضح علامات الاستخارة وتحذر من ربطها بالأحلام فقط    مركز الدراسات والبحوث يشارك في مؤتمر علمي عن دور الذكاء الاصطناعي في تحقيق التنمية المستدامة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : لعنة الله على تلك .. المسماة " ديمقراطية !?    فوز الدكتور أحمد طه بجائزة الطبيب العربى 2025.. وعميد قصر العينى يهنئه    إقبال جماهيري على «حفلة الكاتشب» في ليلة افتتاحه على مسرح الغد بالعجوزة    بعد قليل، محاكمة عصام صاصا بتهمة التشاجر داخل ملهى ليلي في المعادي    وزير الرى يتابع خطة إعداد وتأهيل قيادات الجيل الثاني لمنظومة المياه    قفزة قياسية متوقعة لأسعار الذهب في 2026.. وتراجع محتمل للنفط    نجم الزمالك السابق: أحمد عبدالرؤوف مُطالب بالتعامل بواقعية في المباريات    وزير التعليم العالى: دعم الباحثين والمبتكرين لتعزيز مكانة البحث العلمي فى مصر    مكتبة مصر العامة بالأقصر تستقبل وفد المركز الثقافي الكوري لبحث التعاون    المبادرات الرئاسية تعيد كتابة التاريخ الصحي لمصر    للنساء بعد انقطاع الطمث، تعرفي على أسرار الريجيم الناجح    أزهري يعلق علي مشاجرة الرجل الصعيدي مع سيدة المترو: أين هو احترام الكبير؟    نشرة أخبار طقس اليوم السبت 20 ديسمبر| الأرصاد تحذر من أجواء شديدة البرودة    ذكرى ميلاده ال95.. صلاح جاهين يصرخ عام 1965: الأغنية العربية في خطر!    مواقيت الصلاه اليوم السبت 20ديسمبر 2025 فى المنيا    محمد معيط: روشتة صندوق النقد الدولي عادة لها آلام وآثار تمس بعض فئات المجتمع    الأنبا فيلوباتير يتفقد الاستعدادات النهائية لملتقى التوظيف بمقر جمعية الشبان    القبض على إبراهيم سعيد لاعب كرة القدم السابق وطليقته داليا بدر بالقاهرة الجديدة    نائب وزير الخارجية يلتقي الممثل الخاص لسكرتير الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث    كل عام ولغتنا العربية حاضرة.. فاعلة.. تقود    طائرات ومروحيات أمريكية تشن هجوما كبيرا على عشرات المواقع لداعش وسط سوريا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القرآن وحرية المجتمع.. إشكاليات الواقع المعاصر (التدين مثالاً)
نشر في الجمعة يوم 13 - 02 - 2013

إن الإحساس بالحاجة لقيمة الحرية لدى الإنسان هو إحساس فطري، وهو شعور جامح مودع في الإنسان وله دافعيته التي تثور باتجاه الإنعتاق من الأغلال والآصار التي تكبلها في شتّى مناحي الحياة، لذلك فإن مبحث الحرية بالنسبة لهذا الإنسان الذي يشعر بهذا الشعور الجامح وهو المدرك لهذه الحاجة الكبرى.
يعتبر مبحث ذو أهمية كبرى، ولذلك جاءت الشرائع والنظم والمناهج الجديدة التي تروم تغيير واقع الإنسان لتتحّدى واقعاً لا يأبه بهذا الشعور ولا يضبط منحاه ومساره، سواء بالإفراط أو بالتفريط، و يراهن المصلحون عبر تاريخ البشرية الغابر عادة على حقيقة أساسية، وهي أنهم يمتلكون البرنامج الذي يكفل لهذا الإنسان إشباع هذه الحاجة في التحرر بأفضل وسيلة، وهذا التاريخ المعبّر عن هذه الحقيقة الكبرى ليس قصراً على نوع فكري معيّن من أنواع التفكير الإنساني، وإنما هو كذلك ابتداء بالأديان السماوية على أيدي الأنبياء ومروراً بالأوصياء، وانتهاء بالثورات والحركات النهضوية في العصور القديمة والوسطى والحديثة، وما زال حديث الحرية يجد له في أكل الأوساط السياسية والثقافية والتداولية المختلفة، أكفّاً مبسوطة، وأعناقاً مشرئبة، وقلوباً لهفى، تروم تحقيق التصور الأمثل والضابط الأقوم لروح التحرر عند الإنسان، فكلما عانى الإنسان من ظلم أخيه الإنسان، تشوّق لبصيص من الحرية، وكلما حصل على نور خافت منها، اشتاق للمزيد، كل ذلك لأنها مخلوقة مع الإنسان، إلا أنها فقدت بعد ولادته.
عندما تتصل الحرية بالمجتمع، فهذا يعني أن تكون لها حيوية متصلة بجميع مفاصل الحياة باعتبارها فعل دائم لكل فرد فرد في المجتمع، وهذا ما يستدعي وضوح في الرؤية لتحديد شخصيتها الاعتبارية، عبر تحديد ماهيتها و مساراتها وحركتها، وقد جاء القرآن الكريم ليعطينا بصيرة نافذة تؤسس لحركة الحرية وتفاعلاتها في الاجتماع الإنساني، عبر نسيج من الآيات المباشرة وغير المباشرة، باعتبار أن القرآن الكريم (يصدّق بعضه بعضاً)، فكل أمر أو نهي في أي جانب من جوانب الحياة في القرآن الكريم، إنما يكمّل التشريعات المتباينة الأخرى، وكل تلك التشريعات والتفريعات تنسجم مع الآيات التي تؤسس للقواعد العامّة في عملية (تصديقية)، يمكن الخروج من خلال فهمها وربطها ببعضها برؤية واضحة ومتكاملة، هذا ما سننتهجه في قراءتنا للنص القرآني المبارك، لتكوين تصوّر لحرية المجتمع في جانبها الديني على الأخص.
الحرية المطلقة
من الخطورة بمكان أن تخلّى دعاوى الحرية دون ضوابط و دون منهاج يرسم دربها ويحدد مساراتها، فإن تخليتها دون ذلك، سيولد لنا حالة من الإباحية المطلقة (إباحية الأعراض)، (إباحية الأموال)، (إباحية الأفكار)، (إباحية الفتك)، ويمكن أن نستظهر هذه الحالة في فعل (الإسراف بمفهومه القرآني) بمحتواه العام الذي يشمل كافة مناحي الحياة، باعتبار أن الإسراف هو حالة من الإفراط في الحاجات الإنسانية، وهو تطبيق عملي لحركة الحرية المطلقة في المجتمع المتصلة برغبات الإنسان وأمنياته، فقد جاء في الآيات التالية:
1/ في الأكل والشرب ومظاهر الحياة.
(يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) [الأعراف: 31].
2/ في القتل.
(وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً)[الإسراء: 33].
3/ في الحكم والإدارة.
(فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَن يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ) [يونس: 83].
4/ في اللامبالاة في الأفكار.
(وَلَقَدْ جَاءكُمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِّمَّا جَاءكُم بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ اللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولاً كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُّرْتَابٌ )[غافر: 34].
5/ في الجنس والشذوذ.
(إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ) [الأعراف: 81].
