ما هي أسباب عدم قبول طلب اللجوء إلى مصر؟.. القانون يجيب    القانون يضع ضوابط تقديم طلب اللجوء إلى مصر.. تفاصيل    تدشين أكبر حملة للتشجير وتجميل المحاور والميادين ضمن مبادرة «كفر الشيخ للأخضر»    ليفربول يحتفل بأول أهداف محمد صلاح مع منتخب مصر فى كأس أمم أفريقيا    بيسكوف: لا أعرف ما الذي قصده فانس بكلمة "اختراق" في مفاوضات أوكرانيا    القصة الكاملة لمفاوضات برشلونة مع الأهلي لضم حمزة عبد الكريم    ليفربول يعلن نجاح جراحة ألكسندر إيزاك وتوقعات بغيابه 4 أشهر    الكرملين يربط أي تعديلات أوكرانية وأوروبية بما تم الاتفاق عليه في قمة ألاسكا    وزير الدفاع الإيطالي: روما مستمرة في دعم استقرار لبنان وتعزيز قدرات جيشه    فلسطين.. إصابة ثلاثة مواطنين في هجوم للمستعمرين جنوب الخليل    كأس أفريقيا.. عمر مرموش رجل مباراة مصر وزيمبابوي    منتخب مصدر يتصدر مجموعته بعد الفوز علي زيمبابوي    محمد هاني: أهدرنا 5 فرص محققة أمام زيمبابوي    مدافع الأهلي السابق: زيمبابوي منتخب متواضع.. وربيعة أفضل من عبدالمجيد    فرحة أبناء قرية محمد صلاح بهدف التعادل لمنتخبنا الوطني.. فيديو    محمد هاني: فوز مصر على زيمبابوي دافع معنوي قبل مواجهة جنوب أفريقيا    منتخب مصر يستهل مشواره في كأس أمم إفريقيا بفوز قاتل على زيمبابوي    فولر ينصح شتيجن بمغادرة برشلونة حفاظا على فرصه في مونديال 2026    12 سيارة إطفاء تحاصر حريق مخزن أخشاب بمؤسسة الزكاة    تأجيل محاكمة 6 متهمين في قضية خلية مصر القديمة    مصرع شخص وإصابة آخر في حادث اصطدام جرار زراعي ودراجة نارية بالبحيرة    بعد 5 أيام من الزفاف.. مصرع عروسين اختناقًا بالغاز في حدائق أكتوبر    قائد الجيش الثاني الميداني: القوات المسلحة قضت بشكل كامل على الإرهاب في شمال سيناء    مصرع شاب وإصابة آخر فى حادث تصادم جرار زراعي بالبحيرة    هيئة الدواء: متابعة يومية لتوافر أدوية نزلات البرد والإنفلونزا خلال موسم الشتاء    دراما بوكس| «المتر سمير» ينافس في رمضان 2026.. وأيتن عامر تعتذر    ستار بوست| أحمد الفيشاوى ينهار.. ومريم سعيد صالح تتعرض لوعكة صحية    وسط شائعات النقص.. الحكومة تطمئن المواطنين بشأن توافر الأدوية: لا أزمة في السوق    برلماني يقترح إنشاء هيئة لتنظيم السوق العقاري وحماية المواطنين من النصب    مروة عبد المنعم: حزينة من كمية التطاول غير المهني على الفنان محمد صبحي.. بابا ونيس خط أحمر    «الشيوخ» يدعم الشباب |الموافقة نهائيًا على تعديلات «نقابة المهن الرياضية»    «الهلال المصرى» يقاوم برد غزة |قافلة طبية لدعم الأشقاء فى السودان    متحدث الصحة: التشغيل التجريبي للتأمين الصحي الشامل يبدأ في المنيا بالربع الأول من 2026    فضل صيام شهر رجب وأثره الروحي في تهيئة النفس لشهر رمضان    مصر و الأردن يؤكدان تعزيز التعاون في النقل البري خلال اجتماعات اللجنة الفنية المشتركة بعمان    رمضان عبدالمعز: دعوة المظلوم لا تُرد    ميرال الطحاوي تفوز بجائزة سرد الذهب فرع السرود الشعبية    الكويت وروسيا تبحثان تعزيز التعاون في مجالات الزراعة والثروة الحيوانية والسمكية    البورصة تختتم تعاملاتها اليوم الإثنين بتباين كافة المؤشرات    تعيينات جديدة بكلية التربية جامعة عين شمس    "يتمتع بخصوصية مميزة".. أزهري يكشف فضل شهر رجب(فيديو)    خلال 24 ساعة.. رصد 153 مخالفة على الطرق في الغربية    محافظ بني سويف يوجه بتيسير عمل البعثة المصرية الروسية لترميم معبد بطليموس الثاني    "هعيش حزين".. أول تعليق من أحمد الفيشاوي بعد وفاة والدته    جنايات الإرهاب تقضى بالمؤبد والسجن المشدد ل5 متهمين بخلية التجمع    يضم 950 قطعة أثرية.... محافظ المنيا يتفقد متحف آثار ملوي    برلمانية الشيوخ ب"الجبهة الوطنية" تؤكد أهمية الترابط بين لجان الحزب والأعضاء    جامعة قناة السويس تعتلي قمة الجامعات المصرية في التحول الرقمي لعام 2025    قصة قصيرة ..بدران والهلباوى ..بقلم ..القاص : على صلاح    تشكيل مجلس إدارة غرفة الرعاية الصحية فى اتحاد الصناعات    محافظ الإسماعيلية يعلن موعد تشغيل مدرستي الفنية التجارية والإمام علي للغات    إطلاق حملة "ستر ودفا وإطعام" بالشرقية    مدبولي: توجيهات من الرئيس بإسراع الخطى في تنفيذ منظومة التأمين الصحي الشامل    محافظ المنوفية يتفقد مركز خدمة عملاء مركز معلومات شبكات المرافق بقويسنا.. صور    وكيل الأزهر يحذِّر من الفراغ التربوي: إذا لم يُملأ بالقيم ملأته الأفكار المنحرفة    وزير الثقافة ورئيس صندوق التنمية الحضرية يوقّعان بروتوكول تعاون لتنظيم فعاليات ثقافية وفنية بحديقة «تلال الفسطاط»    وزير قطاع الأعمال: نحرص على تعزيز الشراكات مع القطاع الخاص المحلي والأجنبي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 22-12-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



للأكراد "دولة مستقلة" بلا حدود!
نشر في الفجر يوم 29 - 09 - 2017

بين الحماس فى أربيل.. وانعدام الثقة فى السليمانية.. انفض مولد الاستفتاء
■ الآن تتغير الدنيا وربما نكون بصدد خريطة سايكس بيكو أخرى.. وربما هو الشرق الأوسط الجديد الذى وضع شيمون بيريز خريطته فى واشنطن وتل أبيب
هنا فى أربيل ومن أربيل إلى السليمانية، بلاد كانت تبدو لى على البعد مثل بلاد الحكايات الغامضة التى تتسارع دقات القلوب فيها انتظارا للنهاية.. أما النهاية التى شهدتها بلاد الكردستان أمس وأمس الأول فربما تكون البداية.. بداية تحقيق حلم الدولة المستقلة للأكراد.. حلم دفع الأكراد ثمنه دما على مدى سنين محاولات الانفصال الفاشلة.
1
أبواب الجحيم
الأكراد شعب بلا دولة.. واستفتاء الامس على دولة للشعب الذى يصل تعداده الآن إلى نحو 30 مليونا وربما يزيد، والنتيجة انتصار ساحق لدولة الكرد فى الإقليم الشمالى للعراق، هنا فى الإقليم الشمالى يسمونه استفتاء الاستقلال والعالم كله يعرف أنه استفتاء الانفصال.. انفصال جزء من العراق ليكون دولة أخرى.. دولة تتضح معالمها الجغرافية على الخريطة بسهولة حيث تتواصل الجغرافيا فى سلاسل جبلية بين شمال العراق وجنوب تركيا وإيران وشمال سوريا وأطراف صغيرة على الحدود الجنوبية لأرمينيا وأذربيجان حيث عاشت منذ القرن السابع قبل الميلاد مجموعات قبلية انحدرت من بلاد فارس القديمة وتحدثت بلهجات شتى لا تكون لغة كردية موحدة ولكن يمكن تمييزها عن اللغات الإيرانية.
