برعاية وزارة الصحة ومنظمات المجتمع المدنى ■ أغلب المرضى سيدات.. والوحدة الصحية: "علاجكم مش عندنا" فى الفيوم، وبالتحديد مركز طامية، الذى يبعد 75 كيلو مترًا عن القاهرة، استغلت الجمعيات الأهلية احتياج أهالى القرى الأكثر فقرًا ومرضًا، لملء دفاترها وسجلاتها بأعمال خيرية مزيفة ترفع من شأنها أمام مديرية التضامن الاجتماعى ومنظمات المجتمع المدنى التى تدعمها ماليًا نظير ذلك. وخلال أسبوع قضته الجمعيات الأهلية بالفيوم، جابت القوافل الطبية قرى مركز طامية، بدءًا من قرية الروضة التى تضم فى زمامها أكثر من 7 عزب صغيرة؛ ليفاجأ أغلب سكانها ب«كابوس» فيروس سى الكبدى الوبائي، ما يستلزم علاجهم فورًا، خاصة أن معظمهم فى مراحل متأخرة من المرض. البداية كانت قبل 3 أشهر تقريبا، عندما تم إبلاغ أهالى القرية عبر مكبرات الصوت بالمساجد بالإضافة إلى توزيع إعلانات وملصقات عقب صلاة الجمعة بمسجد الأمير بالمركز، للإعلان عن حضور قافلة طبية كبرى للجمعية العربية التابعة للتضامن الاجتماعى بالفيوم، وتحت رعاية وزارة الصحة وعدد من منظمات المجتمع المدني، مثل نادى روتارى الجزيرة «هورايزون»؛ لمسح عدد من قرى مركز طامية للكشف عن فيروس سى وعلاج المرضى ومتابعتهم. وبعد توقيع الكشف الطبى السريع على أكبر عدد من أهالى قرية الروضة، فوجئت القافلة فى اليوم الأول بأعداد المصابين الغفيرة، حيث تبين بعد توقيع الكشف على قرابة 600 مواطن إصابة 380 مواطنًا بقرى «الروضة، الروبيات، فانوس، وعزب أصلان ومنشأة الجمال» بالفيروس. المفاجأة تمثلت فى أن أغلب المرضى سيدات، استبشر الأهالى فى القافلة خيرًا، وتعلقت آمال المرضى بها وانتظروا العلاج، بعدما تلقوا وعدًا من موظفى الوحدات المحلية بإدراج أسمائهم بكشوف العلاج ومتابعة حالاتهم حتى الشفاء. إلا أن كارثة حقيقية عطلت كل ذلك، فتحولت أحلام المرضى بالشفاء إلى جحيم، بعدما تجاهلهم المسئولون، ولم يقدموا لهم العلاج كما وعدوهم، بل تطور الأمر إلى انعدام المساعدات عبر المنافذ المعتمدة والعيادات المتخصصة وحتى من خلال المستشفيات الحكومية، رغم أخذ صورة من بطاقة الرقم القومى الخاصة بكل مريض على حدة، والوعد بالتواصل المباشر مع القافلة والجمعية الأهلية للعلاج خلال أسبوع على الأكثر، وهذا ما لم يحدث حتى الآن. انتظر المرضى حتى فقدوا الأمل، فساءت حالاتهم النفسية وتوجهوا لمنازل بعضهم البعض، ليعرفوا ما إذا تم التواصل مع أى منهم أم لا، المؤسف فى الأمر أن أغلب الذين تم إبلاغهم بمرضهم فقراء، ولن يجد أحد منهم وسيلة علاج دون تقديم مساعدة، واستغاث أحد الأهالى ب«الفجر» لعرض الموضوع برمته على الرأى العام لإنقاذهم. وبمجرد وصولنا لقريتى الروضة والروبيات، تحدث إلينا المرضى عن معاناتهم وخوفهم الذى لم يفارقهم منذ إبلاغهم عن طريق القافلة الطبية بأنهم مرضى بفيروس سى الكبدى الوبائي، وكأن حياتهم توقفت عند لحظة سماعهم لخبر إصابتهم بالمرض، دون أن يحصلوا على العلاج المناسب أو حتى بدون الحصول على روشتة تحمل اسم دواء واحد أو التحاليل الطبية المطلوبة. قال رمضان عبدالعال، 55 سنة، موظف بمجلس مدينة طامية، سمعت عن القافلة الطبية وتوجهت إليها لإجراء الفحوصات الطبية اللازمة، طلبوا منى صورة البطاقة الشخصية وأخذوا عينة دم لفحصها، وخلال 10 دقائق فقط صدمونى بخبر إصابتى بفيروس سي، وعندما سألت عن العلاج طمأنونى بأنه تم إدراج اسمى ضمن كشوف من سيتم علاجهم ومتابعتهم خلال أسبوع على أقصى تقدير، لكن بعد مرور أكثر من شهرين اكتشفت كذب القافلة، وساءت حالتى النفسية، وحتى الآن لا أعلم إن كان الأمر حقيقيًا أم لا، خاصة أننى لا أستطيع إجراء فحوصات طبية أخرى على نفقتى الشخصية لأتأكد من إصابتى بالمرض من عدمه. أما خميس عبدالغفار، 51 سنة، معلم بمدرسة منشأة الجمال بمركز طامية، فأكد أنه تقدم للكشف عليه بالقافلة الطبية التى وفرتها الجمعية الأهلية التابعة لوزارة التضامن الاجتماعي، رغم عدم شعوره بأى أعراض مرضية سابقة، ولكن بهدف الاطمئنان على سلامة صحته ليس أكثر، فتوجه للقافلة، وبعد أخذ عينة دم منه فوجئ بإبلاغه بإصابته بالفيروس الكبدى الوبائي، وطلب منه الطبيب الذى أجرى الفحوصات له أن يدرج اسمه ضمن كشوف العلاج والمتابعة وأن يترك صورة بطاقته الشخصية، كان هذا قبل شهرين أو أكثر، وحتى الآن لا جديد، وعدونى بالعلاج بلا أمل، لم أحظ سوى بالتجاهل من القافلة والمسئولين والقائمين عليها. وأوضح على سعد، 63 سنة، موظف سابق بمديرية الأوقاف، أنه أصيب بإحباط شديد بعدما أجرت القافلة الطبية له الفحوصات اللازمة وأخذ عينة من دمه، ليخبره الطبيب بإصابته بفيروس سي، خاصة أنه سبق له إجراء عملية "قلب مفتوح"، وعندما شعر الطبيب بيأسى أقنعنى بأن العلاج متوفر، والقافلة ستساعده وفى خلال أسبوع واحد سيتواصل معه فريق العلاج، لكن مر أكثر من شهرين ونصف الشهر ولم نتلق أى علاج وأصبحت جليسًا للمنزل لا أفارقه. وقالت أمل مصطفى خليل، 37 سنة، ربة منزل، توجهت بالصدفة للقافلة، وبعد إجراء التحاليل اللازمة بعد أخذ عينة من دمى قالوا لى إننى مصابة بفيروس سى الكبدى الوبائى ساءت حالتى النفسية خاصة أننى أعول أسرة فقيرة مكونة من 3 أطفال وأنا لا أعمل ولا أعلم من أين سآتى بالعلاج بعدما وعدنى أطباء القافلة وحتى الآن لا جديد، ذهبت للوحدة الصحية فأخبرنى المسئولون هناك بأن علاجى "مش عندهم" وطلبوا منى التوجه لمستشفى التأمين الصحى، "واضح إن إحنا انضحك علينا، أنا نفسى بس أتعالج علشان خاطر أولادى".