و من مجموع هذه الآيات القرآنية الشريفة يتضح لنا أن هذه الحالة من الإباحية المطلقة، تسبب فساد النظام العام للإنسان على الصعيد الفردي والاجتماعي، وهذه الحقيقة حقيقة وجدانية إذ لا يمكن أن يُعطى كل شخص الحق المطلق في التصرّف بما شاء وفيما شاء وأينما شاء ووقتما شاء، بإسم ممارسة الحرية، لأن هذا المبدأ هو إلغاء واضح لحريات الآخرين، حيث سيصطدم الفعل المطلق لا محالة بحريات الآخرين وبحقوقهم، باعتبار أن الفرد يعيش ضمن المجتمع ويتفاعل معه، هذا من ناحية مراعاة النظام الاجتماعي كما هو في (القتل) و(الظلم) و(الاعتداء الجنسي)، ومن ناحية أخرى فإن إطلاق العنان للحرية له تأثير على الفرد نفسه حتى لو لم يكن في محيط اجتماعي، كما هو الحال في (الأكل والشرب) و(الشك والريبة).
كبت الحرية
وكذلك الحال عندما يسعى الإنسان إلى كبت شعور التحرر والإنعتاق من الأغلال، حيث يسعى للتقييد والضغط ووأد الفعل الإنساني في شتى مناحي الحياة وفي جميع صوره وتمثلاته، وكافة مستوياته، فإن له آثاراً سلبية من شأنها أن تضيّق على الإنسان فسحة العيش التي منحها الله تعالى له، وتتلف شعوره ورغباته التي زوّده الله تعالى بها، ويمكن أن نستخلص هذه الحالة من القرآن الكريم في حالة (التحريم) التي مارسها الإنسان على نفسه تبرعّاً واجتهاداً، باعتبارها حالة من التضييق على النفس، وفيها فعل الكبت و تقييد للرغبات الفطرية المخلوقة مع الإنسان، يقول تعالى:
1/ (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) [الأعراف: 32].
2/ (قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُواْ أَوْلاَدَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُواْ مَا رَزَقَهُمُ اللّهُ افْتِرَاء عَلَى اللّهِ قَدْ ضَلُّواْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ) [الأنعام: 140].
3/ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) [المائدة: 87].
فإن الخالق جل وعلا عندما خلق الإنسان وخلق معه الشعور بالحرية أعطاه في ذات الوقت ما يلبّي هذه الحاجة، فلا يمكن للإنسان أن يحرّم على نفسه تلك المباحات ويكبت ذلك الشعور.
فالفكرة الأساس التي ينطلق منها القرآن الكريم ويثبتها في العقول كأصل لفهم أي فكرة بعد ذلك في مجال الحرية، هي أن الإنسان ليس من صالحه كفرد وليس من صالح مجتمعه أن يعيش الإنفلات وممارسة الحرية المطلقة، وليس له أيضاً أن يكبت ما وهبه الله تعالى في المقابل، ليؤسس القرآن الكريم بذلك لفكرة الإعتدال في ممارسة الحياة، كما قال تعالى تعبيراً عن الحالة الاقتصادية:
(وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً). [الفرقان: 67].
فإن روح مبدأ الحرية هو حركة الاعتدال في الحياة، التي تنصف الآخرين وتتعامل مع الأشياء بالنظر لحقوقها واحتياجاتها، كما يقول عز وجل في التعامل مع النعم:
(وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ جَنَّاتٍ مَّعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ). [الأنعام: 141].
المجتمع الحر
اهتم القرآن الكريم بتكوين مجتمع حر كريم، ووضع سمة الحرية ضمن سمات المجتمع الحضاري والمتمدّن الذي يدعو لإقامته الإسلام عن طريق الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله)، واعتبرها أصلاً من أصول المجتمع الحي، وعندما تتكوّن تلك الصفة فيه فإنها تخلق فيه روح النهوض والتقدّم، فلكي يكون المجتمع حيّاً وذا شخصية نابضة عليه أن يستجيب لدعوة الله تعالى والرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله)، كما قال تعالى:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) [الأنفال: 24].
فحياة المجتمع ورقيّه تتكوّن عبر صياغته وفقاً للدعوة القرآنية التي جاء بها الرسول (صلى الله عليه وآله) في الآية الكريمة التالية:
(الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [الأعراف: 157].
فالرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) يدعو لتكوين مجتمع يمارَس فيه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويحل الطيبات ويحرّم كل ما خبث، إضافة إلى ذلك فإنه (وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ) تعبيراً عن مبدأ الحرية وسيادتها في المجتمع، وتخليصه من الآصار والأثقال النابعة من النفس والذات، وتحريره من الأغلال والقيود التي تكبّل حريته التي خلقه الله عليها، ولكي نستظهر تعبير (الأغلال) وكيفية حركتها وتأثيرها على المجتمع، نقرأ قول الله تعالى:
(إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ) [غافر: 71].
فالأغلال الاجتماعية هي كالسلاسل المطوّقة لأعناق الناس تسحبهم كرهاً وجبراً نحو ما لا يريدون، فالحرية هي إزالة هذه الأغلال لكي ينطلق المجتمع باتجاه إرادته التي يختارها وفقاً للمبنّى الذي أشرنا إليه، وهي الحرية التي تلبّي رغبات الذات ولا تلغي حريات الآخرين، لأن (الحرية في الواقع تتمثل في حفظ حرمات الآخرين. فحريتي تكون حقيقية وواقعية حين يحترم الآخرون حقوقي، ويحترمون شخصيتي وكرامتي. لذلك لا يستخدم الإسلام كلمة الحرية إلا قليلا وإنما يستخدم الجانب الآخر للحرية وهو عبارة الحرمة ومشتقاتها، فيقول.. حريم الإنسان، وحريم البيت، وحرم الله، وحرمة الاعتداء. فالحرية تتبدل في مفهوم الإسلام إلى الحرمة، لأن الحرمة هي التي تحافظ على الحرية. وحينما يحافظ الناس على حرمة البيت، والشارع، والمدرسة، والسوق فمعنى ذلك أنهم يحافظون على حرية الأفراد، ومن هنا سُمّيت مكة المكرمة حرماً آمناً، لأن حرية الإنسان فيها مضمونة ولا يمكن لأحد أن يعتدي على حقوق الآخرين). (المجتمع الإسلامي ج3 (القيادة السياسية في المجتمع الإسلامي) آية الله العظمى السيد محمد تقي المدرسي، ص86).
فالحرية هي من أهم السمات الحضارية للمجتمع الإسلامي الناهض، لذلك أكّد عليها القرآن الكريم، وعالج مشكلاتها المرتبطة بالآصار النفسية، وهي عبارة عن الأمراض النفسية وثقافة الوأد ووساوس النفس الداعية إلى العبودية للذات والشهوات، وعالج مشكلات الكبت التي يمارسها الطواغيت، ودعا للكفر بالطاغوت ورفضه، ومجابهته باعتباره معيقاً لحركة المجتمع وفاعليته، وحرية المجتمع بهذا المعنى الذي ينظر فيه إلى الشقين:
الأول: (الآصار النفسية) كما يقول أمير المؤمنين (عليه السلام): (لا يسترقنّك الطمع وقد جعلك الله حرّاً) ، وقال (عليه السلام): (لا تكونوا عبيد الأهواء والمطامع) .(غرر الحكم، ج2 329 / 166 و ص 341 / 271).
والثاني: (الأغلال الخارجية) التي يفرضها الغير عليه.
وهذه هي الميزة التي امتازت بها دعوة القرآن الكريم عن دعوات التحرر التي انطلقت في مسيرة الإصلاح الإنسانية التي تمثّلت في الحركة الليبرالية ضد استعباد الكنيسة والسلطات الحاكمة، والتي نتجت عنها مواثيق حقوق الإنسان، وتعاريف المفكرين، كما يقول (برتراند راسل) على سبيل المثال بأن (الحرية بشكل عام يجب أن تعرف على أنها غياب الحواجز أمام تحقيق الرغبات). (ضد الاستبداد / فاضل الصفار، ص 137).
