فرضت الولاياتالمتحدة عقوبات مالية جديدة على فنزويلا، في وقت تشدد حكومة الرئيس نيكولاس مادورو قبضتها على المؤسسات العامة وتتخوف المعارضة من حل البرلمان الذي تسيطر عليه. وجاء رد النظام الفنزويلي على التدابير العقابية الأمريكية الجديدة سريعاً على لسان وزير الخارجية خورخيه أرياسا الذي قال "من المستعصي معاقبة فنزويلا"، مشيراً إلى أن الولاياتالمتحدة تجعل من نفسها محط سخرية أمام العالم أجمع. وتطال الإجراءات الجديدة المعلنة أمس 8 مسؤولين، من بينهم أحد أشقاء الرئيس الراحل هوغو تشافيز (الذي امتد عهده من 1999 إلى 2013)، ضالعين في إنشاء الجمعية التأسيسية المنتخبة حديثاً بالرغم من موجة استنكار دولية. وجاء في بيان صادر عن وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوتشين "جُمّدت كل أصول هؤلاء الأفراد في الولاياتالمتحدة ويُحظر على المواطنين الأمريكيين التعامل معهم"، وشدد منوتشين على أن هذا النظام مرفوض والولاياتالمتحدة ستقف إلى جانب المعارضة ضد الطغيان حتى تستعيد فنزويلا ديموقراطية مزدهرة وسلمية. وفرضت واشنطن في 31 يوليو(تموز) الماضي عقوبات قانونية ومالية غير مسبوقة على مادورو الذي وصفته ب "الديكتاتور"، وعقد البرلمان الفنزويلي، وهو المؤسسة الوحيدة التي تسيطر عليها المعارضة، جلسة أمس في خطوة تنطوي على تحد تجاه الجمعية التأسيسية التي تتخذ مقراً لها في مبنى البرلمان عينه. وترى المعارضة في هذه الجمعية المكلفة إعادة صياغة دستور 1999 تكتيكاً يستخدمه الرئيس لإطالة ولايته إلى ما بعد 2019، وتخشى أن يتعرض أعضاؤها "للاضطهاد". وكانت المحكمة العليا قضت بسجن مسؤول محلي في حي بالعاصمة يعتبر معقلاً للمعارضة، 15 شهراً لعدم منعه تنظيم تظاهرات، وفرضت عقوبة ممثالة على مسؤول محلي آخر في كراكاس. وأقالت الجمعية التأسيسية النائبة العامة لويزا أورتيغا، أبرز معارضي مادورو، وتخشى المعارضة أن تقدم الجمعية على إقالة البرلمان، وهو ما يندرج ضمن إطار صلاحياتها. وقررت المعارضة في محاولة منها للإبقاء على زخمها، أن تسجل مسبقاً المرشحين إلى الانتخابات الإقليمية المزمع إجراؤها في 10 ديسمبر(كانون الأول) المقبل، وتأمل أن تساعدها خطوتها هذه على توجيه ضربة جديدة إلى أنصار التشافية في صناديق الاقتراع، معوّلة على الاستياء الشعبي الذي سمح لها بتحقيق فوز ساحق في الانتخابات التشريعية في نهاية 2015. وباتت المعارضة التي كانت تجمع حشوداً من مؤيديها كل يوم تقريباً منذ بداية أبريل(نيسان) تجد صعوبة في تعبئة قاعدتها على نطاق واسع، ولم يلب نداءها إلى قطع الطرق سوى نحو 100 شخص، ما يؤشر على الأرجح إلى فتور الحماس بعد فشلها في منع تشكل الجمعية التأسيسية. وتعول المعارضة على رفض 80% من الشعب لحكم مادورو، بحسب ما كشفت استطلاعات للرأي، آملة أن يكسب ائتلاف "طاولة الوحدة الديموقراطية" (يمين وسط) 18 حكومة إقليمية، ولفت المحلل لويس سالامانكا إلى أن "الانتخابات هي جزء من حرب مواقف ولا بد من النضال من أجل هذه المواقف". ويعول الرئيس الفنزويلي الذي انتخب في 2013 على دعم الجيش الذي يهيمن على الساحة السياسية الفنزويلية، وعلى بعض الحلفاء مثل روسيا والصين وكوبا وبوليفيا والإكوادور، وقد حظي بتأييد نظيره الكوبي راؤول كاسترو الذي أكد له أنه "ليس وحيداً" في نضاله السياسي وفي مواجه "المضايقات الدولية" التي يتعرض لها. وحظي خصوم مادورو الذين يطالبون برحيله، بدعم الأممالمتحدة التي نددت "باستخدام مفرط للقوة" خلال تظاهرات ما أسفرت عن 125 قتيلاً في 4 أشهر، وفي الأسابيع الأخيرة، وجه كل من الولاياتالمتحدة والفاتيكان والاتحاد الأوروبي انتقادات للحكومة الفنزويلية. وأشاد النواب ببيان أصدرته 12 دولة في أمريكا الجنوبية وكندا ودانت فيه "انتهاك النظام الديموقراطي" بعد اجتماع ممثلين لها في عاصمة البيرو، وقال رئيس البرلمان خوليو بورغيس خلال الجلسة "إن الدول الأكثر أهمية في المنطقة أكدت في شكل واضح أن لا ديموقراطية في فنزويلا"، واصفاً البيان بأنه "غير مسبوق". واستدعى وزير الخارجية الفنزويلي الممثلين الدبلوماسيين ل11 بلداً وقعت على البيان، وقال أرياسا "أعربنا لهم عن رفضنا المطلق لهذا الاجتماع".