مصروفات المدارس الحكومية 2025– 2026.. التفاصيل الكاملة وقواعد الإعفاء والسداد لجميع المراحل التعليمية    تقرير حكومى: توقعات بنمو مبيعات الأدوية إلى 5.7 مليار دولار خلال 2025    آمال ماهر عن صوت مصر: «مش عايزة أكون رقم واحد.. واسمي أكبر من أي لقب» (فيديو)    المسلمون يصلون الفجر قبل وقته بساعة ونصف    مواجهات جديدة بين الشرطة ومتظاهرين أمام فندق يؤوي مهاجرين في لندن    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الاثنين 21 يوليو 2025    رئيس مجلس أمناء الجامعة الألمانية: مشروع الهوية البصرية تعزيز للانتماء وتأصيل للقيم المصرية    «الرقابة النووية» تُنهي جولتها التوعوية من أسوان لتعزيز الوعي المجتمعي    إنفوجراف| حصيلة 650 يوما من الحرب الإسرائيلية في غزة.. «أرقام الشهداء والجرحى»    رئيس الأركان الإسرائيلي لجنوده: إنجازاتكم تسرع هزيمة حماس    جريمة داخل عش الزوجية.. حبس المتهمة بقتل زوجها بالقليوبية    اليوم| محاكمة المتهمين في قضية فض اعتصام رابعة    السجن المؤبد ل 5 أشخاص لإتهامهم بالإتجار فى المخدرات بالبحيرة    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 21 يوليو 2025 في القاهرة والمحافظات    رئيس مجلس أمناء الجامعة الألمانية: هناك علماء مصريين متواجدين في كل دول العالم    مستشفى العامرية تنجح في إجراء جراحة دقيقة لطفل حديث الولادة يعاني من كيس سحائي    لاحتوائها على مواد سامة.. 3 منتجات يجب إزالتها من منزلك    وفاة امرأة تبلغ 82 عاما في إيطاليا نتيجة إصابتها بعدوى فيروس غرب النيل    "تموين الدقهلية" يحرر 196 مخالفة في 48 ساعة (صور)    بين الهلال وليفربول، الكشف عن مصير إيزاك    طريقة عمل الحجازية في خطوات بسيطة وأحلى من الجاهزة    بالأصفر الساطع وتحت شمس البحر المتوسط... ياسمين رحمي تخطف الأنظار بإطلالة صيفية تبهر متابعيها على إنستجرام    متحدث الوزراء: جاهزون لتعيين وزير بيئة جديد في التوقيت المناسب    ما أهمية عودة الحكومة السودانية إلى العاصمة من جديد؟    تقديم 40476 خدمة طبية وعلاجية بحملة "100 يوم صحة" في الإسماعيلية    أسامة عرابي: الطريقة التي تعامل بها وسام أبو علي مع الأهلي خارج نطاق الاحترافية    «عيب وانت بتعمل كدة لأغراض شخصية».. خالد الغندور يفاجئ أحمد شوبير برسائل نارية    نشرة منتصف الليل| خطوات حجز شقق الإسكان.. وخسائر قناة السويس خلال العامين الماضيين    رئيس "الحرية المصري": رجال الأمن خط الدفاع الأول في مواجهة التطرف والمخططات الإرهابية    برئاسة ماجي الحلواني.. "الوطنية للإعلام" تعلن تشكيل لجنة لرصد ومتابعة انتخابات الشيوخ    بعد مد فترة التقديم لاختبارات القدرات لطلاب الثانوية العامة.. «اَخر موعد للتقديم»    إصابة 3 سيدات من أسرة واحدة في انقلاب سيارة ملاكي أمام قرية سياحية بطريق العلمين    "شباب النواب" تثمن الضربات الاستباقية لوزارة الداخلية في دحر البؤر الإرهابية    عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير.. سعر الذهب اليوم الإثنين 21 يوليو 2025 بالصاغة    التليجراف: وزير الدفاع البريطانى سيعلن حملة مدتها 50 يوما لتسليح أوكرانيا    يوسف معاطي: لست ضد الورش التي تكتب السيناريوهات ولكنها لا تنتج مبدع كبير    لا تأخذ كل شيء على محمل الجد.. حظ برج القوس اليوم 21 يوليو    نادية رشاد: أتمتع بحالة صحية جيدة.. وقلة أعمالي الفنية لضعف مضمونها    شقيقة أحمد حلمي عن منى زكي: "بسكوتة في طريقتها ورقيقة جدا"    واشنطن بوست: قراصنة يشنون هجوما عالميا على وكالات حكومية وجامعات أمريكية    دعاء في جوف الليل: اللهم أجرني برحمتك واجبر بلطفك كسر قلبي    فيديو- عالم بالأوقاف يوضح حكم إقامة الأفراح وهل تتعارض مع الشرع    رسميًا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 21 يوليو 2025    اعتذار الهلال عن عدم المشاركة في السوبر السعودي.. والاتحاد يؤكد اتخاذ الإجراءات اللازمة    عبد الكريم مصطفى يشارك فى مران الإسماعيلى بعد التعافى من الإصابة    "يريد أكثر من مبابي".. سبب تعقد مفاوضات تجديد فينيسيوس وخطوة ريال مدريد القادمة    "تدخل الإدارة".. نجم الأهلي السابق يكشف مفاجأة بشأن غضب لاعبي الفريق    أنغام فؤاد ومنيب تتألق في صيف الأوبرا 2025 بحضور جماهيري كبير    السيطرة على حريق محدود بجوار مزلقان الرحمانية قبلي بنجع حمادي    باسل عادل: الوعي ليس حزبًا قائمًا على التنافس الانتخابي الضيق    Golden View Developments تطلق مشروع "TO-GTHER".. رؤية جديدة للاستثمار العقاري المدعوم بشراكات عالمية    مبعوث أمريكي: متفائلون بإمكانية التوصل إلى صفقة بين إسرائيل و"حماس"    آدم كايد: حققتُ حلمي بالانضمام إلى الزمالك    هل يستخدم نتنياهو حالته الصحية لشلّ المفاوضات وتجميد محاكمته؟ (تفاصيل)    غرق مركب في نهر النيل بالغربية.. إنقاذ 3 أشخاص واستمرار البحث عن مفقود    وزير الثقافة يفتتح الدورة ال18 من "المهرجان القومي للمسرح المصري" ويكرم رموز الفن المسرحي    أمين الفتوى: التقديم على شقق محدودي الدخل بغير وجه حق «حرام شرعاً»    دعاء الفجر | اللهم إني أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل مازالت إيران بعيدة عن الربيع العربي؟
نشر في محيط يوم 09 - 10 - 2011

