أعلن أحمد حبالة مدير آثار رشيد عن انتهاء أعمال الترميم الدقيق والصيانه لمسجد الجندى الأثري، والذي يعتبر أحد أجمل وأندر مساجد البحيرة. وأضاف حبالة إلى أن أعمال الترميمات تمت تحت إشراف وزارة الآثار، وأشار إلى مجهودات مفتشي وفريق ترميم منطقة آثار شمال رشيد، وكذلك مشاركات الأهالي ومحبى مسجد الجندى الأثري بمجهوداتهم الذاتية بأعمال الصيانة والترميم. وقال إن جامع الجندي يعتبر من أكبر المساجد في مدينة رشيد ومنشئ المسجد هو الأمير محمد الجندي، عام 1133ه - 1721م حسب النص التأسيسي والموجود على المدخل الشرقي للمسجد وقد أخذ بهذا التاريخ. ويعتقد بعض الباحثين أنه يرجع إلى ماقبل ذلك ويدللون على ذلك بورود اسم هذا المسجد في وثيقة مؤرخة في 18 جمادى الآخرة سنة 985ه - 1577م وأنه قد تم تجديد هذا المسجد في التاريخ المثبت على المدخل الشرقي. تعتبر مدينة رشيد المدينة الأولى بعد القاهرة التي ما زالت تحتفظ نسبياً في بعض أجزائها بطابعها المعماري، وذلك بما تحتويه من آثار إسلامية قائمة ترجع إلى العصر العثماني، والتي تتنوع ما بين آثار مدنية ودينية وحربية ومنشآت خدمة اجتماعية. وهي التي قال فيها علي الجارم أرشيدٌ وأنت جِنَّة خُلْدِ لو أتاح الإلهُ في الأرضِ خُلدا حين سَمّوْكِ وردة زُهِي الحس نُ وودّ الخدودُ لو كنّ وَرْدا توّجتْ رأسَكِ الرمالُ بتبرٍ وج رَى النيلُ تحت رِجْليْك شهدا وأحاطت بكِ الخمائلُ زُهْراً كلُّ قَدٍّ فيها يعانقُ قَدّا والنخيلُ النخيلُ أرخت شعوراً مُرسَلاَتٍ ومدَّت الظلَّ مدّا كالعذارَى يدنو بها الشوقُ قُرْبًا ثم تنأَى مخافة اللّومِ بُعْدَا و هي من مدن الثغور المصرية القديمة، وردت في جغرافية استرابون باسم بولبيتين، وأنها واقعة على مصب فرع بولبيتين. وذكرها أميلينو في جغرافيته فقال إن اسمها القبطي رخيت، ومنها اسمها العربي الحالي رشيد، واسمها اللاتيني روزيتا أي الوردة الصغيرة أو الجميلة، ويُقال أن رشيد كانت واقعة شمال موقعها الحالي الذي نقلت إليه سنة 256 ه. ذكرها ابن حوقل وقال إنها مدينة على النيل، قريبة من البحر المالح من فوهة تعرف بالأشتوم؛ وهي المدخل من البحر، والمقصود بذلك مصب فرع رشيد، وبها أسواق صالحة وحمامات ونخل كثير وإرتفاع (إيراد) واسع. كذلك وردت في نزهة المشتاق وذُكرت بأنها مدينة متحضرة بها سوق وتجار وفعلة، ولها مزارع وغلات وحنطة وشعير، وبها بقول حسنة كثيرة، وبها نخيل كثير وأنواع من الفواكه الرطبة، وبها من الحيتان وضروب السمك من البحر المالح والسمك النيلي كثير. على الرغم من تشابه رشيد ودمياط في موقعهما الجغرافي والإداري على مر العصور وباعتبارهما من الثغور الهامة، إلا أن رشيد لم تقم بدور واضح مؤثر مقارن بدور دمياط في بدايات الحكم العربي الإسلامي، خصوصاً لقرب رشيد من موقع الإسكندرية وهي الثغر الأول في مصر ومؤثرة بدرجة أولى على رشيد ومكانتها. كذلك الظهير الزراعي لرشيد محدود للغاية، وانتشار التكوينات الرملية غرب المدينة وزحفها على العمران له أثره الأكبر على المدينة وزمامها الزراعي؛ مما أدى إلى هجر رشيد عدة مرات من قِبل سكانها ولجوئهم إلى فوّه الواقعة جنوبها. بجانب أن لمصب رشيد عيوباً ملاحية لأن الرمال المتسربة كانت تغلقه بفعل الأمواج على شكل حواجز رملية، كما أن تيار النهر المتدفق في التقائه مع البحر يخلق مناطق ثائرة يصعب