(وبهذا يكون مفهوم الحرية في الإسلام وان اشترك في بعض مصاديقه مع الحرية عند الديمقراطيين إلا أنه أوسع وأشمل وأتم منه إذ إنه لا يكتفي بتحرير الإنسان خارجياً وجسدياً ومنحه حقه الطبيعي في العيش بسلام وحريته في الكلمة والتجمّع والسفر ولو كانت على حساب الروح والنفس وغيره، بل يتوسّع ويرقى لتطهيره وينزهه روحياً ونفسياً ويهذب سلوكه وطباعه ثم يتركه حراً في الخارج، أيضاً يمارس إرادته ويختار مصيره بحرية واستقلال). (ضد الاستبداد / فاضل الصفار، ص 134).
إشكاليات الواقع المعاصر
أمام هذا الوضوح في الطرح القرآني لمبدأ الحرية وأهميته بالنسبة للمجتمع، إلا أن هنالك إشكاليات تثار حول مدى واقعية هذا الطرح، ومدى مصداقيته، خصوصاً أمام الحالة التي يعيشها العالم الإسلامي في الوقت الراهن، من ممارسات تشوّه هذا المبدأ، وتعزّز مقولات الإكراه والفرض، إلا أننا لا يمكن أن نأخذ كل ما قد يثار على محمل الجد، لأن أكثر الدعاوى إنما تنطلق من جهات غير منصفة للفكر الإسلامي، بل من جهات قد تكون لها مآرب أخرى غير فكرية (سياسية أو اقتصادية)، خصوصاً إذا ما قرأنا التاريخ الذي ينبئنا بالممارسات التاريخية الشاهدة على ظلم الآخر وسبل وأده للحريات، فعلى سبيل المثال (تعتبر القرون الوسطى مثالاً على ما عانته الشعوب الأوربية التي رزحت تحت نير الإرهاب والقمع الفكري باسم الكنيسة، حيث سنّ الملك (شارلمان) قانوناً يقضي بإعدام كل من يرفض أن يتنصّر -أي أن يصبح نصرانياً- ولما قاد حملته القاسية على السكسونيين والجرمان أعلن أن غايته إنما هي تنصيرهم.
ولمحاكم التفتيش التي أنشأتها الكنيسة في تلك العصور سمعة سيئة وسجلاًّ قاتماً مظلماً، فقد اجتهدت في فرض آراء الكنيسة على الناس باسم الدين والتنكيل بكل من يرفض أو يعارض شيئاً من تلك الآراء، فنصبت المشانق وأشعلت النيران لإحراق المخالفين، ويقدر أن من عاقبت هذه المحاكمة يبلغ عددهم (300000) وأحرق منهم (32000) أحياء كان منهم العالم الطبيعي المعروف (برونو)، نقمت الكنيسة منه نتيجة لآرائه المتشدّدة، والتي منها قوله بتعدد العوالم، وحكمت عليه بالقتل، وهكذا عوقب العالم الطبيعي الشهير (غاليلو) بالقتل، لأنه كان يعتقد بدوران الأرض حول الشمس.
وكانت المسيحية قد فرضت فرضاً بالحديد والنار ووسائل التعذيب والقمع التي زاولتها الدولة الرومانية بمجرّد دخول الإمبراطور قسطنطين في المسيحية، بنفس الوحشية والقسوة التي زاولتها الدولة الرومانية من قبل ضد المسيحيين القلائل من رعايا الذين اعتنقوا المسيحية اقتناعاً وحبّاً، ولم تقتصر وسائل القمع والقهر على الذين لم يدخلوا المسيحية، بل إنها ظلّت تتناول في ضراوة المسيحيين أنفسهم الذين لم يدخلوا في مذهب الدولة، وخالفوها في بعض الاعتقاد بطبيعة المسيح). (حرية المعتقد في الإسلام والقانون، أمير موسى بو خمسين، مجلة الكلمة العدد 4، السنة الأولى، صيف 1994م/ 1415ه.).
