ختام امتحانات الفصل الدراسي الثاني بكلية دار العلوم جامعة أسوان    وزير الصناعة يبحث تطورات مفاوضات اتفاق التجارة الحرة بين مصر والاتحاد الأوراسي    نمو الناتج الصناعي الإسباني بواقع 0.8% في أبريل    مصدر رفيع المستوى: حماس ستقدم ردها بشأن مقترح الهدنة خلال الأيام القادمة    جماعة الحوثي تعلن استهداف سفينتين في ميناء حيفا    العراق يفوز على إندونيسيا ويتأهل للمرحلة الثانية بتصفيات كأس العالم 2026    تشديدات أمنية مشددة وتسليم لجان الثانوية في قبضة الشرطة بداية من السبت    هل عمر المنسي شرير في مسلسل مفترق طرق؟.. ماجد المصري يجيب    ثقافة بورسعيد تناقش تلوث البيئة وأثره على الصحة العامة    انطلاق أول حلقتين من الفيلم الوثائقي "أم الدنيا" حصريًا على WATCH IT    وكيل صحة كفر الشيخ للأطباء: عامل المريض كفرد من عائلتك    البنك المركزى: 113.6 تريليون جنيه قيمة التسويات اللحظية بالبنوك خلال 5 أشهر    المشدد 5 سنوات لعاطل وربة منزل بتهمة تزوير عقود بيع شقة    تعذر رؤية الهلال.. مركز الفلك يعلن أول أيام الأضحى 2024    التحقيق مع عاطل هتك عرض طفل في الهرم    إعلام مطروح يختتم فعاليات حملة نشر ثقافة السلامة والصحة المهنية    طلب إحاطة بشأن رفع بعض المدارس الخاصة للمصروفات بنسبة 100%    التحالف الوطنى للعمل الأهلى ينظم احتفالية لتكريم ذوى الهمم بالأقصر    أفضل دعاء يوم عرفة.. ردده لغفران ذنوبك وعتق رقبتك من النار    كم عدد أيام الذبح في عيد الأضحى؟.. اعرف التوقيت الأفضل    تفاصيل مناسك يوم التروية والمبيت في مني    محافظ أسوان يكرم أبطال نادي ذوي الاحتياجات الخاصة لحصدهم العديد من الميداليات الذهبية    فحص 889 حالة خلال قافلة طبية بقرية الفرجاني بمركز بني مزار في المنيا    حسام البدري: تعرضت للظلم في المنتخب.. ولاعبو الأهلي في حاجة إلى التأهيل    وزير الري: تراجع نصيب الفرد من المياه إلى 500 متر مكعب (تفاصيل)    تراجع أسعار الفول والزيت والدواجن واللحوم اليوم الخميس (موقع رسمي)    أول ظهور لوزيرة الثقافة بعد وفاة والدتها في افتتاح معرض "بديع صنع الله"    تباين أداء مؤشرات البورصة بعد مرور ساعة من بدء التداولات    انخفاض 10 درجات مئوية.. الأرصاد تكشف موعد انكسار الموجة الحارة    مقابل وديعة دولاية.. مبادرة لتسهيل دخول الطلاب المصريين بالخارج الجامعات المصرية    عضو بالبرلمان.. من هو وزير الزراعة في تشكيل الحكومة الجديد؟    إسبانيا تبدي رغبتها في الانضمام لدعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام «العدل الدولية»    اعرف حظك وتوقعات الأبراج الجمعة 7-6-2024، أبراج الحوت والدلو والجدي    ليلة في حب سيدة المسرح العربي.. تفاصيل تكريم سميحة أيوب بدار الأوبرا    الخشت يعلن أسماء الفائزين في مسابقة وقف الفنجري    قبل ساعات من زفافهما.. 