للنشر 9 مساءً| دفتر أحوال| جامعة المنيا على الخريطة العالمية.. و3 مراكز مُتقدمة محليا    متحدث الحكومة: رئيس الوزراء استعرض جهود وزارة التعليم لسد عجز المعلمين    الدولار يصعد 3 قروش في نهاية تعاملات اليوم    السعودية تصدر "دليل التوعية السيبرانية" لرفع مستوى الوعي بالأمن الإلكتروني لضيوف الرحمن    اقرأ غدًا في «البوابة».. إرهابيون وقتلة.. وزراء اليمين المتطرف يهددون بالانسحاب من الحكومة الصهيونية    جولة التعادلات في ترقي الصعود للدوري الممتاز    بعد نهاية الدوريات الخمس الكبرى.. كين يبتعد بالحذاء الذهبي.. وصلاح في مركز متأخر    موجة حر شديدة تضرب مصر من الإثنين 3 يونيو حتى السبت 8 يونيو 2024    رئيس الوزراء يستعرض ملفات عمل وأنشطة المجلس القومي للمرأة    محكمة جنايات السويس تقضى بإعدام قاتل صديقه بسبب خلافات بينهما    رمضان 2025.. محمد سامي يتعاون مع عمرو سعد فى عمل فني    مهرجان جمعية الفيلم يحتفل بمئوية ميلاد سامية جمال    أمسية فنية عن مسار رحلة العائلة المقدسة في متحف الحضارة    مجلس الحرب يشير على طاقم المفاوضات بعدم كشف العرض الإسرائيلي خشية تسريبه    فعاليات متنوعة للأطفال بالمكتبة المتنقلة ضمن أنشطة قصور الثقافة ببشاير الخير    فيلم "بنقدر ظروفك" يحتل المركز الرابع في شباك التذاكر    ب فيلم "تاني تاني".. غادة عبد الرازق تحتل المركز الخامس    «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية الفرجاني في مركز بني مزار غدا    أخبار الأهلي : من هو اللاعب السعودي خالد مسعد الذي سيُشارك الأهلي في مباراة اعتزاله؟    رئيس الوزراء يتابع تنفيذ المشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية    إف چي هيرميس توقع اتفاقية شراكة مع بنك مصر لتوفير خاصية تغذية حسابات العملاء    لمواليد برج السرطان.. توقعات الأبراج في شهر يونيو 2024 (التفاصيل)    ما جزاء من يقابل الإحسان بالإساءة؟.. أمين الفتوى يوضح    كرة سلة - الكشف عن عدد الحضور الجماهيري لنهائي دوري السوبر بين الاتحاد والأهلي    طريقة عمل دجاج كنتاكي المقرمشة، أحلى من المطاعم    اللجنة العامة ل«النواب» توافق على موزانة المجلس للسنة المالية 2024 /2025    ذا هيل: تحالف كوريا الشمالية وروسيا قد يلحق ضررا ببايدن في الانتخابات الرئاسية    مصر تواصل تحركاتها لتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة إلى أهالي غزة    هل يجوز التضحية في بلد أفريقي لأنها رخيصة هناك؟.. عالم أزهري يجيب    تكبيرات عيد الأضحى مكتوبة.. «الإفتاء» توضح الصيغة الشرعية الصحيحة    تعرف على محظورات الحج وكفارتها كما حددها النبي (فيديو)    أماكن صلاة عيد الأضحى في المحافظات 2024.. الأوقاف تعلن 6 آلاف ساحة    اليونيسف: تعطل توزيع المكملات الغذائية بغزة يهدد حياة أكثر من 3 آلاف طفل    رئيس الشعبة بالغرف التجارية: مبيعات الأدوية تتجاوز 65 مليار جنيه خلال 5 أشهر من 2024    علاء نبيل يعدد مزايا مشروع تطوير مدربي المنتخبات    البنك التجاري الدولي يتقدم بمستندات زيادة رأسماله ل30.431 مليار جنيه    توني كروس يصل ل300 انتصار مع الريال بعد التتويج بدوري أبطال أوروبا    «التنظيم والإدارة» يتيح الاستعلام عن نتيجة التظلم للمتقدمين لمسابقة معلم مساعد    مفاجأة.. مدرب ليفربول يحسم مستقبل محمد صلاح    خاص رد قاطع من نادي الوكرة على مفاوضات ضم ديانج من الأهلي    إصابة سائق إثر حادث انقلاب سيارته فى حلوان    تأجيل إعادة إجراءات محاكمة متهمين ب "جماعة حازمون الإرهابية" ل 2 سبتمبر    محمد الشيبي.. هل يصبح عنوانًا لأزمة الرياضة في مصر؟    