"بلد بتاعت شهادات صحيح".. كلمات أطلقها الفنان عادل إمام في إحدى مسرحيته ليجسد بها الحال الواقع في المجتمع الذي يعتمد على طلب الشهادات من الشباب من أجل التوظيف دون الإعتماد على قدرتهم الفكرية والعقلية، الأمر الذي دفع الشباب إلى الإتجاه ل"الشهادات المزورة" لإداركهم أنها أوراق روتينية لا قيمة لها. ولكن البعض استغل ذلك الإقبال على الشهادات وحولها إلى "تجارة"، فإنتشرت الشهادات المزورة وأوقعت الشباب في أخطاء أضاعت منهم وظائف في كثير من الأحيان.
شهادة الماجستير والدكتوراه بعض الوظائف يتطلب القائمين حصول الشاب على شهادة الماجستير أو الدكتوراه للإلتحاق بها دون أن يكون لديه قدرات، فعندما يجد الشاب لديه القدرة على عمل تلك الوظيفة يبدأ في البحث عن استخراج شهادة الماجستير أو الدكتوراه بالتزوير ليتمكن من الحصول على الوظيفة لأن الإجراءات الرسمية تتطلب عدة سنوات للحصول على مثل تلك الشهادات.
وبالفعل بدأت تعتمد بعض المراكز على ذلك الاحتياج الموجود عند الشباب وتعمل في تزوير شهادات الماجستير والدكتوراة مقابل 35 ألف جنيه.
شهاد التوفل والماجستير ويتطلب التقديم للحصول على الماجستير أو الدكتورة أو السفر للخارج للعمل، الحصول على شهادة "التوفل"، والتوفل هو اختبار لدرجة اتقان اللغة الإنجليزيّة لغير الناطقين بها، أو اختبار لمن يستخدمها كلغةٍ ثانية لمعرفة مدى إتقانه لها، ويجب أن يتم اجتياز ذلك الاختبار للحصول على شهادة معتمدة كشرط أساسي للتقديم في مرحلة الماجستير والدكتورا ة، كما أنها لها عدة استخدامات أخرى فتستخدم عند الرغبة في السفر خارج مصر خاصة الدول الأجنبية، وعند الرغبة في الحصول على منحة من منح وزارة الاتصالات مثل منحة 9 شهور حيث أنها شرط من شروط التأهل للحصول على المنحة.
وفي تجربة على أرض الواقع، كشفت "الفجر" عن إتجاه الشباب لشهادة التوفل المزورة، وعمل بعض الأشخاص على توفير مثل تلك الشهادات للشباب مقابل 16 ألف جنيه على الرغم أن تكلفتها 300 جنيه فقط، ولكن الشباب يلجئون للمزورة بسبب سرعتها خوفًا من ضياع الوظائف.
شهادة التحكيم الدولي بعض الوظائف التي يتقدم إليها خريجي كليات الحقوق تتطلب "شهادة التحكيم الدولي"، وإنتشرت في الفترة الأخيرة مكاتب "مستشاري التحكيم الدولي" التي تعمل على استخراج شهادة التحكيم الدولي مقابل 800 جنيه، فلجأ إليها الشباب لاستخراج الشهادة والتقدم للوظائف على الرغم من عدم استفادتهم أثناء الفترة التي تسبق حصولهم على الشهادة.
الشباب والشهادة الصحية رغم عدم أهمية الشهادة الصحية إلى أنها أوقعت شباب في تهم "التزوير"، خاصة وأنها سهلة التزوير بمجرد وضع شهادة أصلية على الإسكنر ثم التعديل في بياناتها لصالح الشاب، ولكن بعض الوظائف أو الأوراق المطلوبة للسفر للخارج تتطلب الحصول على تلك الشهادة الصحية، فليجأ الشباب إلى تزويرها لأن إجراءات الحصول عليها تتطلب وقت طويل وقد تضيع فرصة العمل حال التأخر في استخراجها.
الشباب وشهادة ICDL معظم الوظائف تتطلب حصول الشاب على شهادة ICDL، خاصة وأن تلك الشهادة تضمن قدرة الشخص المتقدم للوظيفة على القدرة على التعامل مع الحاسب الآلي، ولكن أغلبية الشباب يجيدون التعامل مع الحاسب الآلي دون تلك الشهادة.