لذلك فإننا نقول أن الإشكاليات التي تواجه الممارسات الإنسانية على وجه الأرض، هي إشكاليات عامّة تشمل الجميع فلا تختصّ بممارسات المسلمين في بلادهم دون غيرهم، خصوصاً إذا عرفنا أن المشهد في الجانب الإسلامي ليس أكثر من الجانب الغربي والمسيحي في ممارسة الظلم والاضطهاد واستعباد الناس، فالباحث المنصف هو الذي يدرس الظاهرة بتجرّد وموضوعية، فنحن لا يمكن أن نجعل الكثير من الإشكاليات المعاصرة بخصوص الحرية في المجتمع الإسلامي كعماد للبحث ومزاولة الأخذ والرد، والنقد والإبرام .. وإنما نسلّط الضوء على إشكالية تمسّ الانحراف الفكري الذي أصاب بعض المنتسبين للإسلام من خلال القراءة الدينية المجتزئة للنصوص القرآنية المباركة، لمعالجتها على ضوء هدى القرآن الكريم، ففي الوقت الذي نستبعد الإشكاليات المتحاملة من قبل الآخرين، لا ننفي وجود خلل في المشهد الإسلامي بخصوص التعامل مع مبدأ الحرية (الدينية على الخصوص) وفهمه ضمن سياقات الدعوة الإلهية للدين الحق، فهنالك بالفعل خلل أصاب الحكاّم الذين حكموا بالنار والحديد ، وهذا لا يرتبط ببحثنا ، وخلل آخر أصاب بنية التفكير الديني في قراءة النصوص القرآنية، من قبل مجاميع من الحركات المنتسبة للإسلام، والتي عاثت في البلاد التضييق والقتل لكل من يخالف رأيهم دينياً، فالقتل للإنسان ذي الدين الآخر بوصفه (كافراً) ولذي المذهب المغاير بوصفه (مشركاً)، وقد مارست بعض الجماعات عبر تجارب سياسية عديدة، الإكراه والإرغام للمجتمع ليطبّق ما يرونه من أحكام دينية، حتى لو لم يكن يؤمن بها أصلاً، وهذا السلوك أنتج حالة من التشويه للدين وأسّس رأياً عاماً سلبياً في المناطق الغربية حول الإسلام، فقد (أظهر استطلاع للرأي أجراه معهد (بيو) الدولي للأبحاث (أن غالبية الأمريكيين والأوربيين قلقون إزاء تزايد التطرف الإسلامي حول العالم) معتبرين (الإسلام أكثر الأديان عنفاً).
وشمل الاستطلاع 17 دولة منها 6 دول ذات غالبية مسلمة وهي لبنان واندونيسيا والمغرب والأردن وباكستان وتركيا، وشارك فيه 1000 مواطن من كل دولة.
وأبدى 22% من الأمريكيين الذين تم استطلاعهم (نظرة سلبية عن الإسلام) مقابل 57% (عبروا عن نظرة ايجابية). وذكر 34% من الفرنسيين المستطلعين (أن لديهم نظرة سلبية) مقابل (64% ايجابية). وأعرب غالبية الأوربيين والمشاركين في الاستطلاع عن (الشعور بتصاعد الهوية الإسلامية في بلادهم) معتبرين ذلك (سيئاً لمستقبلها) فيما أكد 84% من الروس و78% من الألمان و70% في كل من بريطانيا والولايات المتحدة (تزايد قلقهم من التطرف الإسلامي). (مجلة النبأ العدد 78 السنة الحادية عشر، رجب 1426ه ).
و لعل معرفة (الحرية الدينية) من خلال القرآن الكريم، هو السبيل لمحو هذا التصور القاتم للإسلام والمسلمين في أعين الآخرين، لتساهم هذه المعرفة في بناء ثقافة واضحة لا لبس فيها لأبعاد هذه الحرية ومدياتها.
الحرية الدينية
الحرية الدينية هي أن للفرد الحق في اختيار ما يعتقد به من دين من دون إكراه على إتباع دين دون آخر، لذلك نفى القرآن الكريم الإكراه في الدين، حيث قال: (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ) [البقرة: 256].