اجتيازها. على إثر تأسيس الدولة الفاطمية سنة 969، وتأسيس مدينة القاهرة كعاصمة جديدة للبلاد، نشطت التجارة الخارجية التي لم تعد مقصورة على الإسكندرية فقط؛ بل شاركت فيها كلا من رشيد ودمياط، خاصةً في بدايات الدولة الفاطمية مما جعل العمران يدب من جديد في رشيد وما حولها. وقد ظلت رشيد قاعدة لعمل رشيد على إثر إعادة أراكة الأراضي المصرية أواخر القرن الحادي عشر، حيث حلّت الأعمال الصغرى محل الكبرى. في عصر الدولة الأيوبية شهدت الإسكندرية المجاورة نشاطاً تجارياً واسعاً نتيجة للامتيازات التي منحها الأيوبيون لتجار المدن الإيطالية، وكان من قبل أعيد تطهير خليج الإسكندرية عام 1013 في العصر الفاطمي بأمر من الحاكم بأمر الله، مما ساهم في ربط الإسكندرية بمدينة فوّه جنوب رشيد والمطلة على النيل، ومنها إلى القاهرة وباقي مدن مصر، وذلك أدى لازدهار نشاط فوّه التجاري مما أثر على حركة التجارة برشيد، حتى أنه في عصر المماليك أصبحت فوّه قاعدة عمل فوّه والمزاحمتين وذلك على حساب رشيد التي فقدت مكانتها كعاصمة إقليمية وأصبحت مدينة تابعة لعمل النستراوية. بعد تخريب دمياط بعد رحيل حملة لويس التاسع عن المدينة عام 1250 تحسباً لرجوع الصلبيين إليها مرة ثانية، قام الظاهر بيبرس ببنائها من جديد؛ ولكن نظراً لضخامة تكاليف حمايتها بأسوار وقلعة منيعة فقام بالنظر ناحية رشيد وبنى بها حصن عام 1262 لمراقبة أي غزو قادم محتمل. وفي عهد الناصر محمد بن قلاوون اُعيد حفر خليج الإسكندرية فازدهرت الحركة التجارية أكثر بالإسكندرية وفوّه لدرجة أن أصبحت فوّه أهم مدن مصر التجارية بعد القاهرة، مما أثر أكثر سلباً على مكانة رشيد، لدرجة لاحظ أبو الفداء في القرن الثالث عشر أن رشيد أصغر من فوّه. مدينة رشيد في القرن التاسع عشر. ساهمت رشيد في إقلاع الحملات البحرية للسلطان بربساي لغزو جزيرة قبرص وإخضاعها للسيطرة المصرية عام 1426. وعانت رشيد كذلك من هجمات مراكب فرسان الاسبتارية بجزيرة رودس في عهد السلطات جقمق، فقد هاجمت 4 سفن المدينة واستولت على بعض الأبقار وحوائج الناس عام 1439. في سنة 1451 أرسل السلطان جقمق المملوكي حامية كبيرة لحماية ثغر رشيد؛ وأخذ يعززها في الأعوام التالية. ثم جاء السلطان قايتباي وجدد برجا رشيد عام 1479 وجدد القلعة والتي سميت باسمه حتى الآن وبنى سوراً لحماية لبمدينة من الغارات، وعموماً كان لرشيد دوراً دفاعياً دون دوراً تجارياً له أهمية تذكر. في العصر العثماني أهملت الدولة أمر خليج الإسكندرية فانعزلت الإسكندرية مائياً عن باقي مدن مصر، مما أدى لتدهور فوه وبطل رسو السفن بالكُليّة عندها، وبالتالي أصبحت رشيد محط أنظار لموقها الجغرافي على مصب فرع رشيد والتي يسهل منه القدوم بالسفن من البحر المتوسط إليها ثم إلى فوه ودسوق ثم إلى القاهرة وباقي مدن مصر.، لدرجة أصبحت رشيد أقرب الموانئ الكبيرة قرباً إلى القسطنطينية عاصمة الدولة العثمانية، وبذلك عرفت عصرها الاقتصادي الذهبي حتى بلغت سنة 1777 (منذ 242 سنة) أعظم درجة واتساعاً، كذلك عظم شأن دمياط بسرعة مرة أخرى بجانب رشيد على حساب الإسكندرية. وعند مجيء الحملة الفرنسية بقيادة نابليون بونابرت عام 1798 كانت دمياطالمدينة الثانية بعد القاهرة من حيث عدد السكان، وجاءت المحلة الكبرى في المرتبة الثالثة تليها رشيد (15,000 نسمة) ثم الإسكندرية.