يحظى قطاع التعليم بشكل عام، والتعليم الفني بشكل خاص، باهتمام كبير من جانب الدولة المصرية، التي تنظر إليه باعتباره أحد أهم طرق الاستفادة من الطاقات البشرية في تعزيز الاقتصاد المصري، وتعظيم قطاعات عدة، على رأسها الصناعة، بالإضافة إلى تعظيم القيمة المضافة للموارد البشرية المصرية. ودائما ما يوجه الرئيس عبد الفتاح السيسي، بالتوسع في إنشاء مدارس التعليم الفني، وجذب الطلبة للدراسة بها، وتغيير الثقافة المجتمعية حياله بإنشاء مسار للتعليم التكنولوجي الجديد، يختلف عن التعليم الجامعي التقليدي ويخفف الضغط عليه، بما يتناسب مع احتياجات العصر وسوق العمل. وفي هذا السياق، وخلال اجتماع مجلس الوزراء، الذي عقد، اليوم الأربعاء، قال الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء إن التعليم الفني يحظى بأهمية استثنائية من جانب الرئيس عبد الفتاح السيسي، وذلك من خلال التوجيه بإنشاء المزيد من مدارس التكنولوجيا التطبيقية في التخصصات الصناعية والاستثمارية، أملا في توطين الصناعات الكبرى، لتصبح السوق المصرية مفتوحة أمام الشباب المصري. وجاء هذا الاجتماع، امتدادا للاجتماع الذي عقده رئيس الوزراء، يوم الأحد، 13 يونيو الحالي، لاستعراض استراتيجية تطوير التعليم الفني، وذلك بحضور الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم، والتعليم الفني، والدكتور محمد مجاهد، نائب وزير التربية والتعليم لشئون التعليم الفني، واللواء عصام بصيلة، رئيس الإدارة المركزية للتعليم الفني. وخلال الاجتماع، عرض الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم، والتعليم الفني، استراتيجية تطوير التعليم الفني، ودور التكنولوجيا الحديثة في تطبيقاتها. خصائص منظومة التعليم الفني: في مستهل عرضه، أشار وزير التربية والتعليم، والتعليم الفني، إلى خصائص منظومة التعليم الفني والتدريب المهني (TVET) في مصر، والتي تعد وزارة التربية والتعليم، والتعليم الفني، هي الجهة الرئيسة المسئولة عنها، والتي تقدم خدمات التعليم الفني النظامي في مرحلة التعليم قبل الجامعي. 2 مليون طالب: ولفت الوزير إلى أن عدد طلاب التعليم الفني، خلال العام الدراسي الحالي 2020 - 2021، تخطى مليوني طالب. استراتيجية واضحة لتطوير التعليم الفني: وقال الدكتور طارق شوقي إن وزارة التربية والتعليم، والتعليم الفني، بدأت اعتبارا من يوليو 2018، في تبني استراتيجية واضحة لإصلاح وتحويل وتطوير التعليم الفني، حيث تم بناء هذه الاستراتيجية على خمس ركائز تتمثل في: 1- تحسين الجودة عن طريق إنشاء هيئة مستقلة لضمان الجودة والاعتماد في مجالات التعليم الفني والتقني والتدريب المهني، إذ يؤدي تشغيل هذه الهيئة إلى إحداث طفرة حقيقية في جودة خريجي التعليم الفني، وقد أطلق الاسم المختصر "إتقان" على هذه الهيئة الجديدة. 2- تحويل المناهج الدراسية في التعليم الفني إلى مناهج قائمة على منهجية الجدارات، والتي يتم تطويرها عن طريق إجراء مناقشات مكثفة مع أرباب الأعمال، للتعرف على المهارات والمعارف والسلوكيات التي يجب أن يكتسبها الخريج حتى يتمكن من تلبية احتياجات سوق العمل. وتعتزم الوزارة الانتهاء من تحويل وتطوير مناهج جميع المهن وتطبيقها في جميع المدارس بحلول سبتمبر 2024. 3- تحسين مهارات المعلمين، لتقديم التدريبات العملية على التعلم عن طريق منهجية الجدارات، وإجراء تقييمات الطلاب حسب معايير ضمان الجودة التي سيتم اتباعها عند التقدم للاعتماد. 4- مشاركة أصحاب الأعمال في تطوير التعليم الفني، عن طريق إبرام شراكات بينهم وبين الوزارة، تهدف إلى إنشاء مدارس جديدة للتعليم الفني سُميت باسم "مدارس التكنولوجيا التطبيقية"، وهي مدارس تجمع بين نظام المجمعات التكنولوجية المتكاملة ونظام التعليم المزدوج، بحيث تحصل برامج المدرسة على الاعتماد الدولي عقب تخرج الطلاب مباشرة. 5- تغيير الصورة النمطية عن التعليم الفني، وذلك خلال إجراء تحسين جذري على الخدمة التعليمية وتحسين الانضباط في المدارس، وقد انعكس هذا الجهد انعكس على إحداث تحسن واضح في مؤشر المعرفة العالمي الخاص بالتعليم الفنى والتدريب المهني الذي ينشره سنويا منذ عام 2017 برنامج الأممالمتحدة الإنمائي (UNDP)، حيث كان ترتيب التعليم الفنى والتدريب المهني المصري 113 في عام 2017، حتى وصل للمركز 80 في عام 2020، وذلك من إجمالي 138 دولة تم تقييمها، وهو ما يؤكد أن هناك تحسنا ملحوظا في الصورة الذهنية لدى رجال الأعمال عن مُخرجات التعليم الفني المصري، وكذلك المؤسسات الدولية. دعم ألماني: ولفت وزير التربية والتعليم إلى مناقشة تلك الركائز بالفعل مع الجهات الدولية الداعمة للتعليم الفني، والتي أيدت جميعها توجه الوزارة، ولذا فقد خصصت الحكومة الألمانية عشرات الملايين لدعم إنشاء هيئة الجودة، ودعم إنشاء العديد من مراكز التميز في مجال التعليم الفني. كما أشار الوزير إلى مناقشة مكونات استراتيجية التعليم الفني مع وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، وتم دمجها بشكل رسمي في الإجراءات الهيكلية قصيرة ومتوسطة المدى، التي أطلقتها الحكومة في شهر أبريل الماضي، من خلال المحور الثالث الخاص بكفاءة سوق العمل وتطوير منظومة التعليم الفني والتدريب المهني. وأكد الدكتور طارق شوقي أن الوزارة تجري حاليا مباحثات مكثفة مع بعض الشركات الأوروبية حول إنشاء مدارس فنية متقدمة في مجالات التعليم الفني، على أن تتم الدراسة فيها بمنهجية (STEM) لإتقان المهارات المرتبطة بالتكنولوجيات المتطورة وللمساعدة على التميز في الابتكار والإبداع، إضافة إلى ضرورة تزويد الطلاب بمهارات الاتصال باللغات الأوروبية من أجل تعزيز القدرة التنافسية في أسواق العمل الأوروبية.