نقدم لكم حكم الشرع في عقوق الوالدين، ومنع الأولاد من الميراث، وفقًا لدار الإفتاء المصرية. يُسن للوالد العدل في عطية أولاده، ويُكْرَهُ له أن يميِّز بعضهم عن بعض؛ لخبر الصحيحين عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنهما قَالَ: انْطَلَقَ بِي أَبِي يَحْمِلُنِي إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، اشْهَدْ أَنِّي قَدْ نَحَلْتُ النُّعْمَانَ كَذَا وَكَذَا مِنْ مَالِي. فَقَالَ صلى الله عليه وآله وسلم: «أَكُلَّ بَنِيكَ قَدْ نَحَلْتَ مِثْلَ مَا نَحَلْتَ النُّعْمَانَ؟» قَالَ: لا، قَالَ: «فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي»، ثُمَّ قَالَ: «أَيَسُرُّكَ أَنْ يَكُونُوا إِلَيْكَ فِي الْبِرِّ سَوَاءً؟» قَالَ: بَلَى، قَالَ: «فَلَا إِذن». وقد حمل الجمهور ذلك على الاستحباب؛ لقوله: «فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي»، ولأنَّ الصدِّيقَ رضي الله عنه فضَّل عائشةَ رضي الله عنها على غيرها من أولاده، وفضَّل عمرُ رضي الله عنه ابنَه عاصمًا بشيء، وفضَّل عبدُ الله بنُ عمر رضي الله عنهما بعضَ ولده على بعض. "مغني المحتاج" (2/ 543 - 544). أما كيفية العدل بينهم فهي عند الإمام محمد بن الحسن من الحنفية وبعض الشافعية والمالكية والإمام أحمد: أن يُعْطَى الذكر مثل حظ الأنثيين كالميراث، وعللوا ذلك بأن هذا هو حظه من المال لو مات عنه الواهب. وذهب غيرهم إلى أن العدل في ذلك التسوية بين الذكر والأنثى. ولكن للشخص في صحته وعدم اختلال عقله أن يتصرف في ماله بما يرى فيه المصلحة مبتغيًا وجه الله ورضاه، فله أن يعطي بعض ورثته أكثر من بعض آخر لعلَّةٍ؛ كمرض وكثرة ولد وبرٍّ وغير ذلك، فإن حصل حرمان بعضهم تبعًا لتفضيل آخرين جاز، أما إن كان الحرمان أصالةً فلا يجوز ذلك، وحينئذٍ لك أن تعطيها ولو شيئًا يسيرًا. والعقوبات الشرعية في مثل هذه الحالة تتمثل في الهَجْر، وعدم لِين القول معها ولا طلاقة الوجه، ولا بأس بضرب غير مبرِّح خفيف إظهارًا للغضب، مع اجتناب الوجه ومقاتل الجسم، ويمكنك تهديدها بإظهار سوء أخلاقها للأقارب والأصحاب والجيران، لعلها تنزجر أو ترعوي، وكل ذلك يكون بالحكمة حتى لا تنتج نتائج عكسية، فلا بد من حساب المصالح والمفاسد، وارتكاب أقل المفسدتين في كل الأمور، ولا تنسَ صلاة الحاجة، فإن أثرها قويٌّ سريعٌ عجيبٌ (مُجَرَّبٌ)؛ قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ [البقرة: 153]، وكان صلى الله عليه وآله وسلم إذا حَزَبَهُ أمرٌ صَلَّى. رواه أبو داود.