تسبب تعويم الجنيه واستمرار ارتفاع أسعار الدولار فى خسائر فادحة لشركات توصيل وتركيب الغاز الطبيعى التابعة لوزارة البترول والآخرى الخاصة التى تقوم بمد وتوصيل خطوط وشبكات الغاز الطبيعى للمحافظات والمدن المختلفة تمهيدا لتوصيلها للوحدات السكنية. وانخفضت معدلات توصيل الغاز الطبيعي للمنازل في الفترة الأخيرة ، بشكل مؤثر نتيجة طبيعية لارتفاع التكاليف ، خصوصا في المناطق الريفية والشعبية مما حدي شركة إيجاس لإعادة تقدير الموقف تجاه رغبة شركات التوصيل لرفع قيمة التكاليف ،مما ينذر بتعرض شركات التوصيل للإفلاس وتعريض عمالها للفصل ، مما قد يشكل أزمة كبيرة في القريب العاجل إذا لم تتخذ وزارة البترول خطوات تصحيحية سليمة،نظراً لمرور فترة طويلة منذ تاريخ تعويم الجنيه وعدم القيام بأى إجراء للوصول بسعر عادل لتوصيل الغاز للعميل ، فإن كافة شركات توزيع الغاز تعانى من عدم مقدرتها على زيادة أسعار مقاوليها ، أو توفير المهمات مع تحملها الزيادة الكبيرة فى تكلفتها ، وكذلك الزيادة الكبيرة فى أجور العاملين بهذه الشركات بما يتناسب مع معدلات التضخم الغير مسبوقة ، وبالتالى فإن سرعة إصدار قرارات لتصويب الأسعار أصبح ملحاً. وتأثرت أعمال المقاولات أيضا تأثيراً مباشراً بقرارات تعويم الجنيه، حيث تعتمد أعمال المقاولات على المعدات والسيارات التى تضاعفت تكلفة قطع غيارها وتكلفة تشغيلها بعد تطبيق القرارات السيادية بزيادة أسعار المحروقات ، يضاف إلى ذلك زيادة أجور العمالة المباشرة والغير مباشرة الداخلة فى أعمال توصيل الغاز الطبيعى. وتعتمد كافة الشركات العاملة فى مجال توصيل الغاز على المقاولين المعتمدين من الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية إيجاس ، وأغلبهم من صغار المقاولين الذين لاتتحمل شركاتهم التقلبات فى تكلفة تنفيذ الأعمال من معدات وسيارات وقطع غيارها وتكلفة تشغيلها والزيادة فى أسعار المحروقات ، وأجور العمالة الأمر الذى أدى إلى طلبها زيادة أسعار التنفيذ بنسبة 40% ، وتحقيقها خسائر كبيرة ووصول عدد كبير منها إلى مرحلة الإفلاس ، مما يؤدى إلى عدم مقدرة هذه الشركات على الإستمرار والخوف من قرب إختفاء هذه الشركات وعدم وجود العدد الكافى من المقاولين المعتمدين المؤهلين اللازم لتنفيذ خطة الدولة فى المرحلة القادمة. وتسبب تطبيق أسعار صرف العملات الأجنبية السارية بالبنوك التجارية إعتباراً من تاريخ تعويم الجنيه فى بداية نوفمبر 2016 ،فقد تم تطبيق الزيادة على المهمات المستوردة المتعاقد عليها بالفعل قبل تاريخ التعويم حيث أن تحديد السعر المقابل للعملة الأجنبية بالجنيه المصرى يتم فى تاريخ ورود الشحنة وليس تاريخ التعاقد علي توريدها وينطبق نفس الشئ على سعر الدولار الجمركى ومع قيام الموردين المحليين بزيادة أسعار التوريد بإعتبار أن المكونات الداخلة فى الإنتاج مستوردة "البوليمر المستخدم فى صناعة مواسير البولى إيثيلين والخام الحديد المستخدم فى صناعة المكونات المحلية". مع العلم أن يبلغ السعر العادل لتوصيل الغاز للعميل حالياً والذى يحقق الحفاظ على مستوى الجودة مبلغ 