3 أعمال جمعت جميلة عوض وزوجها أحمد حافظ    تركي آل الشيخ: أتمنى جزء رابع من "ولاد رزق" ومستعدين لدعمه بشكل أكبر    أبوالغيط يتسلم أوراق اعتماد مندوب الصومال الجديد لدى جامعة الدول العربية    رئيس الوفد فى ذكرى دخول العائلة المقدسة: مصر مهبط الديانات    تخريج 6 دفعات من معهد المحاماة ومشروع تدريبي لنقابة المحامين للعدالة الإلكترونية بالوادي الجديد    نجم الإسماعيلي: الأهلي هياخد الدوري وشجعته في نهائي أفريقيا    القليوبية تحصد المراكز الأولى فى لعبة الكاراتية على مستوى الجمهورية    كيفية تنظيف مكيف الهواء في المنزل لضمان أداء فعّال وصحة أفضل    لحجاج بيت الله.. نصائح مهمة للحصول على وجبة غذائية صحية    أمين الفتوى: لابد من أداء هذه الصلاة مرة واحدة كل شهر    قبل عيد الأضحى.. ضبط أطنان من الدواجن واللحوم والأسماك مجهولة المصدر بالقاهرة    "تخيلت نفسي على دكة الزمالك".. البدري يكشف لأول مرة ما فعله مع أمير مرتضى ورد صادم    بوريل يستدعي وزير خارجية إسرائيل بعد طلب دول أوروبية فرض عقوبات    جواب نهائي مع أشطر.. مراجعة شاملة لمادة الجيولوجيا للثانوية العامة الجزء الثاني    وزيرة الثقافة تشهد الاحتفال باليوم العالمي للبيئة في قصر الأمير طاز    البرلمان العربي: مسيرات الأعلام واقتحام المسجد الأقصى اعتداء سافر على الوضع التاريخي لمدينة القدس    رئيس شؤون التعليم يتفقد لجان امتحانات الثانوية الأزهرية بالأقصر    إصابات في قصف مسيرة إسرائيلية دراجة نارية بجنوب لبنان    هشام عبد الرسول: أتمنى تواجد منتخب مصر في مونديال 2026    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : المحافظ جاى 000!!؟    مصر تتعاون مع مدغشقر في مجال الصناعات الدوائية.. و«الصحة»: نسعى لتبادل الخبرات    وزير الخارجية القبرصي: هناك تنسيق كبير بين مصر وقبرص بشأن الأزمة في غزة    ملف رياضة مصراوي.. تصريحات صلاح.. مؤتمر حسام حسن.. تشكيل منتخب مصر المتوقع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تفسير الشعراوي للآية 18 من سورة النساء
نشر في الفجر يوم 19 - 12 - 2016

{وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (18)}.
هنا يوضح الحق أن توبة هؤلاء الذين يعملون السيئات لم توجد من قريب. وهم يختلفون عن الذين كتب الله قبول توبتهم، هؤلاء الذين يعيشون وتستحضر نفوسهم قِيَم المنهج، إلا أن النفوس تضعف مرة. أما الذين لا يقبل منهم التوبة فهم أصحاب النفوس التي شردت عن المنهج في جهات متعددة، وهم لم يرتكبوا (سوءاً) واحداً بل ارتكبوا السيئات. فالذي ارتكب سوءاً واحداً فذلك يعني أنه ضعيف في ناحية واحدة ويبالغ ويجتهد في الزوايا والجوانب الأخرى من الطاعات التي لا ضعف له فيها ليحاول ستر ضعفه.
إنك ترى أمثال هذا الإنسان في هؤلاء الذين يبالغون في إقامة مشروعات الخير، فهذه المشروعات تأتي من أناس أسرفوا على أنفسهم في ناحية لم يقدروا على أنفسهم فيها فيأتوا في نواحي خير كثيرة، ويزيدوا في فعل الخير رجاء أن يمحو الله سيئاتهم التي تركوها وأقلعوا وتابوا عنها.
ومن ذلك نعلم أن أحداً لا يستطيع أن يمكر مع الله؛ فالذي أخذ راحته في ناحية، يوضح له الله: أنا سآتي بتعبك من نواحٍ أخرى لصالح منهجي، ويسلط الله عليه الوهم، ويتخيل ماذا ستفعل السيئة به، فيندفع إلى صنع الخير. وكأن الحق يثبت للمسيء: أنت استمتعت بناحية واحدة، ومنهجي وديني استفادا منك كثيراً، فأنت تبني المساجد والمدارس وتتصدق على الفقراء، كل هذا لأن عندك سيئة واحدة.