بعد اندلاع ثورات الربيع العربي في أوائل العام الجاري بداية من ثورة تونس ثم ثورة مصر ومن بعدها اليمن وليبيا والبحرين وسوريا وإسقاط عدد من الأنظمة الاستبدادية في منطقة الشرق الأوسط التي كانت تعتبر الأكثر فساداً في العالم، أصبحت التطورات السياسية التي تشهدها هذه المنطقة محط أنظار الجميع في العالم لدرجة أن الشعب الأمريكي أتخذ الثورة المصرية مثالاً له وقام باحتلال ساحات وول ستريت على غرار ما قام به المصريون بميدان التحرير في يوم 25 يناير من هذا العام.

وبالنظر إلى النظام الإيراني القائم منذ اندلاع الثورة الإيرانية عام 1979 تحت سلطة الملالي المطلقة التي يتحكم فيها المرشد الأعلى للثورة الإيرانية الذي يتعامل معه البعض على أساس أنه إله يعبد في الأرض، فإن انتفاضة الحركة الخضراء عام 2009 بعد الانتخابات الرئاسية التي شهد العالم أجمع تزويرها لصالح الرئيس محمود أحمدي نجاد تعتبر بادرة التغيير الأولي التي تشهدها الدولة الفارسية بالرغم من فشلها في تحقيق أي من أهدافها.

وهو الأمر الذي دفع مركز الأبحاث "FRIDE" المتخصص في الدراسات السياسية والإستراتيجية وأبحاث حقوق الإنسان إلى القيام بدراسة حول تأثير الربيع العربي على إيران واحتمالات سقوط نظام الملالي هناك والفرص المتاحة أمام المعارضة الإيرانية لتغيير النظام السياسي نحو الديمقراطية، حيث قام برصد موقف المعارضة الحالي داخل إيران ونقاط قوة النظام الإيراني وأيضاً النقاط الهامة التي تعتبر مفتاح التغيير داخل إيران.


حيث قال مركز الأبحاث الذي يتخذ من العاصمة الأسبانية "مدريد" مقراً له أن إيران تعتبر بعيدة نسبياً عن رياح التغيير التي اجتاحت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال العام الجاري، ولكن لا يمكن النظر إلى هذا الحال على أنه نهاية المطاف في إيران لأنه وفقاً لتجربة المعارضة الإيرانية في عام 2009 تجعل الجميع يتساءل :لماذا لا تستفيد المعارضة في إيران من الربيع العربي؟

فالكثير من المراقبين ينظرون إلى الحركة الخضراء على أنها مستقبل الديمقراطية في إيران ولكنها فشلت في استخلاص الدروس المستفادة من مظاهراتها في عام 2009 فهي الآن تعاني من الكثير من الانقسامات وتعاني أيضاً من غموض متزايد حول فكرة تشكيل محرك أساسي للتغيير من الداخل في إيران.

ولكن في الوقت الحالي يعتمد التغيير في إيران على التحولات الإقليمية وخاصة سقوط نظام الأسد في سوريا الذي من شأنه إضعاف النظام الإيراني عن طريق عزله إقليمياً وسيعاني من الانقسامات الداخلية التي تعزز من فرص التغيير السياسي نحو الديمقراطية في إيران.

وهناك كثير من الأسباب التي تستدعي الاحتجاج العام في إيران، فعلي مدار ثلاثة عقود أصبح النظام الثيوقراطي في إيران مشهوراً بأنه النظام رقم اثنين من حيث دمويته في العالم بعد الصين.

فقبضة نظام الملالي الحديدية تجعل النظام الإيراني على رأس قائمة الأنظمة المرجح إسقاطها على أيدي الشعب الذي يعاني بشدة.

بالإضافة إلى هذا، هناك عدد كبير من الإجراءات الاستبدادية التي توجد في إيران الآن منها الحد من الأنشطة الالكترونية على شبكة الانترنت والفساد والانهيار الاقتصادي، ولذلك فإن الوقع يرجح بشكل كبير اندلاع اضطرابات عامة في البلاد كما حدث في مصر وتونس أوائل العام الجاري وفقاً لما نشرته منظمة الشفافية الدولية والبنك الدولي.

والجدير بالذكر أن هناك أرضية ملائمة لمثل هذه الاضطرابات حيث ظهرت الحركة الخضراء المعارضة عام 2009 والتي أُطلق عليها اسم "ثورة تويتر" وقد مهدت الطريق لمزيد من الفاعلية لوسائل الإعلام الاجتماعية المتنقلة مثل "فيس بوك" و"تويتر" وهى نفسها الوسائل التي تميزت بها الثورة المصرية في 25 يناير من العام الجاري.

وتعد إيران موطناً لأكبر وأكثر عالم للتدوين حيوية حول العالم حيث يملك الإيرانيون أكثر من 60 ألف مدونة على شبكة الانترنت وذلك بالرغم من أن الحكومة الإيرانية تملك جيش الكتروني كامل لمواجهة ما تعتبره تهديداً لاستقرار النظام حيث تستهدف الأنشطة الالكترونية من خلال القمع المؤسسي والرصد والرقابة والاعتقالات، وكانت منظمة هيومان رايتس ووتش الدولية قد وضعت إيران في المرتبة الأخيرة من حيث حرية الانترنت.

ويضيف الانهيار الاقتصادي وقوداً إضافياً على نار الثورة في إيران حيث أن الوصول إلى بيانات إحصائية موثوق منها من قبل السلطات الإيرانية حول النشاط الاقتصادي الحكومي هو أمر محدود للغاية، بالإضافة إلى تزايد الشعور بالإحباط وعدم التمكن من السلطة في أوساط الشعب الإيراني وانعدام الفرص الاقتصادية داخل البلاد.

