جامعة الفيوم تحتفل على شرف الطلاب المثاليين سفراء النوايا الحسنة    إيبارشية بني سويف تعلن ترتيبات الصلوات وحضور قداس عيد القيامه المجيد    بتكلفة 3.5 مليون جينه .. افتتاح مسجدين في الواسطى وسمسطا    حماة الوطن: تأسيس اتحاد القبائل العربية وتدشين مدينة السيسي خطوتان للأمام    رئيس الطائفة الإنجيلية يصلي الجمعة العظيمة بالقاهرة الجديدة    أخبار التوك شو.. مفاجأة في أسعار الذهب والدولار.. ورضا عبد العال: لن أخالف ضميري من أجل الأهلي    محافظ بني سويف: توفير الدعم العاجل لأهالينا الذين يتعرضون لمواقف حرجة وطارئة    بريطانيا تفرض عقوبات على مجموعتين وأفراد بإسرائيل    القاهرة الإخبارية: إسرائيل تعتقل 44 صحفيًا في السجن الإداري.. فيديو    مصر تقف أمام المخططات الإسرائيلية الهادفة لتهجير سكان غزة إلى سيناء    بيان عاجل من المصدرين الأتراك بشأن الخسارة الناجمة عن تعليق التجارة مع إسرائيل    ليفربول يصدم محمد صلاح بهذا القرار.. "تفاصيل"    ثمن الخيانة في الوراق.. العشيق هرب من غرفة النوم إلى سرير المستشفى    أخبار الفن.. أحمد رزق يخضع لعملية جراحية عاجلة.. السرب يقترب من 4 ملايين جنيه فى يومين    بالأسماء.. تعرف على الكتب الأكثر إقبالا بجناح مركز أبو ظبى للغة العربية    اقدر.. مباردة مجتمعية تستقبل زوار معرض أبو ظبي    التضامن تكرم كارولين عزمي بعد تألقها في «حق عرب»    خطبة الجمعة اليوم.. الدكتور محمد إبراهيم حامد يؤكد: الأنبياء والصالحين تخلقوا بالأمانة لعظم شرفها ومكانتها.. وهذه مظاهرها في المجتمع المسلم    المفتي: مشاركتنا لشركاء الوطن في أعيادهم على سبيل السلام والمحبة وحسن الجوار    دليل السلامة الغذائية.. كيف تحدد جودة الفسيخ والرنجة؟    بعد تصدرها التريند.. التصريحات الكاملة ل نهى عابدين ببرنامج مساء دي إم سي    إطلاق صواريخ من لبنان باتجاه مواقع إسرائيلية    ضبط 2000 لتر سولار قبل بيعها بالسوق السوداء في الغربية    أبرزها "توفير مصل التسمم".. "الصحة" تعلن خطة تأمين احتفالات عيد القيامة وشم النسيم    طوارئ في الجيزة استعدادا لاستقبال عيد القيامة المجيد وشم النسيم    المنتدى الاقتصادي يُروج لبرنامج «نُوَفّي» وجهود مصر في التحول للطاقة المتجددة    تعاون «مصري- يوناني» النسخة الجديدة مبادرة «إحياء الجذور – نوستوس»    رئيس الوزراء يتابع جهود منظومة الشكاوى الحكومية المُوحدة خلال أبريل الماضي    مشيرة خطاب تشيد بقرار النائب العام بإنشاء مكتب لحماية المسنين    «التعليم» تحدد مواصفات امتحان اللغة العربية للثانوية العامة 2024.. تفاصيل    انخفاض أسعار الذهب الآن في سوق الصاغة والمحال    التعليم العالي: مشروع الجينوم يهدف إلى رسم خريطة جينية مرجعية للشعب المصري    الإسكان تطرح أراضى للتخصيص الفوري بالصعيد، تفاصيل    متسابقون من 13 دولة.. وزير الرياضة يطلق شارة بدء ماراثون دهب الرياضي للجري    وحدات سكنية وهمية.. ضبط سيدة استولت على أموال المواطنين ببني سويف    