فى هذه البلاد تعددت أيضا الديانات سماوية وغير سماوية.. إسلام سنى.. وشيعى..ومسيحية ويهودية وعلويون وآشوريون وايزيديون وشركس وشيشان وكلدان وتركمان.. عاشوا انتظارا لتحقيق حلم دولة الشعب الكردى التى تكرهها دول الجيران، تركيا وإيران وسوريا والعراق الذى كان حتى أمس الأول دولة واحدة، ودول الجيران أيضا كانت حتى أمس وأمس الأول دولا قومية واحدة والآن بعد انفصال شمال العراق فى دولة لا يعرف أحد حدودها ولا مصيرها أصبحت كل الاحتمالات واردة والمصير مفتوحا على أبواب الجحيم الذى رسمت معالمه فى عواصم أخرى.
2
الرحلة
بعد ساعات ثلاث حطت الطائرة فى مطار أربيل.. صحفيون ومتخصصون فى الشأن الكردى، مطار عصرى بناه الأتراك ليكون شاهدا على روابط اقتصادية ومصالح رغم اتساع فجوة الخلافات الآن والتى وصلت إلى تحريك السلاح التركى على الحدود مع كردستان، واختراق مقاتلات تركيا للأجواء الكردستانية.. وإغلاق إيران لحدودها الجوية.. ومن أربيل إلى السليمانية فى طريق برى تحيط به الجبال لساعات ثلاث أخرى.
وفى أربيل تتعاظم مشاهد الحشد للانفصال لافتات وصور وألوان ومهرجانات فى كل مكان تقول: نعم للاستقلال وتقرير المصير.. الاستقلال الذى هو الانفصال.. تتصدر المشهد صورة مسعود البرزانى الرجل السبعينى القوى الذى يريد ان يختتم حياته بزعامة تاريخية لن ينساها العالم والرجل الذى حمل قلبه على كفيه ولم يلتفت إلى الوعود والتهديدات وقال: نعم للانفصال.
فى السليمانية تقل مظاهر الحشد للانفصال تدريجيا، وتجد شبابا يتحدثون العربية بصعوبة فنلجأ إلى لغة الإشارات ونعرف أن الكثيرين من الشعب الكردى فى السليمانية غير معنى بالانفصال.. ولن يخرج من بيته ليشارك فى الاستفتاء ومنهم من يكره زعيمهم البرزانى ومنهم من يبادر ويخبرنا أن النتائج ستزور حسب ميراث التزوير فى بلاد العرب وميراث انعدام الثقة فى كل شىء.
3
صراع الثروات
انتابتنى الحيرة فلم أعرف أين أقف.. وانعدمت الرؤية لدىَّ، ووقفت فى منطقة وجدانية وأخلاقية وعقلية بين إيمان بحق الشعوب فى تقرير مصيرها بالطريقة التى تراها وفى التوقيت الذى تحسبه وبين انتمائى لوطن كان عربيا وباتت دوله تقسم وتتجزأ إلى دويلات صغيرة تتصارع على مناطق يسمونها، المتنازع عليها، وتتصارع على الثروات وتتصارع على النفوذ الإقليمى والصراع يدار من عواصم أخرى فى الولايات المتحدة وأوروبا وتركيا وإيران وبغداد وتل أبيب.
والأخطر من الحيرة وانعدام الرؤية هو سؤال الشك فى الهوية.. فهُوية العرب التى صمدت لسنوات طويلة تهددت الآن.. صحيح لم نفقد هويتنا العربية ولكن الصحيح أيضا أنها لم تعد تسرى فى الدماء كما كانت.. الأكراد فى شمال العراق كانوا يتكلمون العربية.
الآن لا يتكلمونها خاصة الشباب منهم.. الأكراد فى شمال العراق كانوا ضمن دولة العراق وعاصمتها بغداد وهى مقر حكومتها المركزية التى تصنع القرار، رغم الوهن فى مؤسسات الدولة التى مزقتها الحروب.. أول رئيس للعراق بعد سقوط نظام البعث كان كرديا وأول وزير خارجية كان كرديا.. وكان للأكراد فى ظل البعث حكم ذاتى لم يتمتع به أكراد تركيا أو إيران رغم كل عيوبه ورغم قمع نظام البعث للأكراد الذى كان قمعا للعراقيين ويماثله بالزيادة والنقصان قمع فى كل دول العالم للكيانات أو الشعوب التى تنشد تقرير مصيرها..الآن تتغير الدنيا وربما نكون بصدد خريطة سايكس بيكو أخرى.. وربما هو الشرق الأوسط الجديد الذى نظر له شيمون بيريز ووضعت خريطته فى واشنطن وتل أبيب.