4500 جنيه لكل عميل ، التى تشمل أعمال شبكات التوزيع والتركيبات الخارجية والداخلية ، وتحويل الأجهزة وأعمال إعادة الشئ لأصله ، بينما السعر المحدد هو 2700، بالإضافة إلى 150 جنيه يتم تحصيلها من العميل لصالح إيجاس مساهمة العميل فى البنية التحتية "ولا يشمل السعر العادل المقترح أعمال البنية الأساسية من مآخذ ومحطات تخفيض الضغط وأعمال خطوط الضغط المتوسط. وقال المهندس محمد حسنين رضوان وكيل أول وزارة البترول لمشروعات الغاز ، إن استمرار ارتفاع سعر الدولار أثر بالسلب على شركات تركيب وتوصيل الغاز نتيجة اعتمادها على استيراد 70% من الخامات المستخدمة فى عمليات التركيب من الخارج الأمر الذى أدى إلى زيادة تكلفة الخامات إلى أكثر من الضعف ، بسبب إرتفاع سعر الدولار فضلا عن زيادة قيمة الجمارك وتطبيق قانون القيمة المضافة بنسبة 13% بدلاً من ضريبة المبيعات بنسبة 10% مما يعد عبئا كبير على الشركات. وأضاف "رضوان" فى تصريحاته ل"الفجر"، أن أصبح سعر تكلفة تركيب الغاز للوحدة السكنية ضئيل جدا،حيث يقوم المواطن بتسديد 1850 جنيه لتوصيل الغاز فقط يخص إيجاس منها مبلغ 150 جنيه ، وتقوم الشركة القابضة للغازات الطبيعية "إيجاس" بدفع ألف جنيه ليصل إجمالى التكلفة التى تصل إلى شركات التوصيل مبلغ 2700 جنيه والتى أصبحت ضئيلة وغير مناسبة وليس لها جدوى ، منوها أن تلك الإجراءات أدت إلى وجود خسائر وتعرض بعض الشركات لشبح الخسارة والإفلاس . وأضاف أن أصبح ما تتقاضاه شركات التوصيل من المواطن والدولة ممثلة فى "إيجاس"أقل من التكلفة الحقيقية التى تتحملها الشركات ، منوها أنه يتم حاليا إعداد دراسات لتعويض الشركات بشكل أو آخر عن الخسائر التى تتعرض لها وتواجهها.
وأكد أن التسعيرة الحالية "جبرية" وقرار زيادتها من عدمه خاضع فقط لمجلس الوزراء، إلا أن الإجراءات المطروحة حاليا لتجنب استمرار خسائر الشركات تتضمن زيادة التكلفة ، بالإضافة لإعادة الشئ لأصله من خلال شركات التوصيل بسبب مبالغات الأحياء والمحليات الشديدة والضوابط التى نعانى منها نتيجة ما تفرضه هذه الجهات من مصاريف ومبالغ كبيرة تسبب استنزاف لشركات التوصيل التى اقترحت على الأحياء والمحليات أن تتولى عمليات الحفروإعادة الشوارع كما كانت لتلاشى المقايسات الكبيرة التى تحددها الأحياء وتطالب شركات الغاز بدفعها والحصول على مبالغ مالية كبيرة كبيرة فيها وخير مثال على هذه المبالغات محافظة الإسكندرية التى تفرض مقايسات ومصروفات مبالغ فيها على شركات الغاز، لذا تضمنت الدراسة الجديدة قيام الشركات بإعادة الشئ لأصله دون تدخل الأحياء والمحليات من قريب او بعيد،مؤكدا أنه يجرى التنسيق حاليا مع المحليات للإتفاق على تحديد وإقرار" تعريفة موحدة" لإعادة الشئ لأصله .
وشدد على أنه طرح مذكرة تتضمن إعفاء شركات توصيل الغاز من الجمارك،لأنها تستورد 70% من نسبة الخامات، منوها أن هناك 5 شركات تابعة لوزارة البترول تعمل فى مجال توصيل وتركيب الغاز الطبيعى هى " تاون جاس – غاز مصر – غاز الأقاليم "ريجاس"- غاز سيناء – غاز القاهرة " بالإضافة لشركة صيانكو التى دخلت مؤخرا .