في الذكري السنوية.. قصة الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة    ب«تفعيل الطوارئ».. «الصحة» بالقليوبية: عيادات متنقلة بمحيط الكنائس خلال احتفالات عيد القيامة    إصابة 6 سيدات في حادث انقلاب "تروسيكل" بالطريق الزراعي ب بني سويف    دعاء الهداية للصلاة والثبات.. ردده الآن تهزم شيطانك ولن تتركها أبداً    الأهلي يهنئ الاتحاد بكأس السلة ويؤكد: "علاقتنا أكبر من أي بطولة"    سموتريتش: "حماس" تبحث عن اتفاق دفاعي مع أمريكا    وزير الصحة: تقديم 10.6 آلاف جلسة دعم نفسي ل927 مصابا فلسطينيا منذ بداية أحداث غزة    «الإفتاء» تحذر من التحدث في أمور الطب بغير علم: إفساد في الأرض    توريد 107 آلاف و849 طن قمح لصوامع وشون كفر الشيخ    علام يكشف الخطوة المقبلة في أزمة الشحات والشيبي.. موقف شرط فيتوريا الجزائي وهل يترشح للانتخابات مجددا؟    نقيب المهندسين: الاحتلال الإسرائيلي يستهدف طمس الهوية والذاكرة الفلسطينية في    صحف إيطاليا تبرز قتل ذئاب روما على يد ليفركوزن    الفلسطينيون في الضفة الغربية يتعرضون لحملة مداهمات شرسة وهجوم المستوطنين    البنتاجون: نراقب الروس الموجودين في قاعدة يتواجد فيها الجيش الأمريكي في النيجر    "مضوني وسرقوا العربية".. تفاصيل اختطاف شاب في القاهرة    إصابة 6 أشخاص في مشاجرة بسوهاج    برشلونة يستهدف التعاقد مع الجوهرة الإفريقية    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 3 مايو 2024.. مصادر دخل جديدة ل«الأسد» و«العقرب» ينتظر استرداد أمواله    عبد المنصف: "نجاح خالد بيبو جزء منه بسبب مباراة ال6-1"    رئيس اتحاد الكرة: عامر حسين «معذور»    الغدة الدرقية بين النشاط والخمول، ندوة تثقيفية في مكتبة مصر الجديدة غدا    كيفية إتمام الطواف لمن شك في عدد المرات.. اعرف التصرف الشرعي    الناس لا تجتمع على أحد.. أول تعليق من حسام موافي بعد واقعة تقبيل يد محمد أبو العينين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبدالحفيظ سعد يكتب: أردوغان فى المصيدة
نشر في الفجر يوم 17 - 08 - 2018

أمريكا تؤدب رجلها فى تركيا لتجاوز حدود دوره
سر الانهيار السريع للاقتصاد التركى مع التصعيد الأمريكى يشير إلى رفع غطاء الحماية عن نظام "العدالة والتنمية"
واشنطن رعت "الديك التركي" على مدار 16 عامًا من تدخل الجيش مقابل لعب أدوار سرية له
باركت أمريكا صعود أردوغان ودفعت جولن للتحالف معه لكنه تجاوز حدود اللعبة القديمة
الأخبار والتحليلات الاقتصادية القادمة من تركيا، تشير إلى أزمة كبيرة تتعرض لها هذا البلد، تتمثل فى انخفاض حاد فى العملة «الليرة»، بدرجة يمكن أن توصف بأنها فى حالة «انهيار»، مما يهدد الاقتصاد التركى كله ويعرضه للإفلاس خاصة فى ظل حجم الديون الخارجية الضخم على تركيا والذى يصل إلى 450 مليار دولار، منه ما يزيد على مائة مليار دولار عاجلة السداد، مما يعنى أنه فى حال استمرار التدهور الضخم فى سعر العملة، سيعجز الاقتصاد التركى على المواجهة.
