حينما أصبحتُ أمًّا تبدلت الحياة في كل شيء، فقد أصبحتُ أشبه الأمهات في تفاصيل كثيرة. أصبحت تلك المرأة التي ترك الحمل والوضع علامات في جسدها، فقد تغيّرت ملامح وجهي وأصبحت أكثرنضجًا فقد نشأ في أعماق ذلك الجسد مخلوق تشبع جسده من ذلك الجسد لنحت في عظامه ليكتسب في جسده الضعيف. فقد أصبحت تلك الفتاة التي لا تبالي ولا تُعطي وقتًا للألم أو المرض، فهذه الرفاهية لم تعد موجودة بعد. لم تعد تلك الفتاة المدللة التي تنام لساعات طويلة، والتي ترتاح لأسبوع ان أصابها البرد قليلًا، بل أصبحت أم حينما تمرض لا تبالي فهناك من يحتاج وجودها على مدار اليوم. أصبحت الشخص الذي يُهلل ويصفق ويضحك ويمدح ويهذّب ويعلّم، وفي الخارج ابتسامة وتشجيع، وفي أعماقها طفلة صغيرة تجلس في ركن بعيد مظلم تبكي شدّة الألم، والحالة النفسية والمزاجية في أعماقها شخص يبكي دون صوت. أصبحت أمًّا تفكر كل لحظة فيما هو حاضر ومستقبل لذلك المخلوق الذي تربع على عرش قلبها من أول يوم سكن رحمها وروحها فقد أصبح جزءً منها يسكن أحشائها وتنمو وتمتد جذور محبته في نفس الجسد. فقد أصبحت خادمًا أمينًا من الله لتلك الهدية السماوية، فهي الأمانة العظيمة التي وهبت روحي لخدمتها وسخّرت طاقتي لحمايتها، فقد قطعت عهدًا على أن لا أدّخر عنها شيئًا من طاقتي وروحي. فقد أصبحت أمًّا قائمًا بأعمال أصنع إنسانًا نافعًا في المجتمع. أصبحت حصنًا منيعًا يحمي الأمانة الإلهية من الوقوع في منحدر الثقافة العربية والألعاب الإلكترونية. أصبحت أتصدى لسهام الأكاذيب والنفاق والعادات والتقاليد المختلفة عن مجتمعنا المصري. فكيف أواجه التنمّر؟ وكيف أرسّخ المفاهيم الصحيحة؟ حينما أصبحتُ أمًّا أصبحت أسعى للقمة، ليس لي أنا ولكن لنسخة اقتبست من روحي خير ما فيها، وأحاول أن أجنّبها أسوأ ما في تلك الحياة. حينما أصبحتُ أمًّا أدركت أنه لا مكان للسعادة إلا في أحضان ذلك الصغير، حتى وإن أصبح رجلًا، فما زال صغيرًا، فهو بضع مني، كيف أرى بضعًا مني كبيرًا، ولكن مشاعر تتصارع بداخلي فأنا أري إنه بطل حياتي شخص ليس له مثيل في الحياة فهو الأفضل والأكثر تميزًا. ولا استطيع ان اتحدث عنهما دون ذكر أسميهما فقد أسميت أحدهما "يوسف"، على أمل أن يكون يومًا ما أمينًا على خزائن الأرض، وعزيزًا في قومه، وملك يسجد له الشمس والقمر والكواكب، اتمني أن يكون حلمه في النهاية حقيقة. أما هدية الله الثانية قد اسميتها "ياسين" لكي يكون جزءًا لا يتجزأ من كلام الله فهو كلمة من الله، ولعلي الله أرسله ليكون حكيما مباركأً وروح غالية، فهو تلك القطعة التي اقتطعها الله مني لتصبح أنسان في الحياة اتمني له ان يكون في يوم ما عالمًا أو ذي قوة وشأن عظيم. ولكن أعود لأتذكر أنه حينما أصبحت أمًّا لم أستطع أن أجد لنفسي مكانًا، ولا أن أحصل على جزء من طاقتي لشخصي، فهناك من هو أهم وأغلى. أصبحت تلك الأم التي توفر كل شيء لتعطيه بكل حب ودون انتظار المقابل، لتلك الروح المهدأة من الرب. فليحفظ الله أبنائي وأبناءكم داخل حصن رعايته، لكي يكونوا أشخاصًا ناجحين في مجتمعنا، ليس فقط العربي ولكن في جميع مجتمعات العالم، يكون لهم بصمة خالدة.