أعلنت الولاياتالمتحدة في نوفمبر 2025 عن اتفاق سلام تاريخي بين جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا، برعاية مباشرة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في خطوة تهدف إلى إنهاء واحد من أطول النزاعات في إفريقيا والذي يمتد لأكثر من ثلاثين عامًا في إقليم شرق الكونغو الغني بالمعادن. جرى الإعلان عن الاتفاق خلال حفل توقيع رسمي في واشنطن بحضور الرئيس الرواندي بول كاغامي ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي، وسط إشادة أمريكية بالخطوة باعتبارها "إنجازًا دبلوماسيًا يعيد رسم مستقبل الأمن في منطقة البحيرات العظمى". خارطة طريق في الدوحة تدعم الاتفاق وفي منتصف نوفمبر، شهدت العاصمة القطرية الدوحة توقيع خارطة طريق تمهيدية بين حكومة كينشاسا وحركة "إم 23"، التي تُعد أبرز القوى المسلحة المؤثرة في المعادلة الأمنية شرق الكونغو. وهدف الاتفاق إلى دعم المساعي الأمريكية عبر: تثبيت وقف إطلاق النار إنشاء لجنة إشراف مشتركة بين الحكومة والحركة وضع آليات لانسحاب القوات الرواندية المزعومة فتح ممرات إنسانية للمدنيين وأكدت الكونغو أن احترام السيادة الوطنية يأتي في صدارة أولوياتها، فيما شددت رواندا على التزامها بالمسار السياسي رغم اتهامات متبادلة بين الجانبين بشأن عرقلة التنفيذ.
اشتباكات جديدة تهدد الاتفاق ورغم أجواء التفاؤل عقب توقيع الاتفاق، اندلعت خلال الأيام الأخيرة اشتباكات عنيفة بين الجيش الكونغولي (FARDC) وحركة "إم 23" في محاور عدة شرق البلاد، لا سيما قرب مدينتي غوما وبوكاڤو اللتين تسيطر الحركة على أجزاء واسعة منهما منذ يناير 2025. ويتهم الجيش الكونغولي الحركة بارتكاب خروقات متكررة للهدنة عبر شن هجمات مباغتة على وحداته. في المقابل، ترد الحركة باتهام الجيش بإطلاق عمليات واسعة تتعارض مع بنود وقف إطلاق النار، مما يعيد التوتر إلى مستوى ينذر بنسف المكاسب الدبلوماسية الأخيرة. خلفية النزاع ومخاطر الفشل تعود جذور الأزمة إلى التسعينيات، حين تفجرت سلسلة من الحروب الأهلية وتداخلت فيها جماعات مسلحة وقوى إقليمية، وسط اتهامات مستمرة من الكونغو لرواندا بدعم حركة "إم 23" للسيطرة على مناطق غنية بالمعادن، بما في ذلك الذهب والكولتان المستخدم في الصناعات التقنية. ويرى مراقبون أن فشل تنفيذ اتفاق واشنطن قد يؤدي إلى: موجة نزوح جديدة شرق الكونغو تصاعد نفوذ الجماعات المسلحة انتشار الفوضى عبر الحدود إلى أوغندا وبوروندي انهيار الثقة بين كينشاسا وكيغالي الجانبان يعترفان بأن التقدم الميداني ما يزال هشًا، وأن نجاح الاتفاق مرهون بقدرة الأطراف على ضبط الاشتباكات والالتزام بآليات الانسحاب. ختامًا: بينما قدم اتفاق واشنطن والدعم القطري بصيص أمل لإنهاء عقود من العنف، فإن الاشتباكات المتجددة تُظهر هشاشة المسار السياسي، ما يضع الولاياتالمتحدة أمام تحدٍ دبلوماسي حقيقي لضمان استمرار الهدنة وتهيئة الأرضية لسلام مستدام في منطقة البحيرات العظمى.