وبعيدا عن التحليلات الاقتصادية لسبب الانهيار الكبير الذى يتعرض له الاقتصاد التركى، فإن الأمر المهم يتمثل فى أنه الموقف الأمريكى ضد نظام أردوغان (الحليف)، جاء بمثابة رفع غطاء الحماية له، وهو يفسر سر الانهيار السريع، رغم ما يراه خبراء المال والاقتصاد بأنه بسبب سياسة حزب العدالة والتنمية الذى يقوده أردوغان، أثقلت الاقتصاد بالديون التى تجاوز حدود الخطر، ووجود حالة عداء مع غالبية النظم العربية، ودول الاتحاد الأوروبى، ويضاف إليها أيضا سياسات الفساد المتهم بها أردوغان، خاصة بعد تعيينه صهره فى منصب وزير المالية وسيطرته على قرارات البنك المركزى التركى، إلا أن الجانب السياسى المهم فى الأزمة التركية الحالية، هى علاقتها بأمريكا، وهى الجانب الأبرز فيما يحدث فى تركيا الآن.
لكن يبدو أن موقف التصعيد الأمريكى، ضد نظام أردوغان، زاد من وضع تركيا الاقتصادى، خاصة أن العلاقة بين أردوغان وتركيا على عكس ما هو معلن، فهى علاقة ممتدة عبر سنوات عديدة سبقت وصول أردوغان وحزب العدالة والتنمية للحكم بسنوات، ظلت أمريكا وأجهزتها هى الحامى والموجهة لأية تحرك داخلى ضد أردوغان.
والقصة بين أردوغان وأمريكا بدأ فصولها منذ أن كان يعمل عمدة لمدينة إسطنبول، منذ صعود حزب الفضيلة الإسلامى للحكم فى منتصف التسعينيات من القرن العشرين، كما تشير كتابات تركية، أبرزها ما ذكره الكاتب والصحفى التركى «نصوح جنجور»، فى كتاب «أطياف الحركات الإسلامية»، والذى يكشف عن تفاصيل العلاقة القديمة بين أردوغان والأجهزة الأمريكية، وذلك منذ أن كان أردوغان أحد تلاميذ نجم الدين أربكان، رئيس حزب الرفاة والذى حدث تدخل من الجيش ضده فى أواخر القرن الماضى، وتم حل حزبه وسجنه.
لكن مع بداية عام 2001، مهدت أمريكا الطريق لأردوغان، لأن يحل زعيمًا جديدًا لتركيا، بعد أن ضغطت على الجيش التركى، ليسمح لأردوغان بتأسيس حزب سياسى مع المجموعة التى انشقت عن أربكان، وخلال عام واحد فقط تمكن أردوغان من الوصول للحكم فى تركيا، بعد أن رعت أمريكا التحالف بينه وبين رجلها «فتح الله جولن»، زعيم جماعة الخدمة، والذى كان يعيش فى «منفى اختيارى» فى أمريكا،.
وتمكنت المخابرات الأمريكية، من جمع تحالف بين «أردوغان» و«جولن»، مما مكن حزب العدالة من الفوز فى أول انتخابات يخوضها فى عام 2002، بل دعمت المؤسسات الإعلامية المملوكة والموالية له، وفِى صدارتها صحيفة «توداى زمان وقناة «سما-8».
ونجد أن اتهامات أردوغان بأنه رجل أمريكا فى تركيا، لم تقتصر فقط على الكتاب والمحللين أن نجم الدين أربكان (الزعيم الروحى لأردوغان قال فى حديث تليفزيونى له قبل وفاته)، «إن جورج بوش هو من دعم تأسيس حزب العدالة والتنمية.. وأزال من طريقه كل المعوقات الدستورية والقانونية.. وحماه من سطوة الجيش أثناء صعوده للسلطة، بعد اقتناع «أردوغان» بفكرة إدماج دولة إسرائيل فى مشروع الشرق الأوسط الكبير».
ونجد أن ما حدث مع الاحتضان الأمريكى لأردوغان، كانت يسير عبر الاستراتيجية الأمريكية بعد أحداث 11 سبتمبر، للعمل على وجود حلفاء من الشرق، خاصة من لهم توجهات إسلامية، ونجد أن أردوغان نجح فى سنوات حكمه الأولى، فى أن يؤدى الدور المطلوب منه لواشنطن، سواء فى فتح علاقات مع الأكراد، أو مساهمته فى الغزو الأمريكى للعراق فى عام 2003، عبر استخدام الأراضى العراقية للانطلاق نحو الشمال العراقى، وأيضا سماح تركيا بتسليح الأكراد فى العراق.
