بمجرد أن تطأ قدميك طرقاته تشعر وكأنك ذا شأنٍ عالٍ، وبالرغم من تبدّل الكثير من سكانته القديمة بغيرها جديدة، إلا أن مباني قليلة متمسكة بطرازها القديم ترجعك لعصر الستينات العريق، لما كان عليه شارع "حسن رزاز" نوال سابقًا. على إحدى جانبيه عُلقت لافتة مكتوب عليها "شارع الشهيد حسن رزاز"، وعلى الرغم من تعليق الجديدة وإزالة القديمة التي كانت تحمل إسم "نوال" إلا أنه لم يذكر شخص واحد الاسم الجديد ولا زال اسم "نوال" مخلدًا حتى في المواصلات. لم يكن الإسم وتغييره، هو الجدل الوحيد ل"نوال"، ذلك الشارع الذي تحمل جدرانه وجوانبه، قصص وحكايات مثيرة عن صفوة المجتمع المصري، وملوك ورؤساء العرب، ومشاهير مصر. "الفجر" جمعت خلال جولة لها داخل الشارع المقصود عدد من الحكايات المثيرة عن ملوك ورؤساء العرب، ومشاهير المجتمع، الذين كانوا يقيمون في شارع "نوال". سر تسميته "نوال"؟ "شارع نوال اتسمى على إسم أخت الملكة نازلي"..كلمات رد بها "أحمد انيس" أحد سكان شارع نوال عن سؤالنا عن سبب تسمية شارع حسن الرزاز (نوال سابقًا) باسم نوال، فقال أن الأسم يرجع لشقيقة الملكة نازلي "نوال محمد عبد الرحيم باشا صبري" حيث أنه امتلك قصر بالشارع وعاش فيه مع زوجته توفيقية هانم، وأنجبا بنتين، الملكة نازلي زوجة الملك فؤاد أبو الملك فاروق، وشقيقتها نوال. وحسب حديث (أحمد) ل"الفجر" وما ذُكر في بعض المواقع الإخبارية، أن القصر سمي باسم نوال شقيقة نازلي، التي توفيت في سن السادسة، فخزن عليها والدها محمد عبد الرحيم باشا صبري وأطلق إسمها على القصر عام 1905، الذي تحوّل مقراً لأكاديمية ناصر العسكرية العليا، ثم أطلق اسمها على الشارع الكبير الذي يقع فيه القصر ليكون شارع نوال. لماذا إشتهر شارع "نوال" بأنه سئ السمعة؟ ترددت الكثير من الشائعات قديمًا حسب روايات السكان القدامى في الشارع، أنه كان سئ السمعة يتهرب منه الكثيرون، ووفقًا لذلك قال "أحمد انيس" أحد السكان، أن تلك الأحاديث روُجت عن الشارع بسبب عمارة الجوهرة التي كان يمتلكها دكتور "رياض فوزي" في الشارع، مشيراً إلى أن العمارة كانت تُأجر شققها بالمفروش لليبيين، وهم كانوا يحوّلون تلك الشقق لممارسة الأعمال المنافية للآداب (دعارة)، قائلاً: "كان في العمارة 3 شقق لليبيين مشغلينهم دعارة بسبب طلعت سمعة على شارع نوال أنه سئ السمعة ومليان شقق دعارة". "الجوهرة"..عمارة المشاهير وقال أنيس، إن عمارة الجوهرة بالرغم من أنها كانت سبب تسوئ سمعة (شارع نوال) إلا أنها كانت عمارة المشاهير، فكانت تسكن فيها الفنانة "حورية حسن" التي أطلق عليها لقب "المطربة الطائرة"، لأنها كانت دائمة السفر إلى الدول العربية الشقيقة لإحياء الحفلات. كما كانت الممثلة والراقصة الاستعراضية حكمت فهمي، التي عملت كجاسوسة لصالح ألمانيا النازية ضد الحلفاء أيام الحرب العالمية الثانية أحد ساكني عمارة الجوهرة. ولمن لا يعرف حكمت فهمي، فهي التي جسدت شخصيتها الفنانة نادية الجندي في فيلم "الجاسوسة حكمت فهمي". حكايات ملوك ورؤساء العرب في شارع نوال روى سكان شارع حسن الرزاز نوال سابقًا، في أحاديثهم ل"الفجر" عدد من حكايات لملوك ورؤساء العرب الذين لجأوا لحي الدقي، وعاشوا في شوارعه، ومن بين هؤلاء الحبيب بورقيبة "الرئيس التونسي" والملك سنوس "ملك ليبيا". بورقيبة استأجر فيلته من عائلة رشدي أباظة روى "عم محمد" أحد بوابين شارع نوال، حكاية الرئيس التونسي "الحبيب بورقيبة" الذي كان يقبع بإحدى الڤيلات التي كانت في منتصف الشارع، أثناء منفاه الاختياري الذي فرضه عليه الاحتلال الفرنسي لتورطه في مظاهرات شعبية. يقول عم محمد إن الحبيب بورقيبة استأجر فيلته التي كان يقبع بداخلها من عيلة الأباظية أهل الفنان "رشدي أباظة" على خلفية قصورهم وڤيلالهم الكثيرة بالشارع، لافتًا إلى ذكريات الرئيس التونسي في الشارع فقال: "كان يأتي بسيارة هيئة دبلوماسية، بها حارسين بملابس ميري، يدخل فيلته ولا يختلط بأحد، واستمر على ذلك الوضع لمدة 6 سنوات". السنوسي ملك ليبيا يمتلك نصف عمارة بالشارع استولى عليها مصري "كان ملك ليبيا مشارك على عمارة في الشارع هنا"...بتلك الكلمات روى حسن عبد الحليم، مالك أحد العمائر بالشارع، أن الملك محمد إدريس السنوسي، أول حاكم لليبيا كان يمتلك نصف أرض في الشارع، عندما كان مقيم في مصر، مشيراً إلى أن ارضه استولى عليها احد المصريين وحوّلها إلى جراچ. رشدي أباظة زائر الشارع الدائم وبخلاف حكايات الملوك يضم شارع "نوال" الكثير من الحكايات عن عدد من الرموز والمشاهير المصريين، وروى "عم عبده" ل"الفجر" حكاية رشدي أباظة في شارع نوال، فقال: "الفنان رشدي أباظة كان متردد على الشارع بزيارات لعائلته، الشارع كله قرايبه، كان بيجي بعربيته قدام الفيلا او العمارة اللي هيزورهم فيه هو وزوجته وسيدة عجوز، يخرجوا من غير ما يتكلموا مع أي حد ولما تنتهي زيارتهم يرجعوا العربية تاني ويمشوا". ابنة عمر مكرم "عازفة البيانو" بشارع نوال "كانت معرفش مجنونة ولا عاقلة، بس كانت بتيجي يوميًا من 3 عصراً ل9 مساءًا تعزف بيانو وتمشي، وكنا بنقف نراقبها ولو شافت حد فينا بتزعق بطريقة هيستيرية، كانت عصبية أوي"..هكذا وصف عم رزق أحد البوابين بالشارع، ابنة الزعيم "عمر مكرم"، التي كانت تمتلك إحدى الشقق في الشارع، والتي كانت دائمة التردد عليها لعزف البيانو.