إلا أن القرآن الكريم ينبئنا بأن الدين الحق الذي جاء من عند الحق هو (الإسلام)، وقد دعا القرآن الكريم لتبنّي العقيدة الإسلامية، وإلى عبادة الله تعالى باعتبارها الغاية من الخلق، وأن نتيجة انتهاج الإسلام ديناً هو الفوز في الدنيا والآخرة، وأن رفض الدين الإسلامي لهو الخسران المبين، هذه الحقائق تحدّثت عنها الآيات الكريمة التالية:
(إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَابِ) [آل عمران: 19].
(وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [آل عمران: 85].
(وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) [الذاريات: 56].
• فكيف يمكن أن نفهم هذا التوجيه للإسلام كدين حق، في مقابل مبدأ الحرية الدينية في الاختيار؟
نجيب على هذا التساؤل من خلال وضع اليد على أسباب الانحراف الذي أصاب البعض في فهم (حقّانية الإسلام) والذي دعاهم لممارسات منافية لمبدأ الحرية، ويبدوا أن السبب في سلوك هذا المسلك هو الخلط بين مفهوم (التبليغ والدعوة) وبين مفهوم (الهداية)..
فالتبليغ مسئولية الإنسان المسلم، وهي وسيلة للوصول إلى الهداية وهي الدخول في الدين الحق.
والهداية شأن إلهي خاص، ليس لأحد التدخّل فيه.
لذلك فقد مارس البعض ممارسات ليست من شأنه ووكّل نفسه عن الله تعالى في هداية الناس، وكفّروا كل من لا يستجيب لطريقتهم و فهمهم للدين، وعمدوا بالتالي إلى ممارسة العقاب لكل هؤلاء، بإصدار فتاوى القتل أو الإرغام بقبول ما يعتقدونه حقّاً، بل ورأى بعضهم أن آيات القتال في القرآن الكريم هي الآيات الحاكمة في مسألة التعامل مع الآخر المختلف دينياً وعقيدياً، وهي ناسخة لآية (لا إكراه في الدين) ،وغيرها من الآيات الداعية للسلم واللين. [راجع كتاب (الحريات العامة في الدولة الإسلامية) للشيخ راشد الغنوشي، مركز دراسات الوحدة العربية. ط1، 1993م.)
فعندما نفرّق بين مسئولية الإنسان المسلم (الرسالية) وهي تبليغ الرسالة عبر الوسائل القرآنية، وبين الشأن الإلهي المختص وهو الهداية وما يصاحبها من (عقاب وثواب)، فإننا بلا شك سنقف على رؤية واضحة توازن بين الإيمان برسالة الإسلام كدين حق، وبين الحرية الدينية التي ينبغي أن يمارسها المجتمع.
مسؤولية التبليغ
لأن الدين الإسلامي هو الدين الحق، وهكذا آمن به الإنسان المسلم، فقد كلّفه الله تعالى بأن يؤدّي دوراً رسالياً تجاه هذا الدين، بأن يدعوا إلى الدين ويبلّغ الرسالة لبقية الناس، لكي يدخلوا في رحمة الله تعالى، حيث قال عز وجل:
(الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً) [الأحزاب: 39].
ومن الطبيعي أن الإنسان إذا عرف الحق والخير، فإنه يقوم بدعوة الناس إليه، ويوجّه لهم النصح بأن ينتهجوا منهجه ويقتفون أثره، خصوصاً إذا كانت له تبعات في الدنيا وفي الحياة الأخرى الأبدية، وهذه الدعوة هي لرفع حجب الجهل والغفلة عن عقل الإنسان لكي تصل به إلى طريق الهداية التي عرفها من الحق جل وعلا، يقول تعالى:
(أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) [الأعراف: 62].
نقلا: عن منتدى القرآن الكريم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.