زحام أمام المحال المختلفة، وشوارع مضيئة بالأنوار التي يتوسطها ألوان ورقية تتراقص مع نسمات الهواء المحمل بروائح تفوح من العام للآخر، لتخبرنا عن بدأ شهر اليمن والبركات، الذي ينتظره الجميع بمختلف دياناتهم، إنه شهر رمضان الكريم. أيام قليلة تفصلنا عن بداية الشهر الكريم، ومازالت تحضيراته في الشوارع والبيوت المصرية لم تبدأ بعد، على خلاف السنوات الماضية التي كانت تنطلق فيها التحضيرات قبل رمضان بشهر على الأقل.
"الفجر" تحوّلت في الشوارع المصرية للوقوف على أسباب غياب تحضيرات التي تسبق شهر رمضان.
رمضان بدون زينة قبل شهرين من رمضان كان الشعب المصري بمختلف فئاته العمرية، اعتاد على جمع الأموال من البيوت، اسراء الزينة لتعليقها في الشوارع إحتفاءًا بالشهر الكريم، ولكن تلك الأيام وبالرغم من قرب بداية "رمضان" لازالت الشوارع على شكلها القديم فلم تعلق الزينة بعد.
في شارع المدينةالمنورة، بحي العمرانية، محافظة الجيزة، قال محمد سامي، إحدى الشباب المقيمين في الشارع، إن الشارع لم يجمع الأموال حتى الآنية لشراء الزينة، موضحًا أن سبب تأخرهم هو الوضع الاقتصادي الذي تمر به البيوت المصرية، فقال: "كل الناس قررت تحضر إزاي هتاكل في الشهر ده، ونسيوا الزينة وكل الحاجات دي علشان مفيش فلوس، الناس كلها واحنا بمجمع منهم قررت متدفعش في تعليق الزينة إلا لما يكفوا مصاريف بينهم، ولإنها مش هتكفي ففي الآخر محدش هيعلق زينة في رمضان ده".
الشوارع المصرية تستقبل رمضان مظلمة لم تكن الزينة وحدها عادة الشوارع في رمضان، بل كانت الإنارة أحد أهم الطقوس الرمضانية التي اعتاد عليها المواطنين في شهر رمضان، فبالرغم من تحذيرات وزارة الكهرباء من سرقة الكهرباء لإضاءة الشوارع، إلا أن شهر رمضان من أكثر الشهور التي تشهد فيها الشوارع المصرية إنارة، حيث يتحدى المواطنين الحكومة مقابل استكمال أحد طقوس رمضان.
ومثلما اختفت الزينة من الشوارع، اختفت أيضًا الإنارة، لتستقبل شوارع المحروسة شهر رمضان بالظلام، وأكد محمد دسوقي، أحد سكان شارع أحمد قرني في مساكن فيصل، أن الوضع الاقتصادي سبب عدم استكمال طقوس الشعب الرمضانية هذا العام.
رمضان بدون مسلسلات المسلسلات في رمضان، أحد الطقوس التي يحرص الشعب المصري على متابعتها في رمضان، ولكن رمضان القادم مهدد بأن يختفي فيه هذا الطقس، الأمر الذي أكدته لنا عدد من أولياء الأمور، التي وصفتها سعاد نجيب، ربة منزل قائلة: "مسلسلات ايه اللي اتابعها انا يدوب أفطر عيالي وأفكر في أكلة تاني يوم هتكون ازاي بفلوس قليلة علشان نقدر نكمل الشهر".
وأشار سعيد محمد، 45 سنة، إلى أن رمضان القادم سوف يكون مختلف عن أي رمضان سبق بسبب ضيق الحال، فقال: "رمضان السنة دي هيكون متعب جدا، لاني علشان أقدر أجيب أكل لعيالي يوميا في عز الغلاء ده لازم اشتغل قبل وبعد الفطار، مفيش وقت اصلاً لمسلسلات ولا حتى أفلام".
رمضان بدون مكسرات ومن بين التحضيرات التي كانت الأسر المصرية تلمّ بها، المكسرات التي اشتهر بها شهر الصوم، ولكن بعد جولة في بعض المحال المخصصة لبيعها، أكد لنا طارق جمال زلط، أحد العطارين المشهورين بالعمرانية، أن حالة البيع والشراء لمنتجات رمضان تشهد ركود كبير، موضحًا أن أسعار المنتجات زادت الضعف عما كانت في العام الماضي، كما أن المواطنين سوف يستغنون عن تلك المنتجات لعدم إمكانينهم من شرائها.
وأضاف، أن أسعار البلح كانت 14 جنيه العام الماضي، وتباع هذا العام ب34، وقمر الدين كان ب20 جنيه، وأصبح ب40 جنيه هذا العام، والزبيب كان ب40 جنيه في الماضي، ووصل سعره هذا العام ل56 و64، والبندق يتراوح سعره من 100 ل200، والمشمشية وصل سعرها ل100 جنيه، واللوز ل120 جنيه، وعين الجمل يتراوح ثمنه من 100 ل260 جنيه.
توقف حركة بيع وشراء فانوس رمضان الفانوس، اختراع أصبح أحد أركان الاحتفال بشهر رمضان، حيث اعتاد على شرائه الكبار للاحتفاظ بتراث هذا الشهر الكريم، واعتاد الأطفال اللعب به، ولكن هذا العام شهد سوق بيع الفوانيس حالة من الركود في البيع، وهو الأمر الذي أكده عم أحمد أحد بائعي الفوانيس.
يقول عم أحمد، أن أسعار الفوانيس زادت الضعف، مشيراً إلى المحال التي امتنعت عن بيع الفوانيس نظراً لحالة الركود التي يشهدها سوق البيع، ويتابع قائلاً: "زمان كنت بقف أبيع الفوانيس وكان فيه بياعين كتير بينفسوني في البيع، ولكن الوضع اختلف السنة دي بسبب ارتفاع الأسعار، مبقاش موجود منافسة ولا بيع ولا حتى شراء، وهيتخرب بيوتنا والفوانيس مفيش حد قربلها طول الأسبوع اللي فرشت فيه لبيع الفوانيس".