يقطنها 5 آلاف أسرة من أصحاب البشرة السمراء.. ولا يوجد بها مصريون بمجرد أن تطأ قدمك منطقة «عثمان» بمدينة السادس من أكتوبر تشعر وكأنك فى دولة السودان الشقيقة، حيث يقطنها نحو 5 آلاف أسرة سودانية، وتجد شوارعها ممتلئة بالسودانيين، بعضهم يجلس على الأرصفة، وآخرون أمام منزلهم. المشهد برمته يثير استغرابك خاصة أنك بمجرد تجولك فى هذه المنطقة لا تجد أثراً لمصرى، بل كل المحيطين بك «سودانيين»، وإذا ما توجهت لأى محل أو سوبر ماركت تجد صاحبه «سودانيًا»، وكذلك نفس الأمر بالنسبة للمقاهى وصالونات الحلاقة، حتى سائقى التكاتك «سودانيين». «الفجر» نزلت فى جولة ميدانية لهذه المنطقة، وعند سؤال أحد السودانيين عن أحوالهم، قال إنه «مشغول» وأشار إلى أحد المقاهى التى يمتلكها أحد السودانيين، وبمجرد دخولنا للمقهى وجدنا أغلبهم يلعبون «كوتشينة» ويحتسون الشاى والقهوة، وآخرون يشاهدون إحدى مباريات تصفيات إفريقيا المؤهلة لكأس العالم. بدأنا الحديث مع أحدهم ويدعى « نور الدائم»، قائلاً إنه جاء إلى مصر منذ 12 عامًا، ولكنه يقطن بمنطقة عثمان منذ ما يقرب من أربع سنوات، مضيفاً: كان عدد السودانيين فى المنطقة حينها لا يتجاوز 4 أسر فقط، أما الآن فأصبح هناك بالمنطقة 5 آلاف أسرة سودانية كل أسرