رغم المجهودات التى تبذلها الدولة لتوفيرعلاج لمصابى فيروس كورونا، إلا أن بعض المستشفيات والأطباء يستغلون الأزمة لتحقيق أرباح طائلة من خلال السيدات الحوامل المصابات بالفيروس فى مقابل متابعة حملهن وإجراء عملية الولادة لهن. «الفجر» تابعت عن كثب خلال العام الماضى - فترة انتشار الفيروس- السيدات الحوامل اللاتى يعدّن من أكثر الفئات عرضة للإصابة بكورونا نظراً لمناعتهن الضعيفة، ووجدت أن هؤلاء السيدات تعرضن للنصب من بعض المستشفيات والأطباء الذين كان شعارهم الدفع مقابل المتابعة والعلاج. تقول عبير عبد النعيم « 28 عاما» أنها أصيبت بالفيروس وهى فى الشهر التاسع من الحمل، موضحة أن الرضيع كان ثانى أطفالها، مشيرة إلى أن نفس الطبيبة التى تابعت حملها الأول هى التى كانت تتابع هذا الحمل، ولكنها فوجئت بأن ثمن المتابعة زاد ضعف ثمن الكشف العادى وباستفسارها عن سبب الارتفاع كانت حجة التعقيم نتيجة الفيروس هى المبرر لذلك، مؤكدة أن العيادة لم تختلف عما كانت فى الماضى فلا ملامح لأى تعقيم أو تغيير حتى. وتضيف عبير أن متابعة الحمل وقت «كورونا» كانت مختلفة، حيث قل عدد الزيارات، وأصبحت المتابعة الإلكترونية بديلا لزيارة العيادة التى كانت عند اللزوم فقط، متابعة أنه فور علم الطبيبة بإصابتها بالفيروس ضاعفت سعر الولادة القيصرية إلى ثلاثة أضعاف لتصبح ب15 ألف جنيه بدلاً من السعر الذى كان متفقاً عليه مسبقاً فى بداية الحمل، موضحة أن الطبيبة أكدت أن سبب الزيادة يرجع أيضا لتعقيم غرفة العمليات وطاقم الأطباء والتمريض أثناء الولادة. لم يختلف وضع أمانى سيد السيدة الأربعينية عن عبير كثيرا، والتى فاجأها الفيروس وهى فى تحضيرات الولادة، فتقول: «بعدما حددت ميعاد ولادتى تعبت ولم أستطع التنفس بسهولة، وأكد لى الدكتور أنها كورونا، ومع إحساس الخوف من الفيروس القاتل زاد هم المصاريف اللى تضاعفت مرة واحدة»، موضحة أن طبيبها المعالج رفع سعر الولادة ايضاً وبعد محاولات لاستعطافه وافق على تقليل المبلغ على أن يقوم بتوليدها داخل مستشفى القصر العينى بنفسه، بدلاً من توليدها بأحد المستشفيات الخاصة. وكان لمها عاطف، حكاية أخرى أثناء حملها، حيث أنها اكتشفت إصابتها بالفيروس فى الشهر السادس، بعدما شعرت ببعض الأعراض التى شخصها طبيبها المعالج على أنها حساسية صدر، فتقول إن الطبيب أعطاها حقناً مجهولة المصدر تبلغ سعر الواحدة منها 1000 جنيه، حيث أخذت على مدار أسبوعين 10 حقن، مشيراً لها أن تلك الحقن من المفترض أن تنهى تلك الحساسية وتمنع انتقالها للجنين. وتضيف مها أنها عندما اشتد عليها المرض وزادت أعراض الفيروس لديها، ذهبت لطبيب صدر وأكد لها أنها مريضة كورونا، فكتب لها بعض أدوية البروتوكول التابع لوزارة الصحة، وتعافت من الفيروس، متابعة أنها بعد ذلك توجهت لإحدى المستشفيات الخاصة لإجراء عملية الولادة والتى وجدت أن سعرها ارتفع عن العام الماضى بسبب أزمة كورونا. ومن أسوأ أساليب الاستغلال ما قام به أحد أطباء النساء والتوليد مع ولاء سعد، التى أصيبت بكورونا أثناء حملها فى الشهر الخامس، حيث تقول ولاء إن هذا الفيروس هاجمها ولكنها تعافت منه بعد شهر من العلاج، ولكن الطبيب المعالج لها ظل يعاملها على أنها مريضة كورونا من خلال رفع ثمن الكشف ورفع سعر الولادة ل30 ألف جنيه، بحجة أنه يوفر لها ولنفسه وللطاقم الطبى كل سبل التعقيم حتى لا يصاب أى منهم بالفيروس، وعندما أخبرته بأنها تعافت من الفيروس قال لها نصاً: «الفيروس ده جديد ومحدش عارف ممكن يعدينا ولا لأ...