شهدت مصر احتلالات عدة على مدار تاريخها، كان أبشعهم الاحتلال الإنجليزي، الذي دخل بمعونة ومؤازرة الخديوي توفيق، وخرج على أيدي ثورة يوليو وجمال عبدالناصر. استمر هذا الاحتلال حوالى 74 عامًا، تم انتهاك مقدرات وموارد مصر واستنزافها، إلى جانب إهانة المصريين والتجاوز ضد حرياتهم وحقوقهم، حتى اكتمل عقد النضال الذي بدأ منذ عام 1882 في مثل هذا اليوم.
يوم قومي
رحيل جنود الجيش البريطاني عن الأرض المصرية، تم وفقًا لما نصت عليه اتفاقية جلاء الإنجليز عن مصر، التي وقعها الزعيم الراحل جمال عبدالناصر مع اللورد "ستانسجيت"، في 19 أكتوبر عام 1954، ليتم تنفيذها في 18 يونيو 1956.
وتم تنفيذ الاتفاقية بخروج 80 ألف عسكري إنجليزي من منطقة تمركز في قناة السويس، علي خمس مراحل، مدة كل مرحلة أربعة أشهر تنتهي بعد 20 شهرًا كاملة، حتي جلاء آخر جندي إنجليزي، وأزالت القوات البريطانية أعلامها من آخر نقطة لها في مصر، وهو مبني البحرية في بورسعيد، وهو أول مبني قاموا باحتلاله عام 1882، ليكون بذلك يوم الخروج عيد قوميًا تحتفل به مصر كل عام وسمي "عيد الجلاء".
ووقع مصطفى النحاس باشا معاهدة الصداقة و التحالف بين مصر و بريطانيا عام 1936 حيث حددت المعاهدة انسحاب القوات البريطانية من أراضي مصر كلها وتمركزها في منطقة قناة السويس وحدها وفي المقابل فرضت على مصر عدة التزامات إذا تعرضت القنال للخطر، معلنًا يوم 8 أكتوبر 1951 إلغاء معاهدة 1936 وقال "من أجل مصر وقعتها ومن أجل مصر ألغيها" وقال إن وجود القوات البريطانية في منطقة القناة أصبح غير شرعي و أن الحكومة المصرية لم تعد مسئؤولة عن حمايتهم وأعلن عن دعم الحكومة للفدائيين في منطقة القناة وبذلك اندلعت الحرب لتحرير منطقة القناة ضد الانجليز وتلك التيي انتهت بتوقيع معاهدة الجلاء عام 1954، وبدأ المسلحون من الضباط الأحرار والإخوان و حركة حديتو "الشيوعيين" والحزب الوطني وحزب مصر الفتاة شن حرب عصابات ضد الإنجليز في منطقة القناة مدعومين من الحكومة المصرية وكانت الخسائر البريطانية نتيجة العمليات الفدائية فادحة خاصة في الفترة الأولى وكذلك فإن انسحاب العمال المصريين من العمل في معسكرات الإنجليز أدى إلى وضع القوات البريطانية في منطقة القناة في حرج شديد.
وفي صباح يوم الجمعة 25 يناير 1952 استدعى القائد البريطاني بمنطقة القناة "البريجادير أكسهام" ضابط الإتصال المصري وسلمه إنذارًا بأن تسلم قوات البوليس المصرية بالإسماعيلية أسلحتها للقوات البريطانية ورفضت المحافظة الإنذار البريطاني وأبلغته إلى وزير الداخلية فؤاد سراج الدين الذي أقر موقفها وطلب منها الصمود، وعدم الاستسلام فقام الإنجليز باقتحام مدينة الإسماعيلية وحاصرت الدبابات و المصفحات البريطانية مبنى المحافظة بسبعة آلاف جندي بريطاني مزودين بالأسلحة ومدافع الميدان بينما كان عدد الجنود المصريين المحاصرين لا يزيدون على 800 في الثكنات و80 في المحافظة لايحملون غير البنادق واستخدم البريطانيون كل ما معهم من الأسلحة في قصف مبنى المحافظة وقاوم الجنود المصريون حتى نفدت آخر طلقة معهم بعد ساعتين من القتال وسقط منهم خمسون شهيدًا وأصيب نحو ثمانين آخرين وتم أسر الآخرين وقد أدى القائد الإنجليزي التحية العسكرية لهم تقديرا لصمودهم.
توقيع معاهدة الجلاء
قام الضباط الأحرار بثورة يوليو 1952 فاشتعلت الحرب مرة أخرى ضد الإنجليز، وكانت هذه المرة بتخطيط من رجال المخابرات المصرية بقيادة زكريا محيي الدين، واضطر الإنجليز في النهاية لتوقيع معاهدة الجلاء من مصر عام 1954 وخرج آخر جندي إنجليزي من مصر في 18 يونيو 1956 "عيد الجلاء".