شدد الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر على أهمية دور المؤسسات التعليمية والإعلامية بأن تتخذ من "وثيقة الأزهر " خريطة عمل وتتحول بها من مباديء كلية لصياغة فكر ومستقبل مصر. وحذر الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، من شيوع الفكر المتشدد عالى الصوت الذي لا يأخذ من الدين سوى القشور، والذي يترافق معه فكر غربي بعيد كل البعد عن الشخصية والهوية المصرية التي كانت دائما تراعي التنوع والتعددية والاختلاف، مشيرا إلى أن مصر أصبحت ضحية لكلا الاتجاهين.
كما طالب بالتشاور والحوار المستمر بين وزارتي التعليم والثقافة والأزهر والكنيسة والمثقفين للوصول إلى معرفة مشكلات التعليم في المقام الأول، وتحديد رؤية محددة للشباب ومشكلاته وحلها برؤية ترتبط بواقع المجتمع، وبعث الحريات والآراء حول حقوق الإنسان، وصياغة ثقافة جادة جامعة معبرة عن كل هذا الحراك.
كما طالب الإمام الأكبر بضرورة استعادة أصول الثقافة الإسلامية وامتلاك القدرة على مواجهة ثقافة العولمة أو الأمركة التي تسعى للهيمنة على فكر وثقافة ومقدرات وتوجهات العالم أجمع.
وحذر شيخ الأزهر من تيار القشور الذي يأخذ من قشور الإسلام فيزيد غربة المسلمين عن ثقافتهم الإسلامية، ويجعل المجتمع في واد وواقعه في واد آخر.
جاء ذلك خلال افتتاحه أمس مؤتمر " التوافق الثقافي في ضوء وثيقة الأزهر " الذي نظمته مشيخة الأزهر بالتعاون مع مكتبة الإسكندرية، بمركز مؤتمرات الأزهر بالقاهرة، بحضور وزير الأوقاف الدكتور عبد الفضيل القوصي وكبار علماء الأزهر.
وقال الطيب: إن ثقافة الإسلام أصابتها بعض العلل والآفات، وأهمها آفة الانشطار والتمزق وجعلتها تنسحب من الريادة وتحجم عن تقديم الرواد وأصحاب الأفكار التي تقود الحراك الاجتماعي والثقافي.
كما انتقد شيخ الأزهر ما وصفه بحالة التناقض المصطنع بين التراث وحداثة الغرب، وتعدد المرجعيات وتأرجحها بين التغريب عند قوم، وبين تيارات إسلامية عند قوم أو مقطوعة الصلة عن الإسلام عند آخرين، وإلى تيارات أخرى قومية وغير قومية أخطرها المتأرجحة بين ثقافة التغريب وثقافة التراث، وأصبحنا متنازعين بين ثقافتين ثقافة ترمينا إلى الوراء، وثقافة ترمينا إلى البحر.
وقال شيخ الأزهر: إن مصر تنادي الجميع وتستصرخ أبناءها بكل ثقافتهم وأطيافهم أن يحرصوا عليها وأن ينتشلوها مما آلت إليه لأنها جديرة لأن تعود لتكون درة الشرق وتكون أم الدنيا وفاتنة الدنيا وحسناء الزمان.
من جانبه أعلن الدكتور إسماعيل سراج الدين ترجمة وثيقة الأزهر إلى تسع لغات عالمية، مطالبا القوى السياسية والتيارات الفكرية كافة، على اختلاف توجهاتها بتبنى تلك الوثيقة التي جاءت ترجمة عملية لدور ومكانة الأزهر في مصر والعالم.