يعيش المواطن المصرى أجواء ربما لم يعهدها من قبل، من حيث سوء حالته الاقتصادية وتدبير احتياجات أسرته، فبعد 3 نوفمبر 2016، انخفضت قيمة كل جنيه يملكه المواطن البسيط إلى النصف،ورفعت أسعار الوقود والمحروقات بنسبة 50%، حيث الزيادة فى أسعار المواصلات والمنتجات وغيرها، ومنذ تلك اللحظة والأسعار لم تنطفئ نيرانها ولم يلبث المواطن بين عشية وضحاها إلا ويستيقظ على ارتفاع جديد، فى ظل الدخول التى لم تتغير ولم تعد تلبى احتياجاته. وبعد تحمل الجميع فاتورة ما يسمى ب "الإصلاح الاقتصادى" ولكن الفقراء ومحدودى الدخل كانوا أكثر ألمًا ووجعًا من غيرهم، ولجأ المواطن إلى "المقاطعة" فى محافظة القناة، فبعد ارتفاع أسعار الأسماك "بروتين الفقراء" لعدم قدرتهم على شراء اللحوم والدواجن، دشنوا حملة "خلوه يعفن" لعدة أيام، ولكن لم تؤثر بشكل كبير.
وفى ظل الظروف التى نمر بها الآن، هل نحن على مشارف مقاطعة اقتصادية لإخماد نار الأسعار التى لا تهدأ جذوتها وللحد من جشع التجار الذى يأكل فى أموال الفقراء ومحدودى الدخل ويستغل حاجتهم، انقسم مجموعة من الخبراء الاقتصاديين إلى فريقين، أحدهما يرى أن المقاطعة الآن غير محتملة الحدوث مستندًا إلى أسباب ومقاييس معينة والأخرون أشادوا بالمقاطعة متمنين حدوثها لرؤيتهم أنها الكارت الأخير للمواطن.
رحب الدكتور محمد عطوة، أستاذ الاقتصاد بجامعة المنصورة، بالمقاطعة الاقتصادية من قبل الشعب لبعض السلع التى ترتفع أسعارها بشكل مبالغ فيه، مؤكدًا على أهمية التنظيم والاستمرار ، بحيث يكون للمقاطعة تأثير على الأسواق، مقترحًا أن يتولى جهاز حماية المستهلك مسئولية تنظيمها والإشراف عليها. وأوضح عطوة، أن المواطن يستطيع الاستغناء عن السلع باهظة الثمن وكذلك السلع الترفيهية، بعد أن أصبح خبيرًا فى سياسة الترشيد والتقشف، فى ظل الظروف الصعبة التى يمر بها. ومن جانب آخر يرى الدكتور وائل النحاس، الخبير والمحلل الاقتصادى، صعوبة حدوث المقاطعة الآن، مبررًا أنها تحدث فى مناخ يسوده الرفاهية ويكثر فيه المعروض من السلع، بينما المواطن الآن لا يشترى سوى الأساسيات التى تسد جوعه، موضحًا: "المواطن بقا بياكل عشان يعيش بس". وقال النحاس: " فى عهد الرئيس السادات مصر كانت تنتج لحوم، وكان تعددنا أقل من دلوقتى بكتير، والمواطن الآن مش عايش فى جو رفاهية عشان يعمل مقاطعة". وفى نفس السياق، أضاف الدكتور محمد النظامى، خبير أسواق المال: "أننا غير قادرين على المقاطعة الاقتصادية، حيث أن المقاطعة ثقافة ليست موجودة الآن، وأصبح من الصعب توحيد المصريين على قرار واحد"، مشيرًا أن إذا حدثت لن يكون لها تأثير على الأسعار بشكل قوى. أوضح أشرف نجيب، الخبير الاقتصادى، أنه من الصعب مقاطعة الشعب لبعض السلع فى الفترة الحالية، وإذا حدث لن يستمر طويلاً، مشيرًا إلى قدوم شهر رمضان، وسوف تشهد الأسواق إقبال على الأطعمة والمشروبات والسلع الرمضانية. وأشار نجيب، إلى أن هناك حلول أخرى كثيرة، منها زيادة الإنتاج وتنظيم الأسواق وعودة الحياة إلى المصانع المتوقفة عن العمل، كل هذا سوف يؤدى إلى زيادة المعروض فى الأسواق وانخفاض الأسعار بشكل تدريجى.