ومع توافر الإخبار عن المعركة التى لم يخضها جيشنا بل كانت الضربات الجوية الإسرائيلية المفاجأة لكل مطاراتنا فى صباح هذا اليوم الأسود هى القاضية على استراتيجية الحرب الدائرة بيننا وبين العدو. ونمنا جميعاً فى أروقة الكلية فى هذه الليلة وبدأت تتلاحق الأخبار حتى يوم 8 يونيو إنتظرنا خطاباً للرئيس , وكانت المصيبة الكبرى حينما شاهدنا "جمال عبد الناصر " يتنحى عن حكم مصر , وينزل لصفوف الجماهير , متحملاً كل المسئولية عن الهزيمة !! هكذا كان خطابه للأمة. وكانت تلك الساعات الطريلة منذ 5 يونيو صباحاً والتغيرات السريعة فى الأخبار التى تصلنا حتى مساء 8 يونيو , وخطاب التنحى , والشعور بالهزيمة ,كل هذه أتذكرها وكأنها ليلة أمس. وأتذكر زملائى وهم يرتدون زيهم العسكرى ومنهم من يبكى ومنهم من يصرخ , ومنهم غير مصدق لما حدث !! وحينما هدأنا , قُسِمْت الواجبات فيما بيننا "محمد أنور القباج " يأتى لنا بالغذاء من منزله وأخر يحمل لنا كتب للمذاكره , وربما نعود للإمتحانات وأخرين يسعون لمعرفه أخبار أكثر من المحطات الأجنبية. وكنا قسمنا أنفسنا للخدمة على مبانى الكليه للحراسات , وكأننا وحده عسكرية كاملة وبعد 8 يونيو كان زحفنا إلى بيت " جمال عبد الناصر " حتى تتحول الهزيمة إلى نكسه وإلى المطالبة بالإستمرار بالكفاح وعودة " عبد الناصر" لأداء الدور الذى كان حلمنا جميعاً أن يستكمله وهو النصر بإذن الله. ومرت الأيام الباقية من شهر يونيو 1967 , أياماً لا أحساس يمتلك مشاعرنا كشباب إلا حتمية الإنتقام ولابد من إعادة القاعدة لأصلها, بأن تنتصر"مصر" بإذن الله وبإرادة شعبها , أعدنا "جمال عبد الناصر" إلى سده الحكم , وتراجع الرجل عن التنحى تحت زحف الجماهير ورفض الهزيمة يومى 10،9 يونيو 1967. كان لعودة الرئيس "جمال عبد الناصر" , فعل السحر لدى شباب الأمه , ولدى شعب "مصر" ,وأخذنا شعار "يد تبنى ويد ترفع السلاح وإستطعنا أن نقوم بالتدريب العسكرى أثناء الدراسة , وكان تدريب غير الذى كنا نمارسه (قبل الحرب). وظهرت الحقائق كامله أمام الشعب , وطالبنا بمحاكمة عادلة لمن تسبب فى الهزيمة , وبدأ "جمال عبد الناصر" فى بناء قواتنا المسلحة , مراعيا أن مصر أصبحت كلها على جبهة القتال , إلى أن جاء أحد أيام شهر يناير 1968 , وخرجت الأحكام على قادة من القوات المسلحة وجهت لهم إتهامات بالتقصير فى حرب يونيو, وكانت الأحكام غير مرضية ومناسبة لإحساس شعب "مصر" ,من مهانه خاصه ، وأن قوات العدو كانت على "الضفة الشرقية لقناة السويس" , وهنا إندلعت المظاهرات حيث بدأت من جامعة القاهرة(كلية الهندسة) وكلية الفنون التطبيقية ، خرجنا لكى نتجه إلى مجلس الأمة , وجائت جامعات عين شمس وتحركت المشاعر الوطنية فى كل أرجاء مصر , مطالبين بأحكام أقسى مما تقرر من المحاكم ضد متسببى الهزيمة , التى اسميناها (نكسة)!! وتم القبض على بعض متزعمى المظاهرات وكنت أحدهم فى "سجن القلعة" كنا طلاب نحب مصر وننادى "عبد الناصر" بأن يستمر فى إدارة الدفة , وظللنا حوالى خمسة وأربعون يوماً, نعامل معامله الأبناء ونسمع المحاضرات وكانت كل رغباتنا تتحدد فى ضرورة القتال من أجل إعادة الكرامة المصرية , حتى خرج علينا الرئيس "جمال عبد الناصر" ببيان 30 مارس 1968 . وللحديث بقية ..........