وعندما يتطلب حصول الشاب على تلك الشهادة من أجل وظيفة، يلجأ إلى الإعتماد على الشهادة المزورة، لأنها مجرد ورقة روتينية للحصول على الوظيفة، ولكن ذلك قد يقعه في حبال "قضايا التزوير في أوراق رسمية".
وبالفعل يوجد استديوهات التصوير التي تعمل على تزوير شهادة ICDLمقابل 200 جنيه فقط، وذلك من خلال الاحتفاظ بشهادة سليمة عنده ويأتي له الشاب ويطلب منه شهاده باسمه، فيعتمد على براعة في استخدام برنامج الفوتشوب ويبدا في تغيير البيانات الموجودة في الشهادة الأصلية ببيانات الشاب الذي يريد استخراج الشهادة.
إنهاء حلم السفر للخارج وبالفعل وقع عد من الشباب في أزمات بسبب تلك الشهادات "المضروبة"، فيقول تامر سمير: "أنا كنت مسافر شغل بره مصر ومستعجل.. بس من ضمن الورق اللي طلبوه مني شهادة صحية.. ومكنش عندي وقت لأن الشهادة الصحية بتاخد أكتر من 10 أيام عشان تطلع ولازم أسافر رحت مكتب كومبيوتر زورلي شهاد بالفوتشوب بس للأسف اتمسكت في المطار ورجعت وحصل أزمة في ورق السفر ككل زكنت هتحبس بسبب التزوير".
عدم استكمال الماجستير "التزوير ده أنهي حياتي الدراسية"، هكذا عبر "محمد.م"، طالب بجامعة بني سويف، عن ماسأته مع الشهادات المزورة، بعد أن أقدم على تزوير شهادة "توفل" للتقديم والحصول على شهادة الماجستير، ومع مرور الوقت اكتشفت الجامعة التزويرفقررت شطبت موضوع الرسالة التى كان يعدها لنيل درجة الماجيستير.
وأضاف ضحية التزوير: "أنا مكنتش عايز ازور الشهادة.. بس بصراحة بتاخد وقت وامتحانات بتعتمد على الحفظ ودراسة مضيعة للوقت ومفيش استفادة.. أنا عارف ناس كنت بتحفظ الإجابات وتدخل تجاوب.. وفي النهاية تنجح وميحصلوش حاجة علمية.. والتزوير برضه نتيجته مفيش محصلة علمية بس أسرع".
الشهادات "أواراق روتينية" أما عن أسباب لجوء الشباب إلى الإعتماد علي الشهادات المضروبة فتقول منة مصطفي، خريجة كلية الحاسبات والمعلومات بجامعة القاهرة، ان الشباب تلجأ لتزوير الشهادات لسببين الاول السرعة لان استخراج الشهادة بشكل قانوني يستغرق وقت طويل قد يتسبب في نهاية الفترة المسموح لها بالتقديم في الوظيفة، والثاني انها أصبحت أوراق روتينية لا قيمة لها، بمعني انني خريجة حاسبات ومعلومات فمن البديهي ان أكون مجيدة لاستخدام الحاسب الآلي ولكن وجدت عندما تقدمت لوظيفة انهم يريدون شهادة ICDL علي الرغم ما يدرس بها اقل بمراحل مما درسته في الكلية.
طرق مواجهة الظاهرة وعن طرق مواجهة تلك الظاهرة قال محمد طه، خريج كلية الحقوق جامعة بني سويف، انه عندما كان يريد الحصول علي شهادة تحكيم دولي عرض عليه عرضين الاول استخراجها من احد المكاتب بثمن زهيد او التقديم عليها كدبلومة في جامعة القاهرة فسالت عن من خاض التجربة ولاني خريج حقوق أعلم عقوبة التزوير فابتعدت عن الاختيار الاول وكذلك أبعدت زملائي.
وأضاف خريج كلية الحقوق: "لو كل واحد حكم عقله وعرف اخطار التزوير هنبعد عن الشهادات المضروبة وكمان لو كل واحد حكي اللي حصله بسبب الشهادات دي محدش هيقربلها"، موضحًا أن مباحث المصنفات وكذلك الأجهزة الرقابية عليها دور كبير في الحد من تلك الظاهرة وذلك بمتابعة مكاتب الحاسب الآلي التي تستخدم الفوتوشوب في تزوير الشهادات بعمل حملات مفاجئة علي تلك المكاتب، كذلك على من يقع ضحية للتزوير الإبلاغ عن من ورطه به ومن ثم يتم القبض عليه ويكون عبرة لغيره.