الآن وأنت جالس في بيتك أمام الحاسب الآلي.. وبمبلغ لا يزيد علي 650 دولارًا.. وفي غضون 24 ساعة.. تستطيع الحصول علي شهادة ماجستير أو دكتوراه من جامعة عالمية وهمية.. وما عليك إلا مراسلة الجامعة عبر البريد الإلكتروني وتتبع خطوات الحصول علي الشهادة ثم تدفع الرسوم المطلوبة عبر بطاقة الائتمان لتحصل علي الشهادة لتكون فخرًا لك في السيرة الذاتية والوجاهة الاجتماعية وربما عملت بها في إحدي الجامعات الخاصة في مصر لتصبح في غمضة عين أستاذًا مسئولاً عن تعليم وتربية جيل من الشباب!.. وكل ذلك بالطبع في ظل غياب أي دور رقابي للمسئولين وفي ظل عدم وجود قانون رادع لهؤلاء المزورين. "روزاليوسف" رصدت عالم المتاجرة بالشهادات الدولية "الوهمية" من خلال مراسلة إحدي تلك الجامعات التي تعلن عن شهاداتها إلكترونيا تحت شعار تحصل علي دكتوراه في 24 ساعة وتدعي كونها شهادة معتمدة ومعترفًا بها من قبل دول العالم وبالأخص داخل سوق العمل. ومن خلال مراسلة إحدي تلك الجامعات والتي تدعي "universal dgrees" عبر موقعها الإلكتروني "www.universaldegrees.com" أو بالاتصال برقم تليفوني علي الموقع "يمكن الحصول علي اجابة لجميع الاستفسارات عن جميع الشهادات التي تمنحها الجامعة، كذلك يتم معرفة خطوات الحصول عليها. بيانات رئيسية ومن داخل المواقع، كان هناك بعض البيانات الرئيسية، عن كون تلك الجامعة تمنع شهادات بالتعاون مع جامعة تدعي "كوريلنز" "corllins" وأنها معترف بها من قبل فريق الاعتماد علي الإنترنت للجامعات والكليات، وتمنح درجة البكالوريوس والماجستير والدكتوراه والزمالة وأيضا دبلومة الثانوية. وحتي يضفي الموقع بعض المصداقية لدي الملتحقين به، فإنه يؤكد أنه بمجرد مراسلة الموقع أو الاتصال هاتفيا، يتيح مباشرة الرد علي جميع الاستفسارات كما أعلن أن هناك شروطًا خاصة بكل نوع من تلك الشهادات، موضحًا أنها اشتراطات مرنة وسهلة وتوفر الفرصة لجميع الطلاب والخريجين لكسب المؤهلات الضرورية واللازمة لعملهم أو لدراستهم. سيرة ذاتية عندما استفسرنا عن تلك الاشتراطات - إلكترونيا - من أجل الحصول علي درجة الماجستير خلال 24 ساعة من تاريخ تقديم الطلب عرفنا أنه لابد أن يرسل "سيرة ذاتية" متضمنة البيانات الشخصية والاشتراطات المطلوبة حسب الدرجة التي يرغب الشخص في الحصول عليها، وعلي سبيل المثال، توضح الجامعة الوهمية أنه لكي يتمكن الراغب في الحصول علي درجة الماجستير، عليه تقديم ما يفيد أنه قضي ما لا يقل عن 120 ساعة معتمدة خلال أربع سنوات دراسة، كذلك 3 سنوات خبرة في مجال العمل الذي يريد الحصول علي درجة الماجستير فيه، ويتم الحصول بعد ذلك علي تلك الشهادة "مختومة" عبر البريد السريع، بعد تحصيل مقابلها نحو 499 دولارًا عن طريق كروت الائتمان وبالنسبة للتخصصات - فكما يوضح الموقع - فهي في مجالات المحاسبة وإدارة الأعمال وتكنولوجيا المعلومات وعلوم الكمبيوتر والتعليم والعدالة الاجتماعية والتسويق والتمريض والهندسة الميكانيكية. أما بالنسبة لدرجة الدكتوراه التي تمنحها أيضًا الجامعة "الوهمية" خلال 24 ساعة فهي لا تكلف الراغب فيها سوي 649 دولارًا وهي كما يوضح الموقع معتمدة من قبل جامعة "كورليتز" وتتطلب اشتراطاتها، قضاء 45 ساعة معتمدة في التعليم الجامعي و10 سنوات خبرة في مجال العمل الذي ترغب في الحصول علي شهادة الدكتوراه المتعلقة به. شهادة الثانوية الجامعة الوهمية تمنح أيضًا شهادة الثانوية بمبلغ مالي لايتجاوز 299 دولارًا مقابل تقديم ما يفيد بأنه حصل علي شهادات تعليمية سابقة. يعلق د. مجدي القاضي - رئيس المعهد الكندي - بأن هذه الإعلانات التي تستقطب الآن الشباب العرب والمصريين للحصول علي أن الشهادات الجامعية غالباً ما يعلن عنها من قبل مراكز وجامعات بدول "أوكرانيا" - "فنزويلا" - "رومانيا" - "المجر"، ومؤخرًا تزايدت بشدة. من قبل دول كأمريكا وروسيا.. وليس فقط شهاداتها غير معتمدة، بل للأسف داخل تلك الدول يوجد أيضاً مراكز وجامعات "بير سلم"، تعمل علي هذا النوع من البيزنس في الشهادات الجامعية سواء المتعلقة بتخصصات نظرية أو عملية.. ورغم أنها مزورة، إلا أن بعض الجامعات الخاصة قد تقع فريسة لذلك، حيث