لم يعد باقيًا لها من حُطام الدنيا، سوى بضع بلاطات على أحد أرصفة شوارع محافظة الجيزة، هي سيدة لا تملك مأوى، وليس لها ملجأ، ولا دار رعاية تعتني بها. أمام باب الجامعة الرئيسي تجدها جالسة منذ عشرون عامًا، حتى تحولت إلى معلم من معالم المكان، تجاوزت الثمانين من العمر، وفقدت إحدى عينيها، وتكاد لا ترى بالعين الأخرى، فلم تمتلك يومًا ما تستطيع به أن تعالج عينيها. قصة السيدة العجوز الحاجة "منة"، التي لا تعمل ولا تجد من يعولها، ولكن يأتيها رزقها من السماء، ولديها من الأولاد ابنتين، ولها من الأحفاد خمسة، ولدين وثلاثة فتيات، ولا أزواج، فزوج ابنتها الأولى توفي والآخر رحل بلا رجعة، وهي بشكل أو آخر المسؤولة عن "كومة اللحم" تلك. "يعتبرونني رجل حياتهم"، هكذا قالت الحاجة "منة"، مؤكدة أن دخلها لا يتجاوز 300 جنيه شهريًا، وهم معاش ما من جهة ما ولكنه لا يكفى الفتات.
مناجاة الله كل ليلة تقول الحاجة منة: "في كل ليلة أخاطب الله، وأسأله رزقي ورزق أولادي وأحفادي، فيأتيني وأنا جالسة، مثلي في هذا مثل مريم العذراء التي كان يأتيها رزقها في كل حين". وتضيف الحاجة منة وهى تمعن النظر فيك بعين واحدة، فهي بالكاد تراك إن اقتربت منها: "لا أجد مكان آخر لي سوى رصيف الشارع، فأنا هنا منذ عشرين عامًا، لا أتحرك، ولو أردت أن أتحرك فإلى أين، فليس لي أهل، ولا أجد سقفًا أستظل به، وليس لي دخل أستطيع به أن أجد سكنًا لائقًا". وبيصوت يتحشرج داخلها من الألم، أكدت الحاجة منة، أنها لا تتمنى شيئًا من الدنيا، سوى أن تعتمر بيت الله الحرام قبل أن تفيض روحها إلى خالقها. مناشدة بالاهتمام بقضايا المرأة وناشدت الدكتورة عزة هيكل عميد كلية الإعلام بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا، المنظمات الخاصة بالمرأة، بالاهتمام بقضايا المرأة، من تعليم وتسرب الفتيات من التعليم، ومن عمل المرأة، وقضايا وحقوق المرأة في محاكم الأسرة، بالإضافة إلى النساء ذوات الاحتياجات الخاصة. وقالت "هيكل"، في تصريح خاص ل"للفجر"، إن الاهتمام بالمسنين وبأهمية القضية، ضرورة قصوى، مطالبة بأن يكون هناك دور رعاية للاهتمام بالمرأة في هذا السن، والاهتمام بصحتها وحالتها النفسية وبوضعها. وأشارت "هيكل" إلى أنه يجب على منظمات المرأة في دور الرعاية بالمسنين، أن يهتموا بمحاولة تقريب الموقف بين المرأة المسنة وأسرتها، لافتة إلى أن هذا الدور غائب إلى حد كبير عن الكثير من المنظمات الخاصة بالمرأة. المجلس القومي للمرأة يرد بينما قالت الدكتوره نجلاء العادلي المستشار العام لمكتب شكاوى المجلس القومي المرأة، إن المجلس لا يتعامل مع حالات السيدات المشردات الاتي يسكن الشوارع، مؤكدة أن وزارة التضامن الاجتماعي هي من تتولاهم وتتبناهم، وليس من اختصاص المجلس إلا أن يمد يد العون للسيدات الاتي يطلبن المساعدة. وأضافت في تصريحات ل"الفجر"، أن تقيدم المجلس الرعاية لهؤلاء السيدات، هو أمر يحتاج إلى دراسة شاملة، مؤكدة أن المجلس يعمل على تحسين أوضاعهم بالتعاون مع وزارة التضامن الاجتماعي، نظرًا أن الأمر من اختصاص الوزارة أولًا، لأنها تُقدم الرعاية الاجتماعية والخدمات للمُشردين والفقراء.