4
كلهم كاذبون
الصوت والصورة حسمت ترددى وانعدام رؤيتى.. الصوت صادر من تل أبيب.. والصورة جاءت من جميع أنحاء العالم..فكل أطراف الصراع تكذب وتنعدم الثقة تاريخيا ومسعود برزانى يكذب عندما يقول إن الاستفتاء لا يعنى إعلان الدولة ويعرف ان يوم 25سبتمبر غير اليوم الذى سبقه ويعرف أن جميع من حوله كاذبون. فيقول: أجرينا الاستفتاء وليحدث ما يحدث ومستعدون للتضحية والجميع يملك القوة.. ولن نتراجع حتى لو قطعت رءوسنا.. والرافضون لم يقدموا بديلا.. التوقيت غير المناسب لهم نراه مواتيا لنا.. وبريطانيا تكذب عندما تؤكد أن الاستفتاء سيزيد من عدم الاستقرار ومواجهة الإرهاب.. والبيت الأبيض يكذب ويعلن أن الاستفتاء يهدد استقرار العراق ومواجهة داعش الذى ينتهى بالضربة القاضية ومازال موجودا فى جيوب عراقية صغيرة.
ويكذب البيت الأبيض حين يدعو للحوار مع بغداد ويتحدث عن استعداد الأمريكان لتسهيل الاتفاق حول نقاط الصراع بين الأكراد والنظام العراقى فى بغداد حول مايسميها بالمناطق المتنازع عليها وبرزانى يعرف أنهم كاذبون ولديه ميراث تاريخى منذ القرن الماضى فى التعامل مع البيت الأبيض ومعرفة الحقائق الخافية. وأردوغان فى تركيا هدد وحرك قطعا قتالية على الحدود ويمسك باقتصاد كردستان والأهم أن تركيا ستكون محطة الانفصال الثانية.. لكن برزانى ايضا يعرف أن تركيا تكذب وربما تقف عند حدود فرض عقوبات يتولى شأنها الزمن.. وأن بترول الدولة الكردية الجديدة الذى يتدفق رخيصا عبر أراضى تركيا سيحسم الأمور.. أما النظام العراقى فى بغداد فرغم وصفه للانفصال بأنه لعب بالنار إلا أنه يعرف أيضا أن الدول التى ترفض الانفصال هى الدول التى قسمت وفتت العراق على أسس مذهبية وقومية وعرقية ويعرف أن نظامه غير قادر على إيجاد عراق تحت مظلة دولة المواطنة والمساواة والمشاركة وفق تعقيدات كثيرة.
5
صوت من تل أبيب
أعود إلى الصوت والصورة.. الصورة جاءت من أنحاء العالم لاكراد يحملون علم إسرائيل مع علم كردستان ويركعون للعلم الإسرائيلى فى مهرجاناتهم احتفالا بالانفصال.. والصوت الذى لايكذب هذه المرة جاء من تل أبيب.
صوت نداء للأكراد أن ساعة الاستقلال قد دقت.. وساعة تحقيق حلم الدولة التى ضحى من أجلها أجدادكم قد حانت.. وأن إسرائيل تدعم وتؤيد الانفصال، نداء جنونى لا يدع مجالا للشك أن الدولة الوظيفية التى تحدث عنها الراحل العظيم عبد الوهاب المسيرى، دولة الوظيفة والحراسة ليسيطر الاستعمار على ثروات وشعوب المنطقة.
تنتقل الدولة الوظيفية الآن من مرحلة الوظيفة إلى مرحلة التوظيف.. توظيف دول أو دويلات ثانية وثالثة ورابعة فى العراق وتركيا وإيران وسوريا وربما مصر (التى تحدث عنها ايضا الراحل العظيم حامد ربيع ) قد بدأت وخريطة توزيع وتقسيم الشرق الأوسط الجديد قد بدأت على الأرض بتواطؤ وصمت وخيانات العرب فقد دقت ساعة الانفصال ليس فى كردستان ولكن فى دول أخرى وكما يقال لدينا (الحبل على الجرار).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.