وافق الرئيس عبد الفتاح السيسي على إصدار قانون الإجراءات الجنائية الجديد، بعد أن أقر مجلس النواب في جلسته العامة المنعقدة بتاريخ 16 أكتوبر 2025 التعديلات المطلوبة على المواد محل الاعتراض. وجاءت التعديلات لتلافي الأسباب التي أبدتها رئاسة الجمهورية، مع تعزيز الضمانات الخاصة بحماية الحقوق والحريات العامة، وتحقيق الوضوح التشريعي، وتجنب أي لبس في التفسير أو التطبيق العملي. موعد تطبيق القانون وإتاحة الوقت للتأهيل تقرر أن يبدأ العمل بالقانون الجديد اعتبارًا من أول العام القضائي التالي لتاريخ إصداره، أي في الأول من أكتوبر 2026، وذلك لإتاحة الوقت الكافي أمام القضاة وأعضاء النيابة العامة ومأموري الضبط القضائي والمحامين للاطلاع على الأحكام المستحدثة، وتمكين المحاكم من إنشاء مراكز الإعلانات الهاتفية المنصوص عليها في القانون. تعزيز الحماية الدستورية والضمانات القانونية تضمنت التعديلات الجديدة توضيحًا دقيقًا لحالات دخول المساكن على سبيل الاستثناء وفقًا لضوابط محددة مثل حالات الاستغاثة أو الخطر الناجم عن الحريق أو الغرق أو ما شابه ذلك. كما تم تنظيم إجراءات حضور المحامين أثناء استجواب المتهمين الذين يُخشى على حياتهم، وزيادة الضمانات الخاصة بالمتهمين المودعين بمراكز الإصلاح والتأهيل أو أماكن الاحتجاز، بحيث يكون الإيداع بمبررات محددة ولمدة مؤقتة وتحت رقابة قضائية مع منح المتهم الحق في الطعن على قرار الإيداع أو تمديده. توسيع بدائل الحبس الاحتياطي وتقليص اللجوء إليه أدخل القانون الجديد سبعة بدائل للحبس الاحتياطي بدلًا من ثلاثة، بهدف تمكين سلطة التحقيق من اختيار الإجراء الأنسب لتجنب الحبس إلا في أضيق الحدود. ومن بين هذه البدائل إلزام المتهم بعدم مغادرة نطاق جغرافي محدد، أو الامتناع عن مقابلة أو الاتصال بأشخاص بعينهم، أو منعه من حيازة الأسلحة، بالإضافة إلى استخدام وسائل تقنية لتتبع المتهم بقرار يصدر من وزير العدل بالتنسيق مع وزيري الداخلية والاتصالات. متابعة حقوق الإنسان وسرعة إنجاز القضايا استجابة لتوصية اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان بوزارة الخارجية، نص القانون على عرض أوراق القضية التي يُحبس المتهم على ذمتها احتياطيًا على النائب العام كل ثلاثة أشهر بدلًا من مرة واحدة فقط، لمتابعة سير التحقيقات وضمان عدم إطالة مدة الحبس. كما أكد القانون على استمرار العمل بالإجراءات التقليدية للإعلان إلى جانب الوسائل الإلكترونية الجديدة، حفاظًا على انتظام سير العدالة. ضمان حق الدفاع والمحاكمة العادلة شمل القانون زيادة الضمانات المقررة للمتهمين في قضايا الجنايات الغيابية، حيث أُلزمت المحكمة بتأجيل نظر الاستئناف لمرة واحدة عند تعذر حضور المتهم أو وكيله الخاص، لإتاحة الفرصة له للدفاع عن نفسه وضمان محاكمة عادلة ومنصفة. خطوة جديدة نحو عدالة أكثر إنصافًا تمثل هذه التعديلات التشريعية نقلة نوعية في منظومة العدالة الجنائية بمصر، إذ تسهم في تقوية ضمانات حماية الإنسان، وتحد من اللجوء إلى الحبس الاحتياطي، وتسرّع من وتيرة التحقيقات والمحاكمات، بما يحقق التوازن بين حماية المجتمع وصون الحقوق والحريات العامة.