برلماني أيرلندي ينفعل بسبب سياسة نتنياهو في حرب غزة (فيديو)    الاحتلال الإسرائيلي يواصل قصفه قرى وبلدات جنوبي لبنان    مفتي الجمهورية: يجوز للمقيمين في الخارج ذبح الأضحية داخل مصر    توجيه جديد لوزير التعليم العالي بشأن الجامعات التكنولوجية    وزير الإسكان ومحافظ الإسكندرية يتفقدان مشروع إنشاء محور عمر سليمان    وزير المالية: مشكلة الاقتصاد الوطني هي تكلفة التمويل داخل وخارج مصر    تحرير 139 مخالفة للمحلات غير الملتزمة بقرار الغلق لترشيد الكهرباء    في زيارة أخوية.. أمير قطر يصل الإمارات    أمناء الحوار الوطني يعلنون دعمهم ومساندتهم الموقف المصري بشأن القضية الفلسطينية    توريد 125 طن قمح لمطحن الطارق بجنوب سيناء    حفر 30 بئرًا جوفية وتنفيذ سدَّين لحصاد الأمطار.. تفاصيل لقاء وزير الري سفيرَ تنزانيا بالقاهرة    غرفة الرعاية الصحية: القطاع الخاص يشارك في صياغة قانون المنشآت    تحرير أكثر من 300 محضر لمخالفات في الأسواق والمخابز خلال حملات تموينية في بني سويف    محافظ كفر الشيخ يعلن أوائل الشهادة الإعدادية.. والطالبات يكتسحن القائمة (أسماء)    لتحسين أداء الطلاب.. ماذا قال وزير التعليم عن الثانوية العامة الجديدة؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. رشا سمير تكتب: كيميا
نشر في الفجر يوم 18 - 05 - 2019

طالما كتب التاريخ عن أشخاص جوهرهم الوهن ليضفى عليهم صفة العظمة، وطالما نزع الفتوحات من أصحابها لينسبها إلى قُطاع الطرق..
طالما مجدَ التاريخ محاربين عزفوا عن خوض المعارك..وطالما اقتسم الغنائم مع من هابوا الانضمام لصفوف الثوار.. وربما نسب الإبداع إلى المفلسين والانتصارات إلى المهزومين والإنجازات إلى السفهاء..
تلك هى الحقيقة البعيدة عن الصورة المزيفة التى يُكتب بها التاريخ، فهناك من أنصفهم التاريخ وهناك من ظلمهم ولا أحد يدرى حقيقة الفعل إلا من عاصروا تلك المراحل، أما من جاءوا بعدهم ليكتبوه فهم مجرد متربحين!.
تلك هى الفكرة التى -بحسب ظنى- بنى عليها الكاتب وليد علاء الدين روايته (كيميا) الصادرة عن دار الشروق للنشر فى 233 صفحة من القطع المتوسط بغلاف مُعبر للشاب الموهوب عمرو الكفراوى..
1- "كيميا" من شافاق إلى مفروى:
الحقيقة أننى كتبت من قبل عرضا صحفيا لروايتى (قواعد العشق الأربعون) للتركية المبدعة إليف شافاق، و(بنت مولانا) للروائية الإنجليزية مورل مفروى..
وأشرت إلى أنه من الذكاء أن مفروى التقطت طيف كيميا من بين سطور شافاق لتنسج منه نصا أدبيا، وهنا فى رواية (كيميا) يلتقط الكاتب وليد علاء الدين نفس طرف الخيط من زاوية أكثر عمقا لسرد القصة التى توارت خجلا بين صفحات التاريخ..
الرواية تبدو جاذبة لمن يعرفون حياة الرومى وعلى دراية بالفعل بالشخصيات التى عاشت بجواره أما بالنسبة لمن لا يعرفون الحكاية فهم مضطرون أولا إلى البحث قبل الدخول فى تفاصيل الرواية..
الكاتب يلقى الضوء على شخصية عاشت وماتت مُهمشة على الرغم من أنه كان من المفترض أن تحتل مساحة أكبر فى حياة وقلب من عاشروها.. حتى إنه حين وصل إلى قبر جلال الرومى وجد حول قبره قبورًا عديدة لأزواجه وأبنائه وجيرانه وأحبابه، لكنه لم يجد قبر (كيميا) وعندها سأل المرشد السياحى، فاجأه بالقول: «لم يكن لها قيمة!».
2- بداية الرحلة:
تبدأ الرواية بروح (علاء الدين) التى تزور الكاتب وتلعب معه لعبة مخيفة..