وبصرف النظر عن عائدات النفط التي تعتبر مصدر الدخل الرئيسي لإيران فإن معدل التضخم في الاقتصاد الإيراني وصل إلى 25% ووصل معدل فرص العمل إلى أدني مستوياته وتقدر نسبة البطالة بين الشعب إلى 15%، كما أن العقوبات الدولية أزادت من تكلفة التعاملات الدولية ووضعت الكثير من العوائق أمامها مما يهدد بتزايد خطر الركود الاقتصادي.

ومن جانب أخر، انتشار حالة الغضب العام على نطاق واسع داخل إيران بسبب الفساد الذي تقوم به النخبة الحاكمة في إيران يجعل من السهل توقع اندلاع ثورة شعبية ضد النظام هناك.

وبالرغم من إدعاء النظام الإيراني للتدين وإتباع الأخلاق وتعاليم الدين الإسلامي من قيام ثورة 1979 فإن الفساد المالي منتشر بشكل كبير داخل النظام الإيراني من ضمن أهم ظواهر الفساد التي حدثت في السنوات الماضية هي اختفاء مليار دولار وزارة الخزانة الإيرانية كما أوضح تقرير مكتب التدقيق الوطني عام 2009، وأيضاً اتهام نائب الرئيس الإيراني رحيمي في قضية احتيال يصل المبلغ المسروق فيها إلى 1.1 مليار دولار.

وكذلك موجة الخصخصة التي أطلقها الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد من أجل معالجة المشاكل الاقتصادية للدولة عززت انعدام الشفافية التي استفاد منها فقط الحرس الثوري الإيراني الذي حصل إلى حصة الأغلبية في شركة الاتصالات السلكية واللاسلكية للدولة.

ولكن بالرغم من كل هذه الأمور فإن النظام الإيراني يبدو ثابتاً في مكانه، ويشير هذا التناقض إلى أن الظروف الثورية وعوامل التغيير تختلف من كل بلد عن الأخرى، فإلى هذه اللحظة يبدو أن إيران لن تختبر أية تغييرات سياسية مفاجئة عما قريب في حين أن هناك الكثير من الأمور التي تزيد من إمكانية تعرضها لاضطرابات مؤيدة للديمقراطية ولكن هناك عدد من العوامل التي حصنت النظام الإيراني ضد التأثر من موجة الربيع العربي التي اجتاحت الشرق الأوسط.

وتأتي أولي هذه العوامل في الانقسامات التي تعاني منها صفوف المعارضة الإيرانية كما أن قادتها يقعون تحت قي الإقامة الجبرية التي يفرضها عليهم النظام الإيراني، ويبدو واضحاً أن الحركة المعارضة لم تستفد أي شيء من دروس انتفاضة 2009 ويري الكثير من المراقبين أن الحركة الخضراء تملك أهدافاً غير متماسكة وتفتقر إلى إستراتيجية متسقة.

كما أن الحركة الخضراء صمتت لمدة 14 شهراً بعد الانتخابات الإيرانية التي يري الكثيرون أنها كانت مزورة وهي فترة طويلة للصمت، وبالتالي طالما أن المتظاهرون الإيرانيون يستخرجون تصاريح للتظاهر ويتناقشون حول العودة إلى منازلهم بدلاً من البقاء في الشارع فإنه لا وجود لثورة فارسية ديمقراطية في الأفق.

ثانياً، الدعم القوي الذي يلقاه النظام الإيراني الاستبدادي يسهم بشكل كبير في تقوية شوكته ضد الشعب، على عكس الجيش المصري مثلاً الذي عُرف عنه أنه داعم للشعب على حساب الحاكم المستبد حيث وقف مع المتظاهرون من أجل إسقاط مبارك، بينما وقفت قوات الحرس الثوري الإيراني بحزم إلى جانب المرشد الأعلى على خامنئى أثناء الاحتجاجات التي أعقبت الانتخابات عام 2009 وقم بمذابح عديدة في حق الشعب الإيراني حيث تحولت إيران تدريجياً إلى جمهورية ديكتاتورية عسكرية.

ثالثاً،يبدو أن ثروة إيران النفطية تعمل ضد فرص البلاد للحكم الديمقراطي كما هو الحال في العديد من البلدان الأخرى في الشرق الأوسط حيث اقتربت عائدات إيران النفطية من 100 مليار دولار في عام 2011 وفقاً لصندوق النقد الدولي وهو ما يمثل 25%زيادة سنوية.