إذن فلا يمكن لأحد أن يمكر على الله، وعبر القرآن عن صاحب السيئة بوصف هذه الزلة بكلمة (السوء)، ولكنه وصف الشارد الموغل في الشرود عن منهج الله بأنه يفعل (السيئات)، فهل ليس صاحب نقطة ضعف واحدة، لكنه يقترف سيئات متعددة، ويمعن في الضلال، ولا يقتصر الأمر على هذا بل يؤجل التوبة إلى لحظة بلوغ الأجل، بل إنهم قد لا ينسبون الخير الصادر منهم إلى الدين مثلما يفعل الملاحدة، أو الجهلة الذين لا يعلمون بأن كل خير إنما يأمر به الدين.
مثال ذلك مذهب (الماسونية)، يقال: إن هذا المذهب وضعه اليهود، والظاهر في سلوك الماسونيين أنهم يجتمعون لفعل خير ما يستفيد منه المجتمع، وما خفي من أفعال قمة أعضاء الماسونية أنهم يخدمون أغراض الصهيونية، وقد ينضم إليهم بعض ممن لا يعرفون أهداف الماسونية الفعلية ليشاركوا في عمل الخير الظاهر. ونقول لكل واحد من هؤلاء: انظر إلى دينك، تجده يحضك على فعل مثل هذا الخير، فلماذا تنسبه إلى الماسونية ولا تفعله على أنه أمر إسلامي. ولماذا لا تنسب هذا الخير إلى الإسلام وتنسبه لغير الإسلام؟
وفي هذا العصر هناك ما يسمّى بأندية (الروتاري) ويأخذ الإنسان غرور الفخر بالانتماء إلى تلك الأندية، ويقول: (أنا عضو في الروتاري) وعندما تسأله: لماذا؟ يجيب: إنها أندية تحض على التعاون والتواصل والمودة والرحمة، ونقول له: وهل الإسلام حرم ذلك؟ لماذا تفعل مثل هذا الخير وتنسبه إلى (الروتاري)، ولا تفعل الخير وتنسبه إلى دينك الإسلام؟ إذن فهذا عداء للمنهج.
ونجد الشاردين عن المنهج، مثلهم كمثل الرجل الذي قالوا له: ما تريد نفسك الآن؟ وأراد الرجل أن يحاد الله فقال: تريد نفسي أن أفطر في يوم رمضان، وعلى كأس خمر، وأشترى كأس الخمر هذه بثمن خنزير مسروق.
إنه يريد فطر رمضان وهو محرّم، ويفطر على خمر وهي محرمة، وبثمن خنزير والخنزير حرام على المسلم، والخنزير مسروق أيضا. وسألوه: ولماذا كل هذا التعقيد؟ فقال: حتى تكون هذه الفعلة حراماً أربع مرات.
إذن فهذه مضارة لله، وهذا رجل شارد عن المنهج. فهل هذا يتوب الله عليه؟ لا، {وَلَيْسَتِ التوبة لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السيئات حتى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الموت} وعند لحظة الموت يبدأ الجبن وتتمثل أخلاق الأرانب، ولماذا لم يصر على موقفه للنهاية؟ لأنه جاء إلى اللحظة التي لا يمكن أن يكذب فيها الإنسان على نفسه {إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الموت قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآن} لكن التوبة لا تقبل، ولن ينتفع بها المجتمع، وشر مثل هذا الإنسان انتهى، وتوبته تأتي وهو لا يقدر على أي عمل، إذن فهو يستهزئ بالله؛ فلا تنفعه التوبة.
ولكن انظروا إلى رحمة الله واحترامه للشهادة الإيمانية التي يقر فيها المؤمن بأنه (لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله).
هذا المؤمن جعله الله في مقابل الكافر، فيأخذ عذاباً على قدر ما فعل من ذنوب، ويأتي احترام الحق سبحانه لإيمان القمة لقوله: (أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله) فيوضح سبحانه: لن نجعلك كالكافر؛ بدليل أنه عطف عليه {وَلاَ الذين يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ}، وإنما يقدر للمؤمن العاصي من العذاب على قدر ما ارتكب من معاصٍ، ويحترم الحق إيمان القمة، فيدخلون الجنة؛ لذلك لم يقل الحق: إنهم خالدون في النار. وإنما قال: {أولئك أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً} و(أولئك) تعني الصنفين- المؤمن والكافر- فالعذاب لكل واحد حسب ذنبه.
ويقول الحق من بعد ذلك: {يَا أَيُّهَا الذين آمَنُواْ...}.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.