"جفاف الأراضي وبوار المحصول" سيناريو كل عام وأزمة مستمرة، وتبدأ معاناة المزارع في محافظة الدقهلية، منذ بداية موسم حصاد القمح والاستعداد لاستقبال موسم زرع الأرز، فتجد المزارع بين شقي تجاهل المسؤولين من ناحية وعدم توافر الأسمدة وظهور السوق السوداء وجفاف الترع من المياه وانسدادها بالمخلفات وورد النيل من جانب آحر. ويتضرر مزارعو الدقهلية، من نقص مياه الري وانخفاض منسوبها في الترع الرئيسية، ما اضطرهم إلى ري الأراضي الزراعية بمياه الصرف الصحي لمنع بوار الأراضي وفقدان المحصول - على حد قولهم -. وندد الفلاحون من تجاهل المسؤولين، وقال فتحى إبراهيم أحد فلاحى قرية عزبة الشط بمركز شربين، إنهم تقدموا بالعديد من الشكاوي للمسؤولين بداية من الجمعية الزراعية، مطالبًا بتطهير ترعة الري وتوفير المياه للحفاظ على المحاصيل الزراعية ولكن لم نجد من يسمع صوتنا أو يستجيب لمطالبنا، مشيرًا إلى أنهم يستخدمون مياه الصرف لري الأراضي بدلًا من تصحرها. وأكد سعد عبد الله، أحد فلاحي قرية نوسا الغيط بمركز أجا، أنه منذ 5 سنوات يزرع بمياه الصرف الصحي بمصرف سالم، والذي يمر بالعديد من القرى حتى يصب في بحيرة المنزلة؛ لانعدام مياه الري، مؤكدًا أنه قدم العديد من الشكاوى للوحدة المحلية والجمعية الزراعية ووكيل وزارة الري بالدقهلية، وأوضح أنه وأولاده واهالى القرية لا يأكلون من محصول الأرض. وأشار محمد أحمد أحد أهالي نوسا، إلى أنه لا يملك أرض زراعية، لكنه يرى يوميًّا الفلاحين يروون الأرض من المصرف، مؤكدا أن معظم أهالي القرية نأكل منها، وأكثر من 80% من الأهالي مصابين بالفشل الكلوي والسرطانات والفيروسات المختلفة. وفي قرية القطنة والشط، التابعان لمركز شربين، والستاوني بمركز بلقاس، أكد الأهالي أن أراضي القرية تصحرت، ولا يستطيعون الزراعة إلا بمياه الصرف الصحي. واشتكى العشرات من أبناء مدينة منية محلة الدمنة بمدينة المنصورة، من طفح مياه الصرف الصحى على الأراضى الزراعية، ما أدى إلى فساد المحصايل الخاصة بهم، وتلوثها بالصرف الصحى. كما سادت حالة من الاستياء فى صفوف المزارعين، الذين قالوا نحن لا نستطيع زراعة أرضنا، والكوارث التى نمر بها كثيرة، جدا، حرماننا من التقاوى، والبذور والأسمدة، وانخفاض أسعار المحاصيل، حتى وصل الأمر إلى طفح الأراضى بمياه الصرف الصحى، والتى أغرقت ما يزيد عن 15 فدانا من الأراض وفي محاولة لإنقاذ أرضه من البوار لجأ "فلاح" من عزبة رمزي بقرية المقاطعة في مركز السنبلاوين، إلى دق "طلمبة حبشية" بجانب الأرض لري محصول الأرز قبل احتراق الشتلات. وناشد المزارعون، الرئيس "عبد الفتاح السيسي"، ووزيري الزراعة والري، بسرعة التدخل لإنقاذ الفلاح والحفاظ على الثروة القومية برفع المعاناه عن كاهل المزارعين مؤكدين ان الازمة تتفاقم عام عن عام دون جدوى لأى شكاوى. من جانبه، أوضح خبير مائي في جامعة المنصورة، أن الخطر الحقيقي ليس سد النهضة، فمصر دخلت مرحلة الفقر المائي بالفعل؛ لأن حصة مصر من مياه النيل هى 55.5 مليار متر مكعب، والاستهلاك الفعلي هو 71 مليار متر مكعب. ويتم جلب الفرق بين حصة مصر الأساسية والاستهلاك الفعلي من تدوير الصرف الصحي بواقع 2.6 مليار متر مكعب، و4 مليارات متر مكعب من المياه الجوفيه والخرانات السطحية، و2 مليار متر مكعب من المياه الجوفية العميقة"، مشيرا الى انه حينما يزيد عدد السكان 20% عام 2040، ستصل لحتياجتنا المائية من 110 إلى 120 مليار متر مكعب من المياه. فماذا نفعل ومصر لا يكفيها الآن ال 55.5 مليار متر مكعب، لدرجة أن أطراف محافظتي الدقهلية والشرقية تزرع الأرز والفاكهة بمياه الصرف الصحي؟. وطالب الخبير بالبعد عن استخدام الري بالغمر، وتحويله لنظام الري بالرش؛ لأننا نستهلك 42 مليار متر مكعب من الماء في الري بالغمر، ومن الممكن أن نستهلك 20 مليار متر مكعب فقط في الزراعة بنظام الري بالرش. وفى ذات السياق، أكد المهندس محمد المنسي، وكيل وزارة الزراعة بالدقهلية، على أن المديرية مستعدة لموسم زراعة الأرز وتعمل جاهدة على راحة الفلاح وتوفير متطلباته. وأكد المنسى، أن المستهدف فى الدقهلية هذا العام لزراعة الأرز 300 ألف فدان، طبقا لقرار وزير الزراعة والرى ويتم التعامل مع الزراعات المخالفة وإبلاغها لهندسات الرى، مشددا على أنه لا تجود أى أزمات فى الأسمدة، مؤكدا على توافرها بكافة أنواعها، حيث يتم الصرف للمقررات السمادية بالكامل على أساس الحصر الفعلى. وأوضح أن المواطنين وراء نقص المياه بسبب المخالفات فى زراعة المحصول المقرر لهم، مشيرًا إلى أن اكثر من 32 الف فدان تم زراعتهم ارز بالمخالفة فى حين ان المزارع على علم تام بان محصول الارز بحاجة الى مياه باستمرار.