لم تعد جائزة نوبل للسلام تحظى بالبريق والمكانة المرموقة التى كانت تتمتع بها فى السابق خاصة عند جيل الألفية الذى أصبح يرى «جريتا ثونبرج»، على الرغم من صخب الإعلام الغربى حولها ليست سوى مراهقة تائهة فى دوامة التوجيهات المعلبة وأن «توكل كرمان» لم تكن سوى أداة أتقنت دورها فى مسرحية استدرار التعاطف مستغلة جراح المرأة اليمنية وظروفها غير الإنسانية .لكن السياسيين والنشطاء والرؤساء لهم رأى آخر..فلا يزال هوس الحصول على الجائزة يسيطر عليهم. تضم قائمة نوبل للسلام 338 مرشحًا لعام 2025. وقد تسربت أسماء عدد كبير من المرشحين للجائزة والتى احتوت على مزيج غير متوافق بين الحمائم والذئاب ومن صانعى السلام إلى محبى الحرب. دونالد ترامب.. «جائزة نوبل للحرب» وجاء على رأس القائمة الرئيس الأمريكى «دونالد ترامب» الذى اشتكى سرًّا وعلنًا من عدم فوزه بجائزة نوبل المرموقة حتى الآن وقد ذكر الجائزة عشرات المرات فى المقابلات الصحفية والخطب والتجمعات الانتخابية والمؤتمرات وعلى حساباته فى مواقع التواصل الاجتماعى.
يحاول «ترامب» إبرام اتفاقيات وقف إطلاق النار فى «غزة»و«أوكرانيا» بينما يقول مستشاروه الحاليون والسابقون إن الجائزة تلوح فى ذهنه حتى أصبح السلام الذى لم يصل إليه بعد هوسًا يسيطر عليه. فعلى الرغم من نجاحه فى وقف إطلاق النار بين «إسرائيل» و«إيران» إلا أنه تورط بشكل مباشر فى هذه الحرب بتوجيه ضربة ل«إيران» كما أنه لم ينجح فى إنهاء الحرب الروسية - الأوكرانية. وفى «غزة» لم يحرز الرئيس الأمريكى أى تقدم ولا تزال المجازر الإسرائيلية مستمرة والدعم الأمريكى قائمًا بل إنه اقترح بناء ريفييرا على أنقاض «غزة» الفلسطينية. هذا فضلاً عن قيامه بتفكيك ما يسمى ب«معهد الولاياتالمتحدة للسلام» وإيقافه المساعدات لعدد من المنظمات العالمية. ترشيح الرئيس الأمريكى لهذه الجائزة يواجه صعوبات. فقد سحبت «أوكرانيا» ترشيحها للرئيس واتهمته بالتخاذل فى موقفه تجاه حربها مع «روسيا» بينما تواجه «باكستان» التى رشحت أيضاً الرئيس الأمريكى انتقادات داخلية لاذعة حتى أن رواد السوشيال ميديا فعلوا هاشتاجًا بعنوان «جائزة نوبل للحرب» تهكمًا على ترشيح «ترامب» للجائزة. كما ظهر هاشتاج آخر بعنوان «عار ترشيح ترامب». والمفارقة اللافتة هنا أن مؤسسة نوبل منحت جائزتها للسلام لعام 2024 إلى «الهيباكوشا» وهى «الحركة الشعبية للناجين من القنبلة الذرية فى هيروشيما وناجازاكى» بفضل جهودها الرامية إلى تحقيق عالم خال من الأسلحة النووية.بينما يترشح اليوم لنفس الجائزة من تباهى بأن الضربات التى وجهها ل «إيران» تشبه القصف الذى قامت به بلاده على «هيروشيما» و«ناجازاكى» عام 1945 بالقنبلة الذرية والذى يعد من أبشع جرائم التاريخ الإنسانى إذ راح ضحيته أكثر من 70 ألف شخص، وفقًا ل«معهد فريمان سبوجلى للدراسات الدولية» ب«جامعة ستانفورد» . دانييلا فايس.. عرابة الاستيطان يظهر هوس الإسرائيليين بنوبل فى تفاخرهم بأعداد اليهود الحائزين على الجائزة حول العالم التى تقدر نسبتهم 22 % من إجمالى الحاصلين على الجائزة فى حين لا يشكل اليهود سوى 0.2 % من سكان العالم ما يعنى أن حصتهم من الفائزين تعادل 110 أضعاف نسبتهم، الأمر الذى يدفعهم كل عام بترشيح المزيد من الشخصيات حتى لو كانت مثيرة للجدل. أما هذا العام فقد كان الترشيح من نصيب «دانييلا فايس» التى يعتبر من المستحيل جمع اسمها مع