قال أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، في افتتاح الدورة (20) للمجلس الوزاري العربي للسياحة، إن أن قطاع السياحة يُعدُ من أكثر القطاعات الاقتصادية التي تنطوي على إمكانيات واعدة –بدرجاتٍ مختلفة- في الأغلبية العُظمى من الدول العربية. وجاء نص الكلمة كما يلي: أصحاب السمو والمعالي وزراء السياحة العرب أصحاب السعادة السيدات والسادة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،، إنه لمن دواعي السرور أن يلتئم هذا الجمع في رحاب جامعة الدول العربية، وأن نجتمع اليوم في إطار واحد من أهم المجالس الوزارية الذي يُعنى بتنمية قطاع السياحة في الدول العربية، وتعزيز التعاون والتنسيق بين الهيئات والوزارات العاملة في هذا القطاع باتساع العالم العربي، تعظيماً للفائدة وتحقيقاً للنفع المشترك. والحال أن قطاع السياحة يُعدُ من أكثر القطاعات الاقتصادية التي تنطوي على إمكانيات واعدة –بدرجاتٍ مختلفة- في الأغلبية العُظمى من الدول العربية.. ومن أسفٍ أن هذه الإمكانية الهائلة لا زالت غير مستغلة، أو أنها لا تحقق العائد الأقصى من ورائها.. ولا شك أن الظروف التي مرت بالعالم العربي في السنوات الأخيرة قد أدت إلى تراجع خطير في قطاع السياحة الذي تعلمون جميعاً مدى حساسيته للأوضاع الأمنية والاستقرار المجتمعي. إن استعادة الاستقرار الأمني، والقضاء على الإرهاب يُمثلان الشرط الضروري والرافعة الأهم لدفع قطاع السياحة وتعزيز دوره وتعظيم اسهامه في الاقتصادات العربية التي تحتاج بشدة إلى تنويع مجالاتها والخروج من أُفق الاعتماد على مجال بعينه أو الاقتصار على نشاط محوري مع إهمال القطاعات الأخرى. السادة الوزراء .. الحضور الكريم إن المرءَ ليتألم ويحزن عندما يرى مناطق أثرية ومزارات تاريخية ودينية وقد صارت أثراً بعد عين، بعد أن نالها ما نالها من الخراب والتدمير على يد عصابات الخراب التي تعيث فساداً في بعض بلداننا.. إن العالم العربي هو الخزان الأكبر للذاكرة الإنسانية، إذ تحتضن أرضه الآثار الشاهدة على فجر الحضارة الإنسانية.. وما يجري من تدمير لبعض هذه الآثار التي لا تُقدر بثمن هو تخريبٌ للذاكرة ومحو لواحدٍ من أهم الفصول في قصة الحضارة البشرية. واليوم، ونحن نشهد بشائر القضاء على بعضٍ من الفئات الضالة والجماعات الإرهابية المجرمة التي أشاعت التخريب في بعض البلدان العربية، فعلينا أن ندعو لحملاتٍ كبيرة ومؤثرة ومُبادرات ذات صدى عالمي من أجل استعادة وترميم وإصلاح الآثار التي خُربت وأُلحق بها الضرر .. إن قطاع السياحة الثقافية والدينية في العالم العربي ينطوي على إمكانياتٍ لا نظير لها، ويمتلك مخزوناً من المواضع التاريخية والآثار الباقية لا مثيل له من حيث الفرادة والتميز.. وتقع على عاتق الحكومات العربية مسئولية حماية هذا الإرث الإنساني والحفاظ عليه .. صوناً للذاكرة واحتراماً للتاريخ، وتنمية لواحدٍ من أهم قطاعات السياحة الذي لا زال- للأسف- يُعاني من التدهور وضعف الكفاءة في إدارته. والحق أن الصورة ليست كلها سلبية أو قاتمة.. ففي العالم العربي قصص نجاح مبهرة، ومبادرات لبناء قطاع سياحي تستحق الإشادة والتقدير.. وهناك عملٌ دؤوب يجري في بعض الدول من أجل تنمية مجالات جديدة ومبتكرة للسياحة.. ويقيني أن مجلسكم يحرص على إبراز هذه النماذج الناجحة وتشجيعها .. إلا أن التكامل العربي في هذا القطاع ما زال –للأسف- يُعاني من التباطؤ والضعف. إن تعاوناً وتنسيقاً جاداً ومخلصاً في مجال التنمية السياحية على الصعيد العربي من شأنه أن يحول دون التنافس غير المبرر، ويتفادى التكرار غير المفيد.. وسيؤدي إلى استغلال كل دولة لمواردها السياحية على الوجه الأمثل بالتركيز على المزايا النسبية التي لديها .. وثقتي أن مجلسكم الموقر سيشهد مناقشة معمقة لهذه الموضوعات، فضلاً عن كيفية العمل على تعزيز السياحة البينية العربية، ورفع العوائق التي تحول دون انطلاقها، وبحيث تستطيع الدول العربية المستقبلة للسياحة أن تتفوق على المقاصد السياحية المُنافِسة التي نجحت في الأعوام الأخيرة في جذب السائح العربي. إن السياحة ليست مصدراً للعملة الصعبة، أو سبباً في خلق الوظائف فحسب .. بل هي قطاع رائد بإمكانه أن يُسهم في تنمية وتعزيز عدد من القطاعات الأخرى في الاقتصاد، كالبنية الأساسية والنقل والمواصلات والخدمات المالية وغيرها .. إن الاستثمار في قطاع السياحة هو في حقيقة الأمر استثمارٌ في هذه المجالات جميعاً ويؤدي إلى تشيطها وانعاشها والارتقاء بها.. والنهوض بالسياحة يستدعي منهجاً شمولياً في رفع جودة الخدمة في كافة هذه القطاعات، وبحيث يرتقي المنتج السياحي العربي ويصير منافساً بحق. السادة الوزراء .. السيدات والسادة إن الأمل معقود على مجلسكم الموقر في اتخاذ خطوات جادة من أجل النهوض بالسياحة العربية، وذلك من خلال تطوير الاستراتيجية العربية للسياحة وتعزيز آلية تنفيذها، وخاصة فيما يتعلق بتسهيلات الحركة السياحية بين الدول العربية، ودراسة كيفية تحسين الخدمات في المطارات والمقاصد السياحية العربية في الدول المستضيفة للسائحين .. وأخيراً، فأنني أعرف أن جدول أعمالكم حافلٌ بمثل هذه الموضوعات وغيرها مما يُفيد ويعزز قطاع السياحة والتنمية الاقتصادية العربية بوجه عام.. إنني أتمنى لفعاليات مجلسكم الموقر كل النجاح والسداد.. وفقنا الله وإياكم في النهوض بمجتمعاتنا والارتقاء