قبل ثلاثة أيام من أول جولة لانتخابات الرئاسة الفرنسية، التي تشبه "مباراة رباعية" نتيجتها واضحة إلى حدّ المفاجأة، يلتقي المرشحون ال11، الخميس، لتوجيه آخر نداء تلفزيوني للناخبين وفي خضم حملة انتخابية شهدت تقلبات وفضائح كثيرة وبمستوى تشويق غير مسبوق، ستشكل آخر إطلالة إعلامية يمنح فيها كل واحد من المرشحين على حدة ربع ساعة على الهواء مباشرة، مناسبة لجذب أنظار الناخبين قبل موعد التصويت، يوم الأحد، خصوصا بالنسبة للمرشحين الأربعة الأقرب للتأهل إلى الجولة الثانية بحسب نوايا التصويت، وهم: إيمانويل ماكرون (وسط) ومارين لوبان (الجبهة الوطنية)، ثم فرانسوا فيون ممثل اليمين التقليدي وجان لوك ميلانشون مرشح اليسار المتشدد اللذان قلصا الفارق مع المرشحين الأولين الأوفر حظا في الفترة الأخيرة.
وشهدت مارين لوبن، المرشحة المناهضة للهجرة وللاتحاد الأوروبي، والتي تشير كافة استطلاعات الرأي منذ أشهر إلى أنها ستعبر إلى الجولة الثانية، جمودا في استطلاعات الأيام الاخيرة، تماما مثلما هو حال المرشح المؤيد لأوروبا إيمانويل ماكرون. وكلاهما توقف رصيده في نوايا التصويت عند نحو 23 بالمئة.
بيد أن كلّ الاستطلاعات تشير إلى هزيمة لوبان في الجولة الثانية أيا كان منافسها من هؤلاء المرشحين الثلاثة.
وتبدو المنافسة محتدمة خصوصا وأن نتائج استطلاعات الجولة الأولى تتضمن هامش خطأ كبير نسبيا، كما أن نسبة الامتناع عن التصويت تنذر بأن تكون عالية وهناك نحو 30 بالمئة من الناخبين يقولون إنهم لم يحسموا أمرهم بعد لمن سيصوتون الأحد.
وأطلق مثقفون وفنانون أميركيون، بينهم الفيلسوف اليساري الملتزم نعوم شومسكي، الأربعاء، عريضة بعنوان " فرنسا، من فضلك لا تكرري مأساة كلينتون ضد ترامب"، لدعوة الناخبين الفرنسيين إلى رص الصفوف خلف ميلانشون".
ويبدأ البرنامج التلفزيوني المباشر عند الساعة 20.00 بتوقيت باريس(18.00 ت غ) يوم الخميس على قناة فرانس2 العامة. وبعد أن يتحدث كل مرشح ربع ساعة، يلتقي المرشحون معا نحو الساعة 22.45 (20.45 ت غ) ليقدم كل منهم خلاصة خلال دقيقتين و30 ثانية.
ولا يتضمن البرنامج نقاشا بين المرشحين وفق هذه الصيغة غير المعهودة التي كانت موضع مشاورات عديدة بين القناة وحملات المرشحين.
ودافع مدير الإعلام في قناة فرانس2، ميشال فيلد، عن هذه الصيغة، قائلا: "النقاش، أمر رائع لأنه يحمل إضافة إلى الجمل النارية الجمل المختصرة والمواقف"، لكن "قبل ثلاثة أيام من الاقتراع ليس هذا ما يحتاج إليه المواطنون" بحسب رأيه.
وأضاف: "لن نتجه إلى سياسة العروض" بل إلى "شكل جدي ومؤطر وقانوني".
والمواضيع المطروحة، هي: القدرة الشرائية والبطالة والقضايا الدولية ومستقبل أوروبا و"مسألة أو اثنتان بشأن توضيح برنامج" المرشح. ويملك كل مرشح الحق في اختيار المواضيع التي يريد التطرق إليها.
وحامت كثير من الشكوك حول تأثير هذا البرنامج لقناة فرانس2 الذي يأتي بعد مناظرة أولى نظمتها قناة "تي اف1" في 20 مارس مع المرشحين الخمسة الأبرز بحسب استطلاعات الرأي. ثم نظمت قناة "بي إف إم تي في" و"سي نيوز" مناظرة ثانية في الرابع من إبريل مع كلّ المرشحين.
وهذه كلها، برامج تلفزيونية غير مسبوقة في التاريخ الانتخابي الفرنسي حيث كان يقتصر منذ 1974 على مناظرة قبل الجولة الثانية التي ستنظم هذا العام يوم 3 مايو المقبل.
وإزاء توقيتها ودرجة الضبابية في الاقتراع، فإن الرهان على "نداء الخميس" الذي يبث أيضا عبر إذاعة فرنسا الدولية وقناة تي في 5 موند وفرانس إنفو، يبدو كبيرا وربما حاسما خاصة للمرشحين الأوفر حظا في الجولة الأولى، مارين لوبان وإيمانويل ماكرون.
وقالت كلوي مورين، مديرة مرصد الرأي العام في مؤسسة جون جوريس: "مع ما لا يقل عن 20 إلى 25 بالمئة من المترددين بين الناخبين الواثقين من مشاركتهم في التصويت، تشكل الأيام الثلاثة الأخيرة لحظة حسم نحو عشرة ملايين ناخب لأمرهم".
وأضافت: "حتى إذا كان الأمر لا يتعلق بمناظرة فإن أي برنامج (إعلامي) سيكون له أثره" في أوج "معركة التصويت المفيد"، يسارا، بين ميلانشون وماكرون.