السلام فى جملة واحدة. و«دانييلا» هى مستوطنة إسرائيلية منتمية إلى اليمين المتطرف وتُعرف ب«عرابة المستوطنات غير القانونية» حيث تعد من أبرز مناصرى حركة الاستيطان العنصرية البيضاء والتى تسعى إلى الاستيلاء على المزيد من الأراضى والمنازل من الفلسطينيين. وقد أدينت «دانييلا» مرتين على الأقل بتهمة العنف بما فى ذلك الاعتداء على ضباط شرطة إسرائيليين كانوا يحاولون التحقيق فى هجمات حرق متعمد على منازل وحقول فلسطينية فى الضفة الغربيةالمحتلة وفى العام الماضى فرضت «كندا» عقوبات على «فايس» وستة آخرين بسبب الانتهاك الجسيم للسلم والأمن الدوليين من خلال أعمالهم العنيفة والمزعزعة للاستقرار ضد المدنيين الفلسطينيين وممتلكاتهم فى الضفة الغربية وأدانتها «بريطانيا» أيضا فى مايو 2025 لأسباب تتعلق بتورطها فى العنف ضد الفلسطينيين. وصرحت «فايس» بأنها جهزت مئات المستوطنين للهجوم واحتلال الأراضى فى غزة بمجرد إفراغها من سكانها و قامت بتنظيم رحلات للمستوطنين للاستمتاع بمشاهدة إبادة المدنيين العزل من النساء والأطفال فى «غزة». مصعب حسن يوسف.. جاسوس إسرائيل فى سابقة تعد الأولى فى تاريخ الجائزة ظهر فى الترشيحات اسم الفلسطينى «مصعب حسن يوسف» الجاسوس الذى عمل لصالح «إسرائيل» وتبرأت منه عائلته. الأسباب التى أدت إلى ظهور اسمه بين المرشحين غير معروفة تمامًا فهو جاسوس ساهم فى تمزيق بلاده وتشريد شعبه وقدم معلومات حساسة ساعدت «إسرائيل» فى مطاردة المدنيين الفلسطينيين وملاحقة قيادات المقاومة فى الجماعات المختلفة بل إنه كان سببًا فى سجن والده «حسن يوسف» الذى يعد أحد أهم قيادات حركة حماس فى الضفة الغربية. وكان «مصعب» المعروف لدى «جهاز الشباك» الإسرائيلى ب«الأمير الأخضر» قد صرح لصحيفة «جيروزالم بوست» الإسرائيلية بأنه فى مرحلة ما كان يتلقى أجرًا من «إسرائيل» و«الولاياتالمتحدةالأمريكية» و«السلطة الفلسطينية» و«حماس» فى نفس الوقت. الغريب أن «مصعب» لم يعرف اسمه فى أى اتفاق وساطة أو وقف لإطلاق النار بل ارتبط اسمه بالخيانة والتجسس وهى صفات أبعد ما تكون عن تلقى جوائز من أى نوع. مجرمو الحرب الفائزون بنوبل للسلام إن قائمة نوبل للسلام مليئة بأسماء صادمة لا علاقة لها بالسلام من قريب أو بعيد فقد أعطيت لأكثر الأشخاص جدلا فى التاريخ الإنسانى فقد منحت النرويج جائزة السلام عام 2009 للرئيس الأمريكى «باراك أوباما» لجهوده الاستثنائية فى تعزيز الدبلوماسية الدولية والتعاون بين الشعوب حتى فى الوقت الذى كان يصعد فيه الحرب فى «أفغانستان» وقام أيضا بالتوسع فى استخدام الطائرات المُسيرة بشكل كبير فى بلدان مثل «اليمن» و«باكستان» و«ليبيا» و«الصومال». وقد أذن ب 542 غارة أسفرت عن مقتل ما يقدر بنحو 3797 شخصا. ولم يكن «أوباما» أول رئيس أمريكى تمنحه «أكاديمية نوبل» أرفع جائزة للسلام فى العالم. فقد حصل عليها قبله الرئيس الأمريكى السابق «وودرو ويلسون» عام 1919 لرعايته «عصبة الأمم» على الرغم من القرارات العنصرية التى اتخذها خلال فترة رئاسته. فقد قام مساعدوه بفصل الموظفين السود فى الوزارات الفيدرالية فكان لهم مكاتب ومراحيض وقاعات طعام منفصلة عن زملائهم ذوو البشرة البيضاء. تتعرض جوائز نوبل لانتقادات كل عام بسب الترشيحات التى يراها البعض مسيسة لكن لا شك أنها فى النهاية تظل مركزاً لاهتمام الإعلام وحلمًا للكثيرين ممن يستحقون وممن لا يستحقون أيضًا. 2 3