تؤكد كتب التراث بأن بداية فن الإنشاد الدينى كانت مع بداية الأذان حيث كان بلال المؤذن يجود فيها كل يوم خمس مرات، ويرتلها ترتيلاً حسنًا بصوت جميل جذَّاب، ومن هنا جاءت فكرة الأصوات الندية في التغني بالأشعار الإسلامية، وكانت قصائد حسان بن ثابت، شاعر الرسول(صلى الله عليه وسلم)، هي الأساس للمنشدين. ثم تغنَّوا بقصائد أخرى لغيره من الشعراء. وقد تأثر الإنشاد الحديث بالفضائيات والفيديو كليب وظهور قنوات متخصصة للإنشاد فانتج اناشيد وفرق انشادية مختلفة. الشيخ محمود التهامى خرج عن عباءة كل من سبقه من منشدين العالم العربى ، ليصير بدوره من أهم أصوات الوطن العربى فى الإنشاد الدينى ،لم يكتفى بموهبته الفطرية بل كللها بدراسة الموسيقى أكاديميا، كذلك انتصر لمهنة الإنشاد، حين حقق لها مكاسب لأول مرة ، منها إنشاء نقابة للمنشدين من أجل الحفاظ على الإنشاد الدينى والتراث المصري، وصار أول نقيب للمنشدين. وكانت البداية عندما تغنى الطفل محمود التهامي بقصيدة لأبي العتاهية منذ قرابة الثلاثون عاما، لم يكن يتخيل أن رحلته التي انطلق بها بخياله الصغير فى قريته الحواتكة عندما اكتشف مواهبه وحيدا ، ستمتد لسنوات وسنوات من الإبحار دون توقف في بحر العشق، وبإيمان وإخلاص قوي بعظم أمانة وسمو رسالة الإنشاد الديني اللذين حملهما على عاتقه و أضاف خلالها للفن والإبداع العربي ما يزيد على ال 300 قصيدة فصحى معظمها من ألحانه..مطربا بها عشاق الفن الهادف. حيث أبحر في كتب التراث والشعر الصوفي وشعراء الفصحى المعاصرين باحثا عن ذاته وما يتناسب مع ذائقته وحسه وتجربته الخاصة في الحياة بوجه عام وفي التصوف والمديح والإنشاد والفن بوجه خاص. فقد أنشد وتغنى بكلمات الإمام علي بن أبي طالب، الإمام الشافعي ، الإمام أبو حنيفة ، سلطان العاشقين عمر بن الفارض ، سلطان العارفين محيي الدين بن عربي، سلطان المحبين عبد الكريم الجيلي، الحسين بن منصور الحلاج ، السهروردي، السيدة رابعة العدوية ، ، الإمام الدرديري ، الإمام النفري، الإمام الجاذولي . الإمام البوصيري، العارف بالله أبا الإخلاص الزرقاني ، العارف بالله أحمد الرفاعي ،العارف بالله أحمد البدوي، الشاعر أبو العتاهية ، الشاعر بهاء الدين زهير، الشاعر المتنبي . وغيرهم .
كما امتد ابداعه لكبار شعراء الفصحى في العصر الحديث والمعاصرين في مصر والوطن العربي بداية من أمير الشعراء أحمد شوقي .شاعر النيل حافظ إبراهيم. الأديب الراحل مصطفى لطفي المنفلوطي . المبدع الراحل طاهر أبو فاشا . المبدعة الراحلة عليه الجعار . المبدع الراحل أحمد الحملاوي . المبدع الراحل الشيخ علي بن وفا . الأستاذ علي عبد العزيز مزيود . الأستاذ الراحل عبد الحليم النخيلي . الأستاذ رفعت المرصفي . الأستاذ محمد عمر الطوانسي . الدكتور أحمد تيمور . الشاعر الإماراتي د.مانع سعيد العتيبة. الشاعر اليمني الراحل عبد الله البردوني .الشاعر السوري خالد زريق.الشاعر أحمد شافع .وغيرهم. حتى وصل لكل الأجيال ولمختلف الثقافات داخل مصر وخارجها ..ومستحقا عن جدارة تلك المكانة الخاصة في قلوب محبي آل البيت عليهم السلام من جمهور الموالد الذين يعتز بهم ويعتبرهم جمهوره الأول، وجمهوره من الشباب الذي يلتف حوله في حفلاته الخاصة أو العامة في دار الأوبرا والساقية وغيرها من المراكز الثقافية ومعرض الكتاب وأخيرا مكتبة الإسكندرية، بالإضافة إلى جمهوره الذي ينتظر إطلالاته عبر مواقع التواصل الإجتماعي. يذكر في هذا السياق الجهود التي يبذلها الشيخ محمود لنشر اللغة العربية الفصحى بموسيقى تجذب الشباب وترضي طموحهم الموسيقي وتعود بهم إلى أصالة الكلمة ورقي المعنى من خلال مشروعه الموسيقي الطموح والمنفتح على كل الثقافات العالمية "إنشاد واحد وموسيقى متعددة " والذي يهدف لدمج الإنشاد الديني واللغة العربية الفصحى بكل أشكال وألوان الموسيقى الشرقية والغربية. بدأه الشيخ بمشاركته العالمية بثلاثة أغاني في ألبوم أوريجن مع الفنانة الأمريكية إليز ليبيك وعدد من الفنانين العالميين والذي حصد جائزة الجلوبال لعام 2017 ورشح للجرامي. و إطلاق ألبوم رسمتك يا حبيبي مع شركة مزيكا تحت عنوان مزكها بالفصحى ،حيث تناول الألبوم شعر الغزل العذري في التراث بأشكال موسيقية متنوعة كالروك والهاوس والراي بجانب اللون الصعيدي والشرقي بشكل يواكب التطور الموسيقي العالمي . وأعقب الألبوم عدد من الحفلات على مسارح وزارة الشباب و دار الأوبرا وساقية الصاوي ومكتبة الإسكندرية ضمن هذا المشروع الطموح لاقت قبول كبير لدى جمهور الإنشاد والشباب بشكل عام .
وقد تم تكريم الشيخ محمود التهامي من جهات عديدة رسمية وخاصة مثل تكريم الرابطة الدولية للإبداع الفكري والثقافي بفرنسا بمنحه لقب سفير الإبداع والثقافة في الوطن العربي لعام 2016. ولازال عطاء محمود التهامى فى مجال الفن والإنشاد الدينى متدفقا فى إبداعاته ومشروعاته الفنية، وفى مدرسة الإنشاد التى يترأسها، ويضيف من خلالها مواهب حقيقية الى عالم الإنشاد الدينى.