عقب تفشي الفساد المالي والإداري في المجتمع الإيراني، وقمع الدولة للحريات، التي أدت للتدهور الأوضاع الاقتصادية الحالية، أثارت تساؤلات عدة مفادها هل سيعجل الفساد بالنظام الإيراني، والذي رأه المختصون في الشأن الإيراني صعب في ظل التوتر القائم بين واشنطنوطهران، بينما توقع آخرون سقوط الجمهورية الإسلامية إذا ظل الفساد يتنخور في مفاصل الدولة، مؤكدين أن "إيران" في مرحلة الخطر. تم تصنيف إيران في عام 2015 في المرتبة 130 على سلم مدركات الفساد، من بين 168 دولة شملتها دراسة منظمة الشفافية الدولية، وقد أكدت هذه المنظمة في تقريرها أن أحد أهم أسباب تفشي الفساد في إيران هو غياب الشفافية، حيث إن موظفي الدولة لديهم القدرة على الاستفادة من مواقعهم وقبول الرشاوي، دون أن تكون هنالك آليات لكشف تجاوزاتهم وإخضاعهم للمحاسبة.
وأشار التقرير، إلى أنه عندما تصبح هذه الظاهرة ممنهجة داخل جميع مفاصل الدولة، تتأقلم المؤسسات والمواطنون معها، ويتعاملون حسب قوانينها، وبذلك يصبح الفساد أسلوب حياة، ويكتفي المواطنون بالسعي لتحقيق أكبر قدر من الاستفادة من هذا الواقع، إلا أن بعض السياسيين تجرؤوا على دق ناقوس الخطر، وحذروا من أن تواصل هذه الظاهرة سيؤدي في النهاية لاندلاع احتجاجات اجتماعية وانهيار النظام الحاكم.
صعب الإطاحة بالنظام الإيراني في البداية قال الدكتور محمد محسن أبو النور، الخبير في العلاقات الدولية والشئون الإيرانية، إنه من الصعب الإطاحة بالنظام الإيراني، في الوقت الراهن، بالرغم من حجم الفساد الذي كشف في الآونة الأخيرة، نظرًا لأن النظام الإيراني متماسك ومسيطر بشكل كبيرعلى مفاصل الدولة.
وأضاف "أبو النور"، في تصريح خاص ل"الفجر"، أن المعارضة الإيرانية ضعيفة وهشة، فضلا عن أنها تعي حجم خطورة إزاحة النظام، لذلك من الصعب الموافقة والاتحاد على سقوط النظام، لأنها تدرك أن هذا الأمر يعني سقوط الدولة الإيرانية، فهم يعارضوا النظام، ويعملو على تحسين الوضع لكن أن تظل الدولة قائمة.
الرغبة الدولية هي من تستيطع الإطاحة بالنظام ولفت الخبير في العلاقات الدولية والشئون الإيرانية، إلى أن النظام الإيراني متحالف مع معظم الانظمة الدولية ماعدا الولاياتالمتحدةالأمريكية، وليس هناك رغبة دولية أو إقليمية في الإطاحة، مؤكدًا أن من الصعب القيام بتغير نظام الحكم، إلا إذا مانت هناك رغبة دولية، لأن النظام الحاكم أخذت جميع احتياطتها بعد إثارة بعض الشباب عدة مظاهرات للإنقلاب على النظام، بطرق قمعية.
موقف واشنطن من طهران يجبر المعارضة على تحمل النظام بينما أوضح الدكتور محمد حسين، أستاذ العلاقات الدولية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهر، أن سقوط الأنظمة لابد أن تكون من الداخل، والمعارضة بإيران لا تستطيع فعل ذلك، وإن استطاعت كانت فعلت ذلم من بداية القمع والاعتقالات الممهنجة هناك.
وأضاف "حسين"، في تصريح خاص ل"الفجر"، أن بالرغم من التفكك الداخلي داخل إيران، إلا أنها إذا دخلت حرب سوف تقوى وتتوحد حول القيادة، وهو ما يحدث الأن في إيران، خاصة بعد موقع الولاياتالمتحدة من إيران، لذلم صعب أن تخوض المعارضة الإيرانية تظاهرات تصل لقلب الحكم في البلاد، خوفًا من استغلال أمريكا الموقف.
توقعات بسقوط طهران أكد الكاتب والمحلل السياسي شهريار كيا، عجز إيران عن مواجهة الأزمة الاقتصادية التي تعرضت لها نتيجة فساد متأصل في بنية النظام الإيراني، وأن الاتفاق النووي لا يمكنه معالجة هذه الأزمة التي تهدد بسقوطه، مشيرًا إلى أن الجهة الوحيدة التي استفادت إلى حد كبير من الثروة الاقتصادية الناجمة عن رفع العقوبات والإفراج عن الأصول المجمدة، هي النخبة الحاكمة والحرس الثوري.
وأضاف "كيا"، في مقال نشرته صحيفة "ذا هيل" الأمريكية، أن معدل البطالة في إيران ارتفع؛ نتيجة لتوقيع الاتفاق النووي، كما أن اتساع دائرة الفساد المالي كشف عن وجه آخر للاقتصاد المتعثر في البلاد، والمتمثل في انعدام الأمن الذي يشعر به اللاعبون الاقتصاديون ورجال الأعمال في القطاع الخاص.
واستطرد قائلاُ: إذا لم تحارب إيران الفساد بطريقة منهجية، فإن الجمهورية الإسلامية ستسقط بالتأكيد، فلقد اجتزت إيران مرحلة التهديد، ونحن في مرحلة الخطر.