تشهد محافظة حضرموت خلال الأسابيع الأخيرة تحولًا نوعيًا في موازين القوى، بعدما نجح المجلس الانتقالي الجنوبي في ملء الفراغ الأمني والسياسي داخل الوادي، ما أعاد ترتيب مراكز النفوذ في واحدة من أكثر المحافظات حساسية في المشهد اليمني. ويشير مراقبون إلى أن هذا التطور ليس حدثًا محليًا معزولًا، بل جزء من إطار أوسع يهدف إلى تهيئة مسرح عمليات جديدة ضد الحوثيين، في ظل تصريحات رسمية تتحدث للمرة الأولى عن انتقال القيادة اليمنية من الدفاع إلى الهجوم. كيف تواجه الحكومة اليمنية محاولات الالتفاف على أنظمة الواردات وسط ضغوط الحوثيين؟ ما دلالات تجديد العقوبات الأممية على الحوثيين؟... جرائم وانتهاكات ترقى إلى مستوى «جرائم حرب» القيادة اليمنية تغيّر قواعد الاشتباك وأكد نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، طارق صالح، أن ما يحدث في حضرموت يدخل ضمن عملية إعادة ترتيب مسرح العمليات العسكرية، مشيرًا إلى أن المرحلة المقبلة تستعد لخطوة حاسمة تستهدف استعادة صنعاء وتحريرها. ويؤشر هذا التصريح إلى تحول لافت في فلسفة إدارة الصراع، فبدلًا من سياسة الاحتواء، تتجه القيادة إلى إعادة ضبط خطوط المواجهة، وإغلاق الثغرات التي استفاد منها الحوثيون خلال السنوات الماضية، سواء عبر التهريب أو تدوير القوة بين جبهات رخوة. المحافظاتالشرقية: شريان تهريب يُقطع لأول مرة يتجاوز المشهد حدود حضرموت ليصل إلى المحافظاتالشرقية مثل شبوة والمهرة، حيث تشهد تحركات أمنية وعسكرية واسعة تهدف إلى قطع مسارات التهريب التي مكّنت الحوثيين من استقدام الأسلحة والخبراء خلال فترات ضعف الرقابة. تاريخيًا، عبرت شبوة شحنات نوعية تضمنت قطعًا للطيران المسيّر وخبراء ذوي ارتباطات خارجية، بينما شكلت ثغرات في المهرة مسارات إضافية ساهمت في تعزيز القدرات الجوية للحوثيين. ومع تضييق الخناق اللوجستي، وتصدع الجبهة الداخلية للحوثيين، وظهور توافق غير مسبوق بين القوى المناوئة لهم، يبدو أن اليمن يقف أمام لحظة مفصلية قد تعيد رسم خريطة النفوذ بشكل كامل. المجلس الانتقالي الجنوبي يطلق اعتصامًا مفتوحًا أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي السبت عن إطلاق اعتصام مفتوح في حضرموت، بهدف الضغط لدعم خيار الانفصال وتحقيق ما يسميه المجلس "الدولة الجنوبية". تأتي هذه الخطوة بعد أيام من سيطرته على مساحات واسعة من المحافظة، ما يعكس تصاعد نفوذ المجلس في المناطق الجنوبية الحيوية. تفاصيل الاعتصام في سيئون والمكلا قال محمد عبد الملك الزبيدي، رئيس فرع المجلس في وادي وصحراء حضرموت، إن الاعتصام سيبدأ اعتبارًا من فجر يوم الأحد في مدينة سيئون، وسيستمر على مدار الساعة حتى تحقيق المطالب المعلنة. وأكد أن الهدف هو استكمال تطلعات شعب الجنوب بشكل عام وحضرموت بشكل خاص للمطالبة بإعلان دولة الجنوب العربي. وأشار الزبيدي إلى أن الاعتصام يمثل أيضًا رسالة لدول الإقليم، بما في ذلك دول التحالف العربي بقيادة السعودية، والمجتمع الدولي والأمم المتحدة، من أجل "احترام إرادة شعب الجنوب في الحرية ونيل الاستقلال". وفي بيان لاحق، أعلن المجلس عن اعتصام متزامن في مدينة المكلا، داعيًا أنصاره للمشاركة الفاعلة بنفس الشعارات والمطالب. تعزيز النفوذ السياسي للمجلس الانتقالي الجنوبي تأتي هذه التحركات بعد يومين فقط من سيطرة المجلس الانتقالي على مساحات واسعة من حضرموت، التي تمثل نحو ثلث مساحة اليمن. وتعد هذه الخطوة مؤشرًا على قدرة المجلس على ملء الفراغ الأمني والسياسي بعد سنوات من ضعف السيطرة الرسمية في بعض المناطق. خلفية المجلس الانتقالي الجنوبي ومطالبه بالانفصال تأسس المجلس الانتقالي الجنوبي عام 2017، ويشرف على إدارة عدة محافظات في جنوب اليمن، ويطالب بما يسميه استقلال الجنوب، في إشارة واضحة إلى الانفصال عن شمال اليمن، مستندًا إلى خلفية تاريخية وسياسية تعود إلى مرحلة ما قبل الوحدة اليمنية. ويعتبر المجلس أن إعلان الدولة الجنوبية يمثل تحقيقًا لطموحات سياسية واجتماعية لسكان الجنوب، كما يعزز دوره في المفاوضات السياسية المستقبلية على المستوى المحلي والإقليمي. ردود الفعل المحتملة والمستقبل السياسي من المتوقع أن يلقى الاعتصام المفتوح دعمًا واسعًا من أنصار المجلس في حضرموت والمناطق الجنوبية الأخرى، بينما قد تثير هذه الخطوة تحديات جديدة أمام الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا. ويؤكد المراقبون أن استمرار هذه التحركات يعكس تصاعد دور المجلس في المشهد اليمني وقدرته على الضغط لإحداث تغييرات سياسية ملموسة، وبينما يبقى الوضع في جنوب اليمن متوترًا، فإن مراقبة تحركات المجلس الانتقالي الجنوبي ستكون مؤشرًا رئيسيًا على تطورات الأزمة السياسية والأمنية خلال الفترة المقبلة، خصوصًا مع استمرار الحديث عن مطالب الانفصال والدولة الجنوبية. حرب مالية جديدة.. هل ينجو النظام المصرفي اليمني من قبضة الحوثيين؟ الانشقاقات في صفوف الحوثيين تكشف عن أزمة ثقة عميقة: صلاح الصلاحي نموذجًا