يتم تعيينهم ضمن أعضاء هيئة التدريس، ولا يتم إرسال أوراق اعتمادهم للمجلس الأعلي للجامعات المصرية، لمعرفة ما إذا كانت معتمدة أو غير معتمدة. ويقول شريف حلمي - رئيس الجامعة الروسية - علي الجامعات الخاصة التأكد من ماهية الشهادات التي يحصل عليها أعضاء هيئة التدريس لديها والإسراع لمعرفة ما إذا كانت معتمدة لدي المجلس الأعلي للجامعات أم لا كذلك الاستفسارات عن تلك الجامعات ومسألة المراكز الثقافية والسفارات بالدول التابعة لها تلك الشهادة. الحصول علي الشهادة وينتقدحلمي الوضع السائد، بأن أصبح الحصول علي شهادة جامعية دولية لا يكلف صاحبها مبالغ كبيرة فلا تزيد أسعارها علي 5 آلاف دولار، ويلفت إلي وجود طريقتين للحصول عليها إما الكترونياً عبر البريد الإلكتروني. أو من خلال الذهاب للجامعة لمجرد تحصيل الرسوم - دون حضور المحاضرات أو الكورسات ويتيح الذهاب فقط لاجتياز الامتحانات الشكلية وفي كلتا الحالتين فهي شهادات "مضروبة". ويشير "حلمي" إلي تهافت البعض للحصول علي تلك الشهادات - خاصة من قبل المصريين لأكثر من سبب، فالبعض يحصل عليها لمجرد الوجاهة الاجتماعية والبعض الآخر لمجرد كونها داخل أوراق.. "السيرة الذاتية". من أجل الحصول علي فرصة عمل أفضل وآخرون يستخدمونها للدعاية علي لافتاتهم الإعلانية كالأطباء والمهندسين والمحاسبين والمحامين. ويطالب بضرورة التزام الجامعات الخاصة بإرسال أوراق جميع أعضاء هيئة التدريس للجنة اعتماد الشهادات بالمجلس الأعلي للجامعات، حفاظاً علي مستقبل أبنائنا ومستوي التعليم المصري. د. فاروق إسماعيل - رئيس لجنة التعليم بمجلس الشوري يوضح أنه لكي يحصل الخريج علي شهادة الدكتوراة فإن هذا يكلف الدولة أو الشخص قرابة المليون جنيه، كما يتطلب الأمر الدراسة لمدة تتراوح ما بين 3 و 5 سنوات كذلك الحال بالنسبة لدرجة الماجستير التي يستغرق الحصول عليها نحو عامين، وللأسف فإن قلة أعداد بعثات الدارسين بالخارج، أدي لسعي الطلاب والخريجين للحصول علي وهم الشهادة الدولية المزورة. وأعلن، أنه يتيح الآن إلزام الجامعات الخاصة بإرسال أوراق جميع المعينين من أعضاء هيئة التدريس لمعرفة ماهية الشهادات التي يحملونها، من خلال التأكد من كونها معتمدة، وتتم مراجعة جميع أوراق صاحب الشهادة من خلال ما يفيد بحضور المحاضرات والتدريبات والامتحانات وسؤال السفارة والمركز الثقافي بنفس الدولة للتأكد من مصداقية واعتماد تلك الجامعة. فإذا لم تكن معادلة أو لا تصلح، فيرفض الطلب، ولكن للأسف لا توجد لحامل تلك الشهادات تهمة التزوير. التخصصات العلمية ويؤكد د. شريف عمر - رئيس لجنة التعليم بمجلس الشعب أن غياب الرقابة أدي لتفشي تلك الظاهرة. لافتاً إلي وجود خطورة تكمن في التخصصات العملية كالطب والهندسة والتي تتعلق بأرواح المواطنين، كما ظهر بالآونة الأخيرة، ليتم الاستعانة بتلك الشهادات المضروبة لتصبح بمثابة إعلان لصاحبها. وطالب عمر بتوجيه تهمة التزوير لحاصلي تلك الشهادات وليس فقط مجرد الإنذار. ويعترف د. حمدي السيد نقيب الأطباء بوجود عدد كبير يمثل تلك الشهادات المزورة والوهمية - دون علم النقابة - وأكد أن هذا الأمر يتبع مسئولية العلاج الحر بوزارة الصحة، التي لا تري أن الشهادات المكتوبة علي اللافتات الإعلانية مجرد شكليات، ولا تبحث وراءها، رغم أنها تشكل خطورة، في ظل وجود ادعاءات بتخصصات وهمية، قد تضر بصحة المرضي. ويؤكد، أنه في حالة وجود مثل تلك الحالات، يتم عقد مجلس تأديب ومراجعة تلك الشهادات والتوصية إما بغلق العيادة أو المنع من العمل، ولكن لا توجه إليه تهمة التزوير. المحاسبة والمراجعة وينوه عادل ياسين - مدير عام نقابة التجاريين، إلي أن العديد من مزاولي مهنة المحاسبة والمراجعة وإدارة الأعمال، يحملون تلك الشهادات ولا تبحث وراءهم النقابة، لأن ترخيص مزاولة المهنة قائم علي شرط للتدريب فقط لمدة 8 سنوات وغير معني بشهادة دكتوراه أو ماجستير. وأكد أن هذا الأمر مسئولية الوزارات المعنية ووزارة التجارة، وبالنسبة للنقابة فليس لها دور رقابي، رغم خطورة تلك الظاهرة علي سوق المحاسبة والمراجعة المصرية، ولكنها أصبحت "موضة" و"وجاهة اجتماعية" ووسيلة للحصول علي فرص عمل.