وأمام الخدمات التى كان يقدمها أردوغان لأمريكا، كان يحصل على دعم أكبر، سواء فى مواجهاته وصداماته مع دول الاتحاد الأوروبى أو روسيا، أو حمايته من تدخل الجيش التركى، ومع تفجر ثورات الربيع العربى، كانت الإدارة الأمريكية فى عهد أوباما تعتمد على أردوغان فى أنه يلعب دور المرشد للتنظيمات الإسلامية التى تصل للحكم وأن يكون ضابط الاتصال بينها وبين أمريكا وإسرائيل.
ولكن مع الانتكاسة التى تعرض لها خلفاء أردوغان فى بلدان الربيع العربى خاصة بعد ثورة 30 يونيو فى مصر وتراجع المشروع الإخوانى سواء فى مصر أو تونس وليبيا، وأخيرا سوريا، لم يدرك أردوغان أن هناك تغييرًا أيضا فى الاستراتيجية الأمريكية، خاصة مع تغيير فى إدارة على رأسها ترامب، وربما نسى الدور المرسوم له، وبدأ يسعى أن يلعب دورا بشكل مختلف ولكنه هذه المرة بدأ يتقرب أكثر مع روسيا وإيران، ويزداد الصدام بينه وبين أمريكا، خاصة فى دعمها لأكراد سوريا وقوات سوريا الديمقراطية التى حظيت بدعم أمريكا فى شمال شرق سوريا.
ولم يكتف أردوغان بأن يلعب دورا على عكس التوجهات الأمريكية، فعمد أن يغير الخريطة السياسية فى تركيا، عبر سعيه للسيطرة على الجيش وتغيير الدستور، وذلك بعد استغلاله محاولة الانقلاب الفاشلة ضده فى منتصف عام 2016، والتى يبدو أنها كانت مجرد «قرصة أذن» لأردوغان من أمريكا التى لم تبارك محاولة الانقلاب الفاشلة، على أمل أن أردوغان سيعتبر مما حدث ويتراجع.
لكن حدث العكس أردوغان تقرب أكثر من روسيا وبدأ يتوهم نفسه أن زعيم الشرق بتحالفه مع إيران، وبدأ يحتك بالقوات الأمريكية المتواجدة فى شرق سوريا، ونسى الدور الذى رسمته له أمريكا، فى مقابل تصعيده للحكم وحمايته من الجيش.
لكن أردوغان تمادى فى تصعيده مع أمريكا (ولى نعمة)، وبدأ يتعامل معها بأسلوب يظهر منه أنه ندًا وليس تابعًا، فنجد أنه فى تعامله مع قضية فتح الله جولن والذى يعيش فى أمريكا ويحصل على رعايتها سعى أن يضغط على الإدارة الأمريكية عن طريق اعتقال قس أمريكى أندرو برونسون، ورهن الإفراج عنه مقابل تسليم أمريكا زعيم جماعة الخدمة الأمريكية، لذلك جاء الرد الأمريكى عليه بصورة لم يتوقعها ولم يتحملها الاقتصاد التركى المهتز، خاصة أنها تعد مؤشرًا بأن أمريكا رفعت يد الحماية عن نظام أردوغان، مما يهدد وجوده، خاصة أنه بعد فتح بلاده أمام تحالفات مشبوهة مع تنظيمات إرهابية، ولم يضع فى اعتباره العلاقة الخاصة التى تجمع أمريكا مع الجيش التركى (الأكثر عددا فى قوات الناتو)، والذى لم يتحرك ضد نظام أردوغان رغم تخطيه دور الجيش وعمله على تغيير هوية تركيا التى اعتمدها كمال أتاتورك فى علاقتها بالغرب، لذلك ستكون السيناريوهات القادمة أمام أردوغان، إما العودة للدور الذى رسم له من أمريكا، والعمل على التراجع بشكل يحفظ ماء وجهه، أو أن يستمر فى التصعيد بعد أن أصابته أوهام الزعامة، لكن فى هذه الحالة سيكون ظهره عاريًا من أية رعاية أو حماية أمريكية من التحركات فى الداخل ضده.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.