لازم ناخد احتياطتنا علشانا وعلشانك فهنزود التعقيم وده بيشيله المريض خاصة لو عنده أو كان عنده كورونا». ولسوء حظ ولاء، أنها عندما حاولت تغيير الطبيب، كانت تقابل ما هو أسوأ، حيث إن أى طبيب كان يعلم تاريخها المرضى الذى لم تستطع إخفاءه خوفاً على نفسها ومولودها، كان يقوم باستغلالها ماديًا، إلى أن رضخت فى النهاية لذلك الاستغلال حتى تتم الولادة. وكان لدنيا أحمد، وجهة نظر أخرى تجاه استغلال الأطباء، حيث إن دنيا علمت إصابتها بعد تحديد يوم الولادة، حيث فقدت حاسة الشم والتذوق، فقامت بإخفاء تلك الأعراض عن الطبيب حتى لا يقوم بزيادة سعر الولادة بعد معرفتها بتجارب بعض السيدات اللاتى كانا يتابعن حملهن لدى نفس الطبيب، وبسؤالها عن عدم خوفها من انتقال الفيروس لمولودها قالت: «الدكاترة أصلا ميعرفوش هيتنقل ولا لا ده قدر ونصيب ولو كنت قولت كان هيزيد ثمن الولادة إللى إحنا مجهزينه بالعافية بسبب ضيق الحال، ولو على التعقيم كدة كدة المفروض دى عملية ويكونوا بيعقمونا ويعقموا نفسهم كويس». بعد سماع تلك الحكايات المأساوية «الفجر» حاولت معرفة تسعيرة الولادة للسيدات الحوامل وذلك من خلال محاولة الحجز لإجراء عملية ولادة بعدد من المستشفيات ومع عدد من الأطباء للتعرف على قائمة أسعار الولادة الجديدة، ففى مستشفى جنة الخاصة قال لنا موظف الاستقبال إن سعر الولادة يكون بعد الاتفاق مع الطبيب ولكنها فى حدود 10 آلاف جنيه للولادة الطبيعية، و12 ألف جنيه للولادة القيصرية، ولكن بعد معرفته أن الحالة ستكون مصابة بفيروس كورونا قال: «لا كده هتزيد كتير طبعا وده هيكون بالاتفاق مع الدكتور وإدارة المستشفى». وفى مستشفى دمشق الخاصة كان سعر الولادة القيصرية 13 ألف جنيه، ولكن بالاتفاق مع طبيب يدعى ع.م قال إن سعر الولادة القيصرية سيكون 30 ألفاً داخل المستشفى، موضحاً أن سبب تلك الزيادة لأخذ الإجراءات الاحترازية للطاقم الطبى الذى سيجرى العملية ومن أجل التعقيم. وعندما حاولنا التواصل مع دكتورة ع.ف إحدى طبيبات النساء المشهورة بمحافظة الجيزة، لعقد اتفاق لإجراء عملية ولادة طبيعية لسيدة مصابة بكورونا، قالت إن ثمن الولادة سيكون 20 ألفاً، وبالرجوع لبعض السيدات المتابعات لديها وللمستشفى التى تجرى فيها العملية علمنا أن الطبيبة تجرى عملية الولادة للحالات العادية بسعر 3 آلاف جنيه. وفى أحد المستشفيات الخاصة بالإسكندرية كان سعر الولادة القيصرية يصل ل5400 جنيه، وبسؤال موظف الاستقبال عن الأسعار حال كانت المريضة مصابة بفيروس كورونا قال إن المستشفى لن تستقبل أى حالات مصابة بكورونا، ولكن فى محاولة للتحايل على الموقف تواصلنا مع أحد الأطباء بالاسكندرية والذى أكد لنا أنه يستطيع إجراء الولادة فى تلك المستشفى بشرطين أن تكون الأعراض التى تعانى منها الحالة غير شديدة وأن سعر الولادة سيرتفع ل15 ألف جنيه.