25 عامًا، تربّع خلالها على عرش كتابات الرعب والفانتازيا، وترك إرثًا أدبيًا محفوف بالدهشة والشغف، ممزوجا بالرعب والإثارة، تميّز بالملامح الهادئة والقلم الساحر الذي أمطر زخات من المغامرات الخيالية الموازية للعالم الواقعي الذي يهيمن عليه اليأس والإحباط.. جعلت أجيالا من الشباب يعتبرونه أبًا روحيًا لهم.. خطَّ القدر آخر سطور صفحة أحمد خالد توفيق، مساء الإثنين؛ فودَّع الدنيا في الموعد الذي تنبأ فيه بالرحيل، عندما قال "موعد دفني 3 أبريل"، وذلك قبل 6 سنوات في مقال له بعنوان "أماركورد". "الأمر لا يتطلب سوى الليل والهدوء لكتابة قصتي، أبدأ باختيار الفكرة ثم أنسج بعدها الشخصيات"، يروي توفيق في أحد لقاءاته الأدبية، طقوس خاصة اعتاد عليها طوال ال25 سنة ماضية، بدأت بإصدار سلسلته الشهيرة "ما وراء الطبيعة" عن المؤسسة العربية الحديثة للنشر، والتي جعلته يتربع على عرش أدب الرعب والخيال العلمي. صعوبات شديدة واجهها "توفيق" في بداية مسيرته الأدبية عام 1993، التي بدأها بأسطورة "مصاص الدم"، إذ رفضه أحد موظفي المؤسسة العربية الحديثة بسبب كتابته في مجال الرعب الذي لم يكن مطروقا وقتها، ونصحه أن يكتب في الأدب البوليسي، ثم تحمس له مسؤول آخر في المؤسسة رتب له لقاءً مع الراحل الناشر حمدي مصطفى مدير المؤسسة الذي عرض قصته على لجنة أدبية، لكنها رفضت بحجة أن أسلوبها مفكك وركيك وغامض، ولما رأى مصطفى اليأس والإحباط على وجه توفيق، عرض القصة على لجنة أخرى برئاسة الدكتور نبيل فاروق، وقد أجازت اللجنة القصة مؤكدة أن أسلوب قوى وجذاب. قدّم بعدها "توفيق" المولود في 10 يونيو 1962 بمدينة طنطا التي ترعرع وعاش فيها، مجموعة من الإصدارات الأدبية منها السلاسل القصصية "ما وراء الطبيعة" و"فانتازيا"، و"سافاري" والروايات التي كان أبرزها "يوتوبيا"، و"السنجة" و"ممر الفئران"، وآخرها رواية "شآبيب" التي صدرت عن دار الشروق خلال معرض القاهرة الدولي للكتاب في يناير الماضي والترجمات والمجموعات القصصية. كان بسيطا حتى أنه رفضه مرارًا لقب "العرَّاب" الذي أطلقه عليه محبوه لقب، قائلا إنّ "الهالة" التي يضفيها قراؤه عليه "تزعجه عندما يشعر أنه يتوقع منه ما هو أكبر من إمكاناته". توفيق الذي تخرج في كلية الطب عام 1985 وحصل على الدكتوراه في طب المناطق الحارة عام 1997، كان يركن في كتاباته للسلاسة، ما جعله اسمه محفورا في عقول وقلوب أغلب شباب مصر والوطن العربي الذين تربوا على قصصه وأفكاره وصار أغلبهم يتحدثون بطريقة أبطاله. كتب توفيق يرثي أحد أبطاله "وداعاً أيها الغريب، كانت إقامتك قصيرة، لكنها كانت رائعة، عسى أن تجد جنتك التي فتشت عنها كثيراً، وداعاً أيها الغريب، كانت زيارتك رقصة من رقصات الظل، قطرة من قطرات الندى قبل شروق الشمس، لحناً سمعناه لثوان من الدغل، ثم هززنا رؤوسنا وقلنا إننا توهمناه، وداعاً أيها الغريب، لكن كل شيء ينتهي!". وهذه الكلمات تصلح في وداعه أيضا.