في واقعة هزّت الأوساط الثقافية والأثرية وأثارت جدلًا واسعًا في الشارع المصري، تمكنت وزارة الداخلية من كشف تفاصيل واحدة من أخطر عمليات سرقة الآثار في السنوات الأخيرة، بعد الإبلاغ عن اختفاء أسورة ذهبية نادرة تعود للعصر المتأخر من الحضارة المصرية القديمة من داخل معمل الترميم بالمتحف المصري. ولم تتوقف الجريمة عند حد السرقة فقط، بل شهدت سلسلة من الأحداث المتلاحقة انتهت بصهر القطعة الأثرية وإفقادها قيمتها التاريخية، مما مثّل خسارة فادحة للتراث المصري والعالمي. وكشفت التحقيقات خيوط الجريمة منذ لحظة وقوعها وحتى ضبط المتورطين، حيث أدلى المتهمون باعترافات صادمة حول كيفية التخطيط للسرقة وبيع الأسورة وأرباح العملية التي تحققت قبل أن تتمكن الأجهزة الأمنية من الإيقاع بهم.
بداية الجريمة من داخل معمل الترميم كشفت التحقيقات أن المتهمة الرئيسية، وهي أخصائية ترميم بالمتحف المصري، استغلت طبيعة عملها وتسللت إلى معمل الترميم يوم 9 من الشهر الجاري. واستغلت انشغال زملائها وتمكنت من فتح الخزينة الحديدية وسرقة الأسورة بأسلوب المغافلة، قبل أن تخرجها من المتحف وتبدأ في البحث عن مشترٍ لها. انتقال الأسورة بين أيادي التجار بعد تنفيذ عملية السرقة، تواصلت أخصائية الترميم مع أحد معارفها وهو تاجر فضيات بمنطقة السيدة زينب، وعرضت عليه بيع الأسورة مقابل مبلغ مالي. وبالفعل تم الاتفاق وبيعت القطعة بمبلغ 180 ألف جنيه، لينقلها التاجر إلى مالك ورشة ذهب في منطقة الصاغة، الذي بدوره باعها إلى عامل في مسبك مقابل 194 ألف جنيه، محققًا ربحًا قدره 14 ألف جنيه. صهر الأسورة وإخفاء معالمها الأثرية اعترف العامل بالمسبك أنه قام بصهر الأسورة ودمجها ضمن مصوغات ذهبية أخرى بهدف إخفاء ملامحها الأثرية نهائيًا، وهو ما أفقد القطعة قيمتها التاريخية وأدى إلى ضياع أثر فريد من آثار مصر القديمة. جهود وزارة الداخلية لكشف الجريمة وزارة الداخلية أعلنت تفاصيل الواقعة بعد تلقي بلاغ رسمي يوم 13 من الشهر الجاري من وكيل المتحف المصري وأحد أخصائيي الترميم. على الفور تم تشكيل فريق بحث جنائي أسفر عن تحديد هوية المتهمة وضبطها، إلى جانب جميع المتورطين في عملية البيع والشراء. كما تم ضبط المبالغ المالية الناتجة عن عملية البيع بحوزتهم. الصور التي وثقت لحظة البيع نشرت وسائل الإعلام صورًا توثق لحظة بيع الأسورة، حيث ظهر الجواهرجي وهو يخرج القطعة من جراب قماشي ويسلمها للمشتري الذي فحصها باستخدام بنسة ووزنها قبل دفع ثمنها. وشكلت هذه الصور الدليل الأبرز على تسلسل الأحداث قبل ضياع القطعة نهائيًا بعد صهرها. الإجراءات القانونية بحق المتهمين عقب انتهاء التحقيقات الأولية، تم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق جميع المتورطين وإحالتهم للنيابة العامة التي تباشر التحقيق في الواقعة، وسط مطالبات من الأوساط الثقافية بتشديد الإجراءات الأمنية لحماية التراث المصري من أي محاولات مماثلة في المستقبل.