تخاطبه قائلة:
«أنا علاء الدين ولد وأنت وليد علاء الدين..إذن أنت مقلوبى فى هذه الدنيا، انتظرتك ثمانية قرون لكى تدُلنى على قبر (كيميا) التى اختطفوها منى وزوجوها لشمس التبريزى»
هنا يحزم القارئ حقيبته ويتبع الروائى فى كل خطوة يخطوها، منذ أن وصل إلى الفندق وحتى قونية ضمن الرحلة التى شارك فيها مع ثلاثة صحفيين أوفدهم المركز العربى للأدب الجغرافى من أبو ظبى، والمغرب، وفرنسا لتسجيل رحلاتهم فى مناسبة اليونسكو للاحتفال بعام جلال الرومى فى مئويته الثامنة..
يبحث القارئ مع المؤلف عن الحقائق ويقابل الشخصيات ويتفاعل معهم..يدور معه فى حلقات الذكر الصوفية ورقصة المولوية..
على مدار الرحلة تسقط الأقنعة عن أساطير زائفة وأسرار غابت طويلا داخل مقابر من رحلوا..
يلتقى الكاتب جلال الرومى وحاشيته ما بين الصحو والنوم..علاء الدين، سلطان ولد، شمس التبريزى، حسام الدين، كيرا خاتون..
أخيرا، وفى قونية يلتقى كيميا عروس الجن التى سحرته بضعفها منذ بداية القصة،
ويظهر حسام الدين الفتى الغامض فى حياة الرومى والذى أوحى له بكتابة المثنوى ليكون صاحب كتاب على غرار المتصوفة الكبار.
ويروى لأول مرة مؤامرة كيرا خانوم السيدة التى كان مولانا يعشقها ويرضيها بكل الصور والتى عقب دخول التبريزى فى حياته سرعان ما خمدت نار عشقه لها..والتى تصورت أن غياب التبريزى هو الحل لعودة وهج علاقتها بالرومى إلا أن غيابه زاد الرومى ألما وانطواء لدرجة دفعتها لوضع خطة جهنمية بديلة، حيث دفعت كيميا للزواج من شمس لتتخلص من سطوته على مولانا دون النظر إلى تبعية هذا الزواج!.
فى نهاية رحلته يصل الكاتب إلى ما كان يبحث عنه منذ البداية قبر كيميا، أو قبر قتيلة مولانا كما يحلو له أن يلقبها..
هكذا كشف الروائى الغطاء عن قسوة رجل ادعى عشق الله ووهب روحه من أجل الصفاء والجمال، فى حين أن دماءه مخضبة بقربان كيميا الذى قدمه بكل قسوة إلى التبريزى ليذبحها!.
3- سقوط الأسطورة:
كيميا فتاة فقيرة من بلخ التى نشأ بها الرومى، عاشت فى كنف مولانا الذى أسقط الكاتب عنه قناع التصوف..فدون النظر إلى فارق سن يصل إلى خمسين عاما يهديها الرومى إلى الدرويش الذى سرق لبه..هنا يُظهر جليا سخطه على الرجل الذى كان يهيم حُبا فى الله، والذى لم يفكر لحظة فى القهر النفسى والجسمانى الذى قد تتسبب فيه تلك الزيجة..
بحسب ما قاله الكاتب إن مفروى وشافاق قد وقعتا ببساطة يتعجب لها تحت سيطرة ماكينة صنع الأساطير وتبنت كل منهما رؤية صانعى الأسطورة ووضعتا كيميا فى زاوية العاشقة التى يولع قلبها عشقا بدرويش غريب الأطوار..
فى الحقيقة هنا فقط أختلف مع الروائى لأن قواعد العشق لشافاق لم تكن معنية إلا بالأبطال الرئيسيين للرواية وهما الرومى والتبريزى وفكرة الانتقال عبر زمنين لاستعراض قصة الحب بين بطلى الرواية فلم تكن كيميا تحت الضوء منذ البداية، أما مفروى فى بنت مولانا، فأراها أعطت كيميا حقها فى السرد لأنها كانت الشخصية المحورية فى الرواية والتى التقطتها بذكاء من بين سطور شافاق ونسجت قصتها بصورة استنتاجية بعيدة عن البحث، وعلى الأخص جزئية الحرمان التى عاشتها فى الزواج من التبريزى ولجوئها إلى مومس لتعلمها فنون العشق حتى تستميل زوجها العازف عن حبها!..
4- وهكذا:
بدا لى من خلال الوصف أن الروائى عاشق للتاريخ ومتمكن من السرد فى تلك المنطقة الوعرة..كما أن المراجع الكثيرة التى ذكرها الروائى فى نهاية القصة تدل دون شك على المجهود الكبير الذى قام به فى البحث والتدقيق.
صفحات أمتعتنى وأخذتنى إلى أماكن زرت بعضها وأخرى عشت تفاصيلها من خلال تلك الرواية التى أدعوكم لقراءتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.