عزيزى القارئ : اننا اليوم على موعد مع أعظم عبادة يتقرب بها العبد الى الله _ سبحانه وتعالى _ وأول عباده يسأل عنها العبد أمام مولاه , وأسمى عبادة ينبض بها القلب , وتتحرك بها الشفاه . اننا اليوم على موعد مع الصلاة ... تلك الفريضة التى ضيعها كثير من المسلمين , سواء من ضيعها منهم كلية فتركها ولم يؤدها أم من تركها تكاسلا وتأخيرا , أم من أداها وحافظ عليها بجوارحه دون قلبه وجنانه , فكان كمن أهانها واحتقرها , فهذه النداءات الخمس اسمعوها وعوها , واعتبروا بما فيها . النداء الاول ... الى اولئك الذين يسمون بأسماء المسلمين , ويدينون بدين المسلمين , وهم لا يعرفون من الاسلام الا اسمه , ولا من القران الا رسمه , أكلوا رزق الله وعبدوا غير الله , منعهم الكبر والهوى من السجود بين يدى مولاهم , فأين هم من نداء الله على المؤمنين ؟ وأين هم من قول سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم :( ان بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة ) فأي دين بلا صلاة ؟! وما معنى الانتساب للاسلام بغير صلاة ؟ وكيف تترك أخى الصلاة وهى تقربك من ربك وتباعد بينك وبين الجحيم ؟ الصلاة يشرح الله بها صدرك , ويكشف همك , ويفرج كربك . كان النبى صلى الله عليه وسلم يقول لبلال رضى الله عنه :( يابلال أقم الصلاة , أرحنا بها ) فلو أن أنسانا قدم اليك هديه , أو قدم اليك هديه , أو أرشدك الى الطريق , أو ساعدك فى حمل متاعك , أو ناولك شيئا سقط منك : ألا تقدم له الشكر ؟! فكيف بمن أنعم عليك نعما ظاهرة وباطنة ؟! كيف بمن خلقك فسواك فعدلك ؟! كيف بمن جعل لك عينين ولسانا وشفتين وهداك النجدين ؟! ألا يستحق شكرك ؟! ألا يستحق سجودك بين يديه ؟! ان الصلاة تشتكى الى الله تاركها , وكأنى اسمع الأ حشرجة صدرك وضيق نفسك وانزعاج قلبك وأنت بعيد عن السجود بين يدى ربك . وكأنى اسمع الأرض التى تمشى عليها وهى تلعنك , والسماء التى تظلك تلعنك , والدابة التى تركبها تلعنك , ملابسك تلعنك , الطعام الذى تأكله يلعنك , ولما لا , ألا تسمع قول الله عز وجل ( وكل شئ يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحه ) . فيا من تركت الصلاةلأنك غنى أو ثرى أو فنان أو مسئول كبير أو رياضى أو غرك شبابك فأنساك ربك , أعلم ان تركها لا يجعل بركة فى ثرائك , ولا فى عملك , ولا صحتك , ولا شبابك صلى أيها المسلم ان كنت تخاف الله العلى الكبير الذى توعد المستكبرين عن عبادته بالعذاب الاليم :( ان الذين يستكبرون عن عبادتى سيدخلون جهنم داخرين ) صلى أيها المسلم ان كنت صادقا فى اسلامك , ولا تخالف افعالك اقوالك . أيسرك أن يقال عنك يوم القيامة انك من المجرمين لانك لم تك من المصلين ؟. ايسرك أن يقول الله عز وجل لملائكته :( خذوه فغلوه ثم الجحيم صلوه , ثم فى سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فسلكوه ) أخى هل ينجيك اسفك وبكائك اذا عانيت من النار , وواجهت غضب الجبار ؟ صلى أخى فأنت لست فى غنى عن بك الرحمن . صلى أخى لترد كيد الشيطان , وتسكن الجنان . هيا بنا نرجع الى الماضى البعيد وعبر نافذة التاريخ , ونرى يزيد الرقاشى رحمه الله وهو تابعى جليل , جاء يوما يحدث نفسه ويبكى فيقول : ويحك يايزيد ,! من ذا يصلى عنك بعد الموت ؟! ومن ذا يصوم عنك بعد الموت ؟! ومن يترضى عنك بعد الموت ؟! ثم قام من مقامه وخطب فى الناس وقال : أيها الناس , من الموت طالبه والقبر بيته , والتراب فراشه , والدود أنيسه ,والمرور على جسر جهنم صراطه , والوقوف بين يدى الله مصيره , والى الجنة أو الى النار مأله , كيف يكون حاله ؟ صلى أخى المسلم فالصلاة نور يضئ لك قلبك , وينور قبرك ويشفع لك عند ربك . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( من حافظ على الصلاة كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة , ومن لم يحافظ عليها لم تكن له نورا ولا برهانا ولا نجاة وحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وامية بن خلف ) عليهم لعنة الله اجمعين الى يوم الدين . أخى أما سمعت المأذن تشق الفضاء ؟! أما غسلت فؤادك يوما بنور السماء ؟! تعالى معى ياحبيبى الى روضة من ضياء . تعالى الى حيث ينادى المنادى صباح ومساء . أخى المسلم لا أنك تصدقت فى يوم من الأيام , وصمت رمضان , وأكيد أديت مناسك العمرة وربما الحج الذى أصبح كزيارة الحدائق بالنسبة لبعض الفنانين وبعض الرياضيين وللكثير من الناس , ومنا من يبر والديه والواصلين لأرحامهم . أخى الق نظرة سريعة على حياتك وراجع أعمالك الصالحة ونأمل فيها , ثم أعلم أن الله ل، ينظر الى شئ منها !! ولا تندهش , أنا أعنى ما أقول , كل أعمالك سيؤجل النظر فيها , أولا سيطلب الله صلاتك وينظر فيها , الركوع والسجود , الطماميمة والخشوع , اداؤها فى وقتها اقامتها فى المسجد , فان صلحت سيصلح سائر عملك ولكن ان فسدت وكانت ناقصة وسريعة ولا حضور قلب ولا تدبر فيها , تؤخر عن وقتها , ان حدث ذلك فقد فسد سائر عملك لاقيمة له , لن يكافأ ولن يجزى عليه . فالصلاة هى مفتاح الاعمال , ومن ضيع هذا المفتاح فلن يدخل . هيا بنا أخى المسلم , هيا بنا عزيزى القارئ نسارع الى مغفرة من ربنا ونعمل بجد حتى لا نضيع مفتاح الجنة , ومفتاح النجاه . نسأل الله عز وجل أن يجعلنا وأياكم ممن يستمعون للقول فيتبعون أحسنه .