كما أن ارتفاع أسعار النفط العالمية حافظت على ثبات موقف العديد من الحكومات الاستبدادية وبالرغم من أنه ليس من المرجح انخفاض أسعار النفط الآن، إلا أن عدد من الأنظمة النفطية المستبدة قد سقطت بالفعل مثل ليبيا التي سقط النظام فيها بسبب الاحتجاجات الشعبية.

ففي ليبيا، وصل السخط الشعبي أقصاه بعد أن أصبحت عائدات النفط غير كافية لسد العجز الاقتصادي والفشل في توفير الغذاء للمواطنين ويمكن لسيناريو مماثل أن يضرب النظام الإيراني.

وعلى الرغم من هذه الظروف غير المواتية إلا أنه يمكن لعدد من التطورات الأخيرة أن تؤدي إلى إضعاف النظام الإيراني بشكل كبير على المدى المتوسط من أهمها الانقسامات التي تشهدها قيادات النظام الإيراني وأيضاً التحولات الإقليمية وأهمها الربيع العربي.

حيث أن النظام الثيوقراطي الذي يحكم إيران يواجه انشقاقات وانقسامات متزايدة وهو الذي يجعل من المرجح أن تتم عملية تغيير منهجية على غرار ما حدث في العالم العربي.

ففي الآونة الأخيرة تصاعدت حدة الخلاف بين المحافظين التقليديين تحت قيادة المرشد الأعلى للثورة الإيرانية على خامنئي وبين الرئيس محمود أحمدي نجاد وأتباعه الذين أسماهم قائد الحرس الثوري "بالمنحرفين" الذين يركزون على الوطنية ومكونات الثقافة الإيرانية على حساب التعاليم الإسلامية الشيعية.

وتعتبر الخلافات الحالية بين القادة الإيرانيين لا مثيل لها حيث بلغت التوترات ذروتها عندما أقال نجاد رئيس الاستخبارات العامة وعارض خامنئى هذا القرار ولكنه لا يستطيع إحراج نفسه من خلال إقالة نجاد ولذلك أسند الأمر إلى الحرس الثوري من أجل وضع شروط صارمة في الانتخابات البرلمانية في مارس 2012 القادم من أجل تقليص فرص الفوز أمام أتباع نجاد حيث يسيطر المحافظون المتشددون على معظم الأجهزة القمعية التي تملكها الدولة.

وبالرغم من أن المرشد الأعلى يملك السلطة العليا والمطلقة داخل إيران إلا أن نجاد اثبت أن لديه قدرة كبيرة على التلاعب والبقاء على قيد الحياة السياسية حيث أنه يظهر الآن بمظهر المعارضة السياسية داخل النظام الإيراني.

وقد عززت هذه الانشقاقات في وحدة القيادة الإيرانية في ميزان القوي الإقليمية فقبل ثلاث سنوات قالت بيانات احدي الإحصاءات أن المواطنين العرب يعتبرون نجاد واحد من أكثر رؤساء العالم شعبية ولكن الآن يهتف المتظاهرون السوريون "تسقط إيران" ويطالبها شيعة الحرين بعدم التدخل في شؤون بلادهم الداخلية.

والأهم من ذلك هو أن أحداث الربيع العربي عطلت خطة إيران للسيطرة على المنطقة فالأحداث في ليبيا مثلاً أوقفت الأجندة النووية الإيرانية بعض الشيء، كما أن إيران فقدت قوتها أمام اللاعبين الإقليميين مثل سوريا ومصر وتركيا.

وتعتبر أكبر مخاوف إيران هو خسارة نفوذها داخل سوريا التي تعتبر حليفها الأهم منذ بداية حربها مع العراق وقامت بتوقيع اتفاقية دفاع مشترك معها أيضاً، وطالما تحالف إيران مع سوريا مستقر فإن إيران مطمئنة على قدرتها على ممارسة الضغط على إسرائيل والغرب.

