بتيجي ما بين الترفيه والخطر أصبحت الألعاب الإلكترونية جزءًا لا يتجزأ من حياة الأجيال الجديدة، إذ يقضي الأطفال والمراهقون ساعات طويلة أمام الشاشات لممارسة ألعاب مثل "بابجي" (PUBG) التي حققت انتشارًا عالميًا واسعًا. ورغم الجانب الترفيهي الذي توفره اللعبة، إلا أن الأصوات التحذيرية تتعالى من خبراء التربية والصحة النفسية بشأن تأثيراتها السلبية على الأطفال. العنف والسلوك العدواني تعتمد لعبة بابجي على القتال وإطلاق النار، ما يجعل الطفل يتعرض باستمرار لمشاهد عنيفة. ويرى الدكتور أحمد زكريا، استشاري الطب النفسي للأطفال، أن "التكرار المستمر لمشاهد العنف يؤدي إلى تقليل حساسية الطفل تجاه الدماء والقتل، ويجعل السلوك العدواني أكثر تقبلًا في واقعه اليومي". وتشير دراسات علمية حديثة إلى أن الأطفال الذين يمارسون الألعاب العنيفة بانتظام يكونون أكثر عرضة للتصرف بعدوانية مقارنة بغيرهم. الإدمان والتعلق المفرط تعد إدمانية الألعاب الإلكترونية من أخطر المشكلات المرتبطة ببابجي. منظمة الصحة العالمية اعترفت رسميًا بأن إدمان الألعاب هو "اضطراب صحي ونفسي" يؤثر على الأطفال والمراهقين. وتكشف إحصائية حديثة صادرة عن "مركز أبحاث الإعلام الرقمي" أن أكثر من 25% من الأطفال العرب يقضون 5 ساعات يوميًا أو أكثر في ممارسة الألعاب الإلكترونية، وهو معدل يفوق المعدلات الصحية الموصى بها. العزلة الاجتماعية الانغماس في عالم بابجي الافتراضي يؤدي إلى العزلة والانطواء، حيث يفضل الأطفال التواصل مع لاعبين مجهولين عبر الإنترنت على حساب التفاعل مع الأسرة والأصدقاء. هذا ما يؤكده الدكتور محمد عبد الستار، خبير علم الاجتماع، الذي يرى أن "العزلة التي تسببها الألعاب الإلكترونية تضعف قدرة الطفل على تكوين صداقات حقيقية وتؤثر على مهاراته الاجتماعية". الأثر النفسي والصحي من أبرز الآثار الجانبية التي يرصدها الأطباء: القلق والتوتر الناتجان عن الخسارة المستمرة أو الرغبة في الفوز بأي ثمن. هذا الضغط النفسي يرافقه مشكلات جسدية مثل ضعف النظر، آلام الرقبة والظهر، واضطرابات النوم. وتشير دراسة أجريت بجامعة هارفارد عام 2024 إلى أن الأطفال الذين يقضون أكثر من 3 ساعات يوميًا أمام الألعاب الإلكترونية ترتفع لديهم احتمالات الإصابة باضطرابات النوم بنسبة 40% مقارنة بغيرهم. المحتوى غير المناسب المخاطر لا تتوقف عند العنف فقط، بل تمتد إلى تعرض الأطفال لمحادثات غير لائقة أو محتوى غير مناسب أثناء اللعب عبر الإنترنت. ويؤكد خبراء أمن المعلومات أن بعض المنصات تشكل بيئة خصبة لمحاولات الاستدراج أو التنمر الإلكتروني، وهو ما يستدعي رقابة صارمة من أولياء الأمور. كيف نواجه مخاطر بابجي؟ 1. تحديد أوقات اللعب جدولة أوقات اللعب بحيث لا تتجاوز ساعة أو ساعتين يوميًا، مع الالتزام الصارم بها. 2. الرقابة الأبوية استخدام تطبيقات الرقابة الأبوية لمتابعة ما يشاهده الطفل، وضبط المحتوى غير المناسب. 3. التوعية والتوجيه تثقيف الأطفال حول مخاطر الإدمان والعنف بأسلوب مبسط يساعدهم على إدراك خطورة الإفراط في اللعب. 4. بدائل صحية تشجيع الطفل على ممارسة الرياضة، الفنون، أو الأنشطة الجماعية كبدائل إيجابية تغنيه عن قضاء وقت مفرط أمام الشاشة. لعبة بابجي قد تكون ممتعة ومثيرة، لكنها تحمل في طياتها مخاطر نفسية وصحية واجتماعية إذا لم يتم ضبطها. الحل يكمن في التوازن والرقابة الأبوية، مع تقديم بدائل إيجابية تساعد الأطفال على استثمار وقتهم بشكل صحي. وفي النهاية، يظل دور الأسرة هو خط الدفاع الأول لحماية الأبناء من سلبيات العالم الرقمي.