نعت الأوساط الثقافية والأكاديمية والإعلامية في إسبانيا السبت المترجم والمؤرخ الكبير خوان برنيت الذي قام بترجمة القرآن الكريم للغة الإسبانية.
وتوفي برنيت في برشلونة عن عمر يناهز 88 عاماً بعد أن صدرت له إلى جانب ترجمة القرآن الكريم تراجم لنصوص مشهورة كقصص ألف ليلة وليلة التي أعيد طباعتها مع ترجمته للكتاب العزيز مراراً. هذا إضافة إلى مؤلفاته مثل "أصول الإسلام" و"الأدب العربي" وغيرهما.
ويعتبر كتاب "ما تدين به أوروبا للإسلام الإسباني" الذي ألفه عام 1974الأشهر بين أعماله، وقد ترجم إلى العديد من اللغات منها العربية حيث ترجمه عبد الله محمد الزيات تحت عنوان "الأصول العربية للنهضة الأوروبية" وصدر عن إتحاد الكتاب العرب في دمشق عام 2004.
ولد خوان برنيت في برشلونة عام 1923 ونال شهادة الدكتوراه من جامعة مدريد المركزية عام 1948 عن أطروحته حول عالم الرياضيات المسلم ابن البناء المراكشي (1256-1321م).
عيّن أستاذاً للغة والآداب العربية في جامعة برشلونة حتى تقاعده، ونال العديد من الجوائز المهمة من بينها جائزة الشارقة للثقافة العربية التي منحتها له اليونسكو عام 2004 على مجمل أعماله التي تجاوزت الأربعين كتاباً وأكثر من 300 بحث ومقال يؤكد فيها على أهمية دور الثقافة العربية في إسبانيا والغرب عموماً.
ووصفت صحيفة "ألباييس" خوان برنيت بأنه "المستعرب المتكامل" أو الشامل، وذلك لاهتمامه بكل ما يتعلق بالثقافة والتاريخ العربيين وخوضه في مجالات الآداب والدين والسياسة والعلوم والترجمة وحتى أنساب العرب.
يقول عنه تلميذه الدكتور خوليو سامسو "إن برنيت هو المستعرب الإسباني الأكثر تكاملاً في القرن العشرين.. لأنه لم يكن مستعرباً إسبانياً تقليدياً، وإنما تناول كل شيء ابتداءً من كتابته سيرة النبي الكريم محمد(ص) وحتى تاريخ الجزائر في القرن التاسع عشر".
ويضيف سامسو الذي رافق أستاذه قرابة خمسين عاماً وأصبح بدوره مستعرباً معروفاً وخلفه في كرسي الدراسات العربية بجامعة برشلونة، أن برنيت كان "ملماً بتطور العلوم في القرون الوسطى وعصر النهضة التي شكل لها فريقاً مهماً من الباحثين".
من جهته قال الناقد والإعلامي سرجي دوريا في صحيفة آ.بي.ثي "لقد كان الدكتور برنيت علماً في الدراسات العربية، إنه معلم الاستعراب الإسباني".
أما الصحفية إيزابيل راموس ريوخا التي سبق لها أن أجرت مع الراحل أكثر من مقابلة، فقد كتبت في صحيفة "لابانغوارديا" أن "محاورة برنيت لم تكن أمراً سهلاً، فهي توجب التركيز والانتباه الشديدين لأنه ينتقل من تأريخ إلى آخر ومن شخصية إلى أخرى ومن موضوع إلى آخر لغزارة علمه".
وتؤكد أنه "لكثرة ما كان يناقش بالقرآن وقيم الإسلام، وجدالاته المعروفة مع أئمة المساجد في برشلونة ظن البعض أنه مسلم، لكن رؤيته العقائدية تقوم في الحقيقة على مزيج من الديانات الثلاثة، وهو من القلة التي تعتقد وتثق بإمكانية التفاهم والامتزاج بين هذه الأديان".