وأضاف أن هناك عدة شركات تابعة للقطاع الخاص تعمل فى مجالات توصيل وتركيب الغاز ، حيث تم إسناد مناطق بعينها لهذه الشركات التى تأتى فى مقدمتها شركة" ناتجاس" التابعة لمجموعة الخرافى الاستثمارية، ومجموعة "طاقة" المملوكة لأحمد هيكل التى تشمل " سيتى جاس – ربكوجاس"،بالإضافة لشركات آخرى منفصلة هى " الفيوم جاس- ناشيونال جاس – مايا جاس – أوفر سيز". ونوه أن المواطن يتحمل 35% من إجمالى التكلفة، مؤكدا أن التكلفة الحقيقة لتوصيل الغاز الطبيعى للوحدة السكنية تبلغ 5 ألف ونصف جنيه. فى سياق متصل قال المهندس محمد حمزه رئيس شركة غاز القاهرة، إن الشركة تعرضت لبعض المصاعب والخسائر خلال الفترة الحالية بسبب ارتفاع سعر الدولار وارتفاع أسعار المنتجات البترولية التى أثرت على عمل الشركة،حيث توقف مقاولى الحفر عن عملهم نتيجة مطالبتهم برفع قيمة التعاقدات معهم وبالفعل تم زيادتهم 40 % من المتفق عليه . ولفت رئيس الشركة فى تصريحاته ل"الفجر"، إلى أن إتفاقية "البنك الدولى" التى تتضمن توفيره الخامات المستخدمة فى عمليات التوصيل والتركيب للمنازل والوحدات السكنية بالمناطق العشوائية و النائية والفقيرة ساهمت بشكل كبير فى تقليل الخسائر التى تعرضت لها الشركة، خاصة مناطق "المرج- القلج- الخصوص – الوجه البحرى"، مضيفا أنها تنفذها حاليا فى الأماكن المتعاقد معها ،مع التنويه أنه يتم عمل مقايسات خاصة للمناطق الجديدة المتعاقد معها مثل "مدينتى" والعاصمة الإدارية الجديدة التى لا يقوم البنك الدولى بتوفير الخامات لها لانها لا تعتبر مناطق عشوائية أو نائية.
وكشف أن البنك الدولى منح شركات الغاز المصرية العاملة فى توصيل وتركيب خطوط وشبكات الغاز "قرض خامات" حيث يقوم بتوفير الخامات من الخارج وتوزيعها على الشركات التى تقوم بتوصيلها وتركيبها فى المناطق التى يتم اختيارها وتحديدها ، على أن يقوم المواطن بدفع وسداد قيمة اشتراكات التوصيل للشركة بعد انتهاء التوصيل له . وأوضح أن تبلغ إجمالى التكلفة الحقيقية للوحدة السكنية حاليا ما يزيد عن 4 ألاف جنيه إلا أن العميل يقوم بدفع وسداد 2850 جنيه فقط يخص شركات توصيل الغاز منها 2700 جنيه وكشف المهندس مدحت يوسف نائب رئيس هيئة البترول السابق، أنه بدأ العمل بتوصيل الغاز للمنازل من خلال الاستعانة بخبرة احد الشركات الانجليزية لمنطقة حلوان،وذلك لقربها في ذلك الوقت من حقل ابو الغراديق بمنطقة دهشور ، ثم تولت شركة غاز مصر المهمة كشركة مصرية وحيدة في هذا المجال .. وأضاف يوسف فى تصريحاته ل«الفجر»، ان جاءت أزمات البوتاجاز المتتالية حافز قوي لهيئة البترول للتوسع في توصيل الغاز الطبيعي للمنازل في عهد الدكتور حمدي البنبي وزير البترول السابق لاحلال البوتاجاز بالغاز الطبيعي وقتذاك والذي لم يكن هناك طلب عليه وتوقف العديد من حقول الغاز عن الانتاج نتيجة عدم توافر منافذ لاستخدامه صناعيا وخلافها. وأشار إلى أن