كما أن خسارة إيران لتحالفها مع سوريا في حالة سقوط نظام بشار الأسد هناك يهدد بزوال حزب الله الذي يتلقي الجانب الأكبر من تمويله ونفوذه من إيران وسوريا.

وتبدي إيران تخوفها من أن يتحول الموقف السوري إلى تبني موقف أكثر انسجاماً وانفتاحاً على الدول العربية في مقابل أن يقدم عميل سعودي الدعم المباشر في وقف المظاهرات في سوريا.

كما أن سماح مصر لمرور سفينتين إيرانيتين من خلال قناة السويس لا يعني أنها ستقيم علاقات مباشرة مع إيران، لأن مصر كما يبدو أصبحت منفتحة أكثر على حكومة حركة "حماس" في قطاع غزة وهو الأمر الذي سيعزز دورها الراعي للقضية الفلسطينية والعمل ضد رغبة إيران في السيطرة على العملية.

كما أن انتظار النتائج في الصراع السوري الداخلي يعتبر من أهم محاور الخلاف الإيراني التركي، حيث أن تركيا تعارض تماماً ممارسات النظام السوري ضد المظاهرات السلمية وتطالب الأسد بالتنحي في حين أن طهران تسانده ضد شعبه.

وكان قد حذر الحرس الثوري الإيراني تركيا بشأن سياساتها تجاه سوريا حيث كانت أنقرة قد استضافت تجمعات للمعارضة السورية وناقلي الأسلحة، كما أنه يبدو أن تركيا تحاول تقليص الدور الإيراني في المنطقة من خلال تأسيس تحالف استراتيجي مع مصر بعد سقوط نظام مبارك.

وبالتالي فإن كل هذه التطورات التي ساعدت في زيادة عزلة النظام الإيراني إقليمياً ودولياً تعطي لعناصر المعارضة الداخلية الفرصة كاملة للقيام بالتغيير نحو الديمقراطية.

وبناءً على الانهيار الداخلي الذي يشهده النظام الإيراني، فإن أسلوب ميدان التحرير الذي جري تنفيذه في العديد من الدول العربية خلال الفترة الماضية لا يبدو أنه قد يكون خياراً ملائماً للتغيير في إيران.

حيث أن تغيير النظام الإيراني لن يتم من خلال الشارع لأن الحركة الخضراء تفتقر الآن إلى وسائل حشد الجماهير ولا تملك النفوذ الكافي لزعزعة أسس نظام الملالي هناك، ولذلك فأنه سيكون من الخطأ إذا ركز المجتمع الدولي جهوده ومساعداته على هذه الحركة الضعيفة.

لأن مصير النظام الإيراني يتوقف على التطورات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط فمثلاً مصير نظام الأسد في سوريا سيكون حاسم بالنسبة لمكانة إيران في المنطقة، كما أن موقف اللاعبين الإقليميين مثل مصر وتركيا من بين الأمور الهامة التي تسهم في عزل إيران وتوفير الفرص للقوي المؤيدة للديمقراطية داخل إيران بعد إضعاف النظام من الداخل.

ومن جانب أخر، تعتمد احتمالات تغيير النظام الإيراني على جهود الاتحاد الأوربي والأطراف الدولية الأخرى في إسقاط النظام السوري بعد تزايد الإحساس الدولي بالإحباط من عدم وجود أي انفراج ملموس في المسألة النووية الإيرانية ولكن يبدو أن الاتحاد الأوربي قد اختار إستراتيجية حذرة من عدم التدخل، لأن الحساسيات بشأن الموقف الإيراني تعتبر من أهم المحركات لتقاعس الاتحاد الأوربي تجاه سفك الدماء السورية.

وفي النهاية تقول الدراسة أن استقرار إيران معرض للخطر بشكل أساسي بسبب افتقارها للقوة الناعمة وسيكون سقوط النظام هناك نتيجة لعدم تأقلمه مع التغيرات الإقليمية التي تحدث الآن.

وطالما أن إيران ترفض تبني سياسة دبلوماسية أكثر نشاطاً، ولعب دور بناء يهدف لحل الأزمات الإقليمية من خلال حلول معتدلة فإنه في النهاية ستضعف إلى المرحلة التي ستؤدي إلى إسقاط نظام الملالي المتحكم في البلاد منذ عام 1979.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.