كثيرًا ما تتردد على أسماعنا جملة شهيرة عنوانها "الفن رسالة"، ولكن لم نعيرها انتباهًا منذ فترة طويلة تمتد لسنوات، في ظل انتشار أفلام "السبوبة" وأفلام شباك التذاكر، جعلتنا نتناسى أن الفن عليه أن يقدم محتوى هادف يحمل رسالة ما تفيد المشاهد. وكم تمنينا أن تشهد السينما المصرية الحديثة أفلامًا تحوي قصة هادفة ومشاهد ذات قيمة وتخلو من السفسطة الفارغة، إلى أن ظهر لنا فيلم "الممر". عرضت قنوات ON E فيلم الممر مساء أمس لأول مرة وذلك بمناسبة الإحتفال بالذكرى ال 46 من حرب 6 أكتوبر المجيدة. ويتناول فيلم الممر قصة وطنية حول إرادة جنودنا البواسل في تحويل الهزيمة إلى نصر محقق بالصبر والعزيمة وقوة التخطيط والثقة بالله، كما يوضح قصة قوات الصاعقة المصرية خلال حرب الاستنزاف ويناقش المرحلة الزمنية 1967 وحتى الأوقات الأولى من حرب الاستنزاف. واستطاع الفيلم أن يوحد صفوف المشاهدين لأول مرة، فقد أعاد إلى أذهاننا مشهد تجمع الرجال والنساء والفتيات الصغيرات أمام محطة الراديو لكي يستمعون إلى أغنية كوكب الشرق أم كلثوم في حفلها المنتظر، كم كنا نفتقد هذه الروح الجماعية. ذكرنا أيضًا بمسلسل الساعة الثامنة حين كنا صغارًا، والتفاف الجميع حول شاشة التلفزيون لمشاهدة المسلسل في وقت واحد وبحماس شديد، كل هذه المشاعر -التي كادت أن تندثر- أعادها لنا فيلم الممر ليلة أمس، حسبما قال جمهور الفيلم. بداية إيجابية لاسترداد هيبة السينما المصرية أشاد رواد مواقع التواصل الإجتماعي بفكرة فيلم الممر، وقال بعضهم إن هذا الفيلم سيكون بمثابة شرارة بداية جديدة محترمة ومختلفة لاسترداد هيبة السينما المصرية وتميزها بأعمال فنية دسمة، سواء أكان ذلك من ناحية أداء الممثلين أو طريقة الإخراج المتميزة. وقال عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي أن فيلم الممر خلق حالة من الوحدة الوطنية في قلوب الجمهور وتجمعوا كلهم في وقت واحد أمام التلفزيون حرصًا على مشاهدة الفيلم. وكما ذكرنا في السطور السابقة، فقد أعادنا إلى أيام الطفولة والزمن الجميل، عندما كان الفن يساهم في تجمع والتقاء الأشخاص بعضهم البعض، وهذه هي رسالة الفن التي كانت غائبة عنا. وفي يوم ذكرى انتصارات حرب أكتوبر من كل عام، كان شباب الجيل الحالي لايهتم ولاينتبه لأهمية هذه المناسبة بسبب تكرار مايتم عرضه في القنوات التلفزيونية كل عام، ولكن نجح الممر في إحياء مشاعر الوطنية داخل كل شاب منهم وتحريك الحس الفضولي داخلهم بشأن معرفة أحداث وتفاصيل هذا الانتصار العظيم وزيادة شعور الانتماء والحب للوطن. أداء مبهر لأبطال العمل أشاد رواد التواصل الاجتماعي بأداء الأبطال داخل فيلم الممر وقالوا إنهم أبهروا المشاهد بتقمصهم للشخصية والدخول بتفاصيلها وكأنها جزء لايتجزأ منهم، فخرج الأداء بمصداقية شديدة ولمسوا قلوب الجمهور وتأثروا بالأحداث كما لوكانت حقيقية. حيث أشادوا بالفنان محمد فراج ووصفوه بالعبقري ووحش التمثيل، لما قدمه من مشاهد أبهرهم بها. وأيضًا تفاعل الجمهور مع شخصية الفنان إياد نصار، الذي سحر المشاهدين بأداءه لشخصية الضابط الإسرائيلي، وأثر نصار فيهم بهذا الدور لدرجة أنهم عبروا عن كرههم لهذا الضابط وكأن الأمر حقيقيًا، وعلق أحدهم قائلًا: أنا نفسي أكون معاهم وأقطع من لحمك حي. فيما رأى أحدهم أن بعد عرض فيلم الممر، برهن الفنان أحمد عز على موهبته الكبيرة وإمكانياته التمثيلية الثقيلة وبمشاركته في هذه التجربة السينمائية الدسمة، سيكون له شأنًا آخرًا في قلوب الجمهور.