الفانوس البلدي، تقاليد وعادات، اتبعتها الأسر المصرية منذ العصر الفاطمي، للتعبير عن فرحتهم بشهر رمضان المعظم، وإدخال السرور على قلب الكبار والصغار. رجل بسيط الحال، خط الزمان على وجهه سنين العمر، يعمل بيدان متشحتان بالسواد، وبهما علامات من الحروق والجراح، بسبب النار التي آنسها، طوال عمره، ولا تفارقه أبدا، ليعمل في صناعة قد يراها البعض موسمية، لارتباطها بشهر رمضان المعظم، ولكنها في واقع الأمر تتطلب جهدا متواصلا طوال العام، استعدادا للشهر الكريم. يعد محمود سالم، أو "العفريت" أقدم صانع فوانيس، في محافظة قنا، بعد أن توارث تلك المهنة من أبيه منذ أكثر من 40 عامًا، الذي توارثها عن أجداده، حيث تراه قابعًا على إحدى النواصي بجوار المسجد العتيق، بمدينة نجع حمادي، وبجواره أدواته البسيطة، من كاوية و"بابور" ومطرقة ومقص، وبعض "الصفيح" والقصدير، من أجل تصنيع الفوانيس البلدي، والتي تعتبر من مميزات الشهر الكريم. ويقول، العفريت، إن تلك الصناعة أصبح في عداد الصناعات التي شارفت على الاندثار، حيث تعتمد على بعض المواد البدائية، فإنني أقوم بتقطيع الصفيح، على أشكال وزوايا وأضلاع متناسقة ومتسقة الأطوال والإحجام، وفق كل طول من أطوال الفانوس، وحسب ما يطلبه "الزبون"، مشيرًا إلى أن تلك الصنعة تحتاج العديد من المهارات والمميزات في الشخص الذي يقوم بها. وأوضح العم محمود، أنه يقوم بشراء أغلب الخامات من محافظات أخرى، وهناك تجار جملة يقومون باستيرادها من الخارج، مثل القصدير والزجاج الملون وأنواع اللحام، وهذا ما يؤدي إلى ارتفاع أسعار الفانوس في كل عام عن العام السابق له، بسبب ارتفاع أسعار الاستيراد. وأشار صانع الفوانيس، إلى أنه يعمل على شراء كافة الخامات مفككة من القاهرةوالمحافظات الأخرى، ومن ثم يعمل على تشكيلها، وتركيبها سويًا، وفق الإشكال المرغوبة لدى المواطنين، بدقة وحرفية تامتين. وتتفاوت أسعار الفوانيس التي يقبل على شرائها الجميع ولكن الفانوس البلدي يتفوق في كل عام على نظائره ليؤكد أن الصناعات المصرية القديمة لم ولن تندثر، ولكن "العفريت"، يشتكي من ارتفاع أسعار الخامات التي وصلت إلى 100% عن العام السابق، والتي تبدأ من 90 جنيهًا إلى أن تصل إلى 250 جنيهًا، كل على حسب الحجم. وأوضح "العفريت، ان الصراع الحاصل بين الفانوس البلدي، والفانوس الصيني الذي اكتسح الأسواق مؤخرًا، لا تحتسب كذلك، فالفانوس الصيني "ملوش أصل"، بل للفانوس البلدي رونق خاص، وعلامات مميزة، وله زبائنه المداومين على شراءه، ليس من المسلمين فحسب، بل أيضا هناك بعض الأقباط الذين يقومون بشراء الفانوس، ولكن تختلف الصناعة عن الصناعة المطلوبة لفانوس رمضان، حيث يوجد له نوع معين من الزجاج، وله أشكال معينة، ولكنها لا تختلف كثيرًا عن الشكل الأصلي للفانوس. ومع كل هذا ووسط ارتفاع الأسعار، يأبى الأهالي إلى أن يزينوا شوارعهم ومنازلهم كتقاليد متبعة لأدخال البهجة والسرور على الجميع، باعثين برسالة مفادها وكأنهم يقولون "كل عام وأنتم بخير". لمشاهدة الفيديو اضغط هنا