تشهد سوريا في ديسمبر 2025 مرحلة حساسة تجمع بين تصعيد عسكري داخلي وخارجي، وانفتاح سياسي هو الأكبر منذ أكثر من عقد، وتتشابك هذه العوامل لتشكل واقعًا جديدًا يحمل ملامح انتقال سياسي واقتصادي بعد سقوط حكومة بشار الأسد في نهاية 2024. وبينما تتجه بعض القوى الدولية لإعادة الانخراط في الملف السوري، تبقى الأوضاع الأمنية على الأرض هشة ومعقدة، مما يضع البلاد على حافة مفترق طرق قد يحدد مستقبلها لسنوات طويلة. تصعيد عسكري واسع.. الجنوب يتصدر المشهد والغارات الإسرائيلية تضرب العمق السوري يشهد الجنوب السوري، خصوصًا محافظة السويداء، تصعيدًا متواصلًا في الاشتباكات بين فصائل درزية وبدوية مسلّحة، وسط محاولات محلية لفرض تهدئة لم تنجح حتى الآن. وتمتد المواجهات إلى جيوب متفرقة في الساحل وريف دمشق، حيث تخوض قوات الأمن السورية الجديدة مواجهات متكررة مع مجموعات موالية للنظام السابق. وفي تطور لافت، كثفت إسرائيل ضرباتها العسكرية داخل الأراضي السورية خلال الأسابيع الماضية، مستهدفة مواقع يُعتقد أنها تستخدم من قبل مجموعات مدعومة من إيران. وشمل القصف مواقع حساسة في محيط القصر الرئاسي ووزارة الدفاع في دمشق، ما يعكس تصعيدًا إقليميًا جديدًا ينذر بتوترات أكبر خلال المرحلة المقبلة. انفتاح سياسي غير مسبوق.. واشنطن تعود إلى الطاولة بشروط جديدة سياسيًا، تشهد سوريا حراكًا دبلوماسيًا لافتًا مع انطلاق لقاءات ثلاثية بين ممثلين من دمشقوواشنطن ودول أوروبية. وتؤكد مصادر دبلوماسية أن الإدارة الأميركية أعادت النظر في مقاربتها للملف السوري، وأنها باتت منفتحة على شراكة مشروطة تهدف إلى إنهاء العزلة الدولية التي فرضت على النظام السابق. وترافق هذه التحركات مع عودة الاستثمارات الغربية، حيث بدأت شركات كبرى من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بتنفيذ مشاريع طاقة وبنى تحتية تقدر قيمتها بنحو 7 مليارات دولار، في مؤشر واضح على تغير الاستراتيجية الدولية تجاه سوريا. هشاشة أمنية تمتد من دمشق إلى الساحل ورغم التقدم السياسي، لا تزال الأوضاع الأمنية شديدة الهشاشة. إذ تقوم مجموعات مسلحة موالية للنظام السابق بتنفيذ هجمات متقطعة في الساحل وريف دمشق، مستهدفة دوريات ومراكز أمنية. وأسفرت هذه الهجمات عن سقوط قتلى وجرحى، ما تسبب في إبطاء مسار تثبيت الأمن والاستقرار. كما تشهد بعض المناطق أعمال عنف عشوائية واعتداءات متفرقة تزيد من تعقيد الإغاثة الإنسانية، وتعرقل جهود عودة الخدمات الأساسية إلى القرى والمدن التي تضررت خلال السنوات الماضية.
عودة اللاجئين.. موجات واسعة بعد عام على سقوط نظام الأسد منذ نهاية 2024، عاد مئات الآلاف من اللاجئين السوريين من تركيا ولبنان وأوروبا. ورغم أنّ عودة هذا العدد الكبير تعكس مرحلة جديدة من الأمل، إلا أن محدودية الخدمات الأساسية وارتفاع نسب البطالة والفقر تجعل الاستقرار الاجتماعي في حالة هشّة. وتؤكد منظمات محلية أن موجات العودة مرشحة للزيادة خلال 2026 إذا استمرت المؤشرات الحالية. دمج قسد في مؤسسات الدولة.. خطوة مفصلية لإعادة الهيكلة أحد أبرز التحولات التي تشهدها سوريا حاليًا هو بدء عملية دمج قوات سوريا الديمقراطية (قسد) ضمن مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية الجديدة. وتعد هذه الخطوة تحولًا جذريًا في توازن القوى داخل البلاد، وتمهد – حسب محللين – لمرحلة تهدئة واسعة في شمال وشمال شرق سوريا، وقد تشكل أساسًا لتسوية سياسية شاملة تشمل جميع أطراف النزاع. الصراع في السويداء.. أزمة محلية بامتداد إقليمي لا تزال محافظة السويداء محورًا للأحداث، وسط اشتباكات متكررة بين فصائل درزية ومجموعات بدوية مسلحة. ورغم تدخل وجهاء المنطقة والوسطاء الدوليين، إلا أن التوتر مستمر نتيجة خلافات عميقة حول النفوذ والموارد وضبط السلاح. ويعتبر مراقبون أن الجنوب قد يتحول إلى اختبار حقيقي لقدرة الدولة الجديدة على فرض الاستقرار.