جاءت فكرة التوسع فى تركيب وتوصيل الغاز من خلال إنشاء شركات من القطاع الخاص تتولي كل شركة منطقة امتياز محددة طبقا للتوزيع الجغرافي لمحافظات مصر ولسرعة إنجاز المهمة تم الاسناد بالأمر المباشر منها شركات اجنبية لديها نشاط بترولي في مصر مثل شركة شل ومنها لشركات استثمارية ومنها لبعض اصحاب النفوذ وذو العلاقات الخاصة كعادة تلك الفترة . وأوضح أن بدأت تلك الشركات العمل طبقا لمنظومة تعتمد علي قيام تلك الشركات بالصرف علي البنية الاساسية وعملية التوصيل والخطوط والتركيبات وخلافة اعتبارأ من نقطة الاتصال الخاصة بمنطقة امتياز الشركة مع شركة جاسكو المسئولة عن توصيل الغاز لشركات توصيل الغاز وحتي توصيل الغاز لأول وحدة سكنية ليتم محاسبة الهيئة علي كافة المصروفات وسدادها للشركة كحافز لتلك الشركات للتعجيل في الانتهاء من مشروعات توصيل الغاز للمنازل في أسرع وقت. ونوه أن في بداية التجربة كان محاسبة المواطنين بنفس أسس محاسبة شركة غاز مصر وهي سحب اسطوانة او أسطوانتين فقط دون سداد تكاليف اخري خاصة بالتوصيل، مضيفا أن تطورت أسس المحاسبة بين الشركة القابضة للغازات ( إيجاس ) التي تولت تلك المسئولية فيما بعد وشركات توصيل الغاز للمنازل مع توحيد أسس المحاسبة فتم تحديد مبلغ 1000 ( الف جنية مصري) قيمة موحدة لما يتم سداده لشركات التوصيل علاوة قيام العميل بسداد باقي تكاليف التوصيل البالغة 1500 جنية مع إمكانية التقسيط عن طريق البنوك المقرضة لتسهيل عملية السداد. واستطرد قائلا :" جاءت أحداث الهوجة الثورية المصاحبة لثورة يناير 2011 بالسلب علي تلك الشركات وتوقف العمل في معظم المناطق علاوة علي قيام عمال تلك الشركات بالتظاهر والإضراب والاعتصام بمقر الشركات مطالبين بزيادة الأجور ومساواتهم بنظرائهم العاملين بشركات القطاع البترولي وكان يصعب علي قيادات تلك الشركات تحقيق مطالبهم في ظل توقف العمل وبالقطع عدم قيام إيجاس بالسداد إلا مع توصيل الغاز للعملاء بالفعل. ومع عودة الاستقرار الأمني للبلاد عاودت وزارة البترول نشاط توصيل الغاز للمنازل بكثافة للحد من اختناقات توزيع أسطوانات البوتاجاز مع تعديل أسس المحاسبة لتصل الي تحمل العملاء ما قيمته 1800 جنية بما يتمشي مع الحد الأدني للاجور الذي تم إقراره بعد ثورة يناير، إلا أنها اصطدمت مؤخرا مع مع قرار البنك المركزي بتعويم الجنيه المصري واختلاف أسس المحاسبة مرة اخري حسب توقيتات شراء المهمات من الخارج سواء لسعر صرف الدولار الجمركي او للأسعار العالمية ربطا بسعر الصرف وقت فتح الاعتمادات المستندية للمهمات مما أدي لقيام شركات توصيل الغاز بالمطالبة برفع قيمة ما يتحمله العميل الي ما يوازي 3500 جنيه الا ان هذا القرار لم يتخذ حتي الان لأضراره الخطيرة برفض العملاء توصيل الغاز لمنازلهم لارتفاع القيمة والاتجاه مرة أخرى لأسطوانة البوتاجاز بعد توافرها في الفترة الأخيرة دون اختناقات .