ذكرت صحيفة الوطن السورية، أنه لم تبق من سجادة حمراء إلا واستخدمت في باريس ترحيباً بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب وعقيلته ميلانيا. وأشارت الصحيفة في مقالتها الافتتاحيية بقلم رئيس التحرير، وضاح عبدربه، اليوم الأحد، إلى أن الاحتفال الأول للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعيد الثورة، هو بمثابة الفرصة للرئيس الشاب لتعانق بلاده الولاياتالمتحدةالأمريكية أكثر فأكثر طامحاً بشراكة، أو إشراكة، ولو بسيطة، في السياسة الدولية التي باتت تتقاسمها واشنطن وموسكو، بعد أن طُردت أوروبا الغارقة في مشكلاتها.
وأشار عبدربه إلى أن ماكرون، الأوروبي بامتياز، يريد لبلاده ولقارته أن تستعيد دورها وألقها، وهو مستعد لفرش كل ما هو أحمر تحت أقدام الرئيس ترامب، لعله يفتح نافذة ولو صغيرة للقارة العجوز لتقول كلمتها على الساحة الدولية.
واعتبر رئيس تحرير "الوطن" أن ماكرون يبادر، ويطرح، وبعد نجاحه اللافت في الانتخابات الفرنسية، وإزاحة الأحزاب التقليدية، يتطلع الآن إلى قيادة أوروبا وتنصيب نفسه زعيماً لابد من استشارته.
وقال: "إذا كانت ألمانيا العمود الفقري الاقتصادي لأوروبا، فلابد أن تكون فرنسا عمودها السياسي، وهذا ما يعمل عليه ماكرون مستغلاً خروج بريطانيا وخلو الساحة الأوروبية من المبادرات السياسية".
وأكد عبدربه أنه وطوال زيارة ترامب إلى باريس، حرص ماكرون على ألا تظهر فرنسا أنها تخضع سياسياً للولايات المتحدة، أراد للعالم أن يشهد ندية العلاقات بين البلدين والصداقة التي تربطهما، وفقط الصداقة، لا أكثر.
وقد فعل الأمر ذاته حين زار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قصر فرساي منذ شهرين، فوقف ماكرون إلى جانب الزعيم الروسي ليتحدث عن عمق العلاقات التاريخية التي تربط بلديهما وضرورة بناء علاقات ثقة مع الفيدرالية الروسية، وبدا وكأنه يتحدث بلسان الاتحاد الأوروبي الذي يفرض عقوبات على روسيا وليس لسان رئيس فرنسي منتخب حديثاً.
وبيّن أنه من خلال استقباله لترامب والحميمية التي أظهرها ماكرون لضيفه، يمكن أن نقرأ الرسالة التالية: أنتم مرحب بكم في فرنسا كصديق وليس كسيد، ونريد من بلدكم أن يستمع إلينا وأن يحاورنا لا أن يفرض علينا قراراته.
وذكر رئيس تحرير الصحيفة أن تصرفات ماكرون تذكرنا اليوم بتصرفات الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي الذي كان متحمساً على الدوام بحثاً عن دور ما في الشرق الأوسط.
وأضاف عبد ربه: اليوم يطرح إيمانويل ماكرون مبادرة جديدة تجاه سوريا، ويريد اللعب مع الكبار، الروسي والأمريكي، ويأمل بدور لبلاده في إعادة بناء سوريا ووضع حد للحرب الدائرة فيها، ومن أجل ذلك، ومن أجل تسلم زعامة الاتحاد الأوروبي، فهو مضطر أن يجامل، وأن يمد كل ما تمتلكه بلاده من سجاد لكلٍ من روسياوالولاياتالمتحدةالأمريكية، اللاعبين الأساس في العالم.
فهل ينجح ويقود الاتحاد الأوروبي نحو سياسة أكثر واقعية تجاه الصراع على سوريا؟ وينفتح على دمشق ويصحح أخطاء سلفه وأغلبية قادة الاتحاد الأوروبي؟ أم يبقى ساعياً في البحث عن أفكار كما كان ساركوزي، ويتوه في كواليس السياسة الدولية؟! أسئلة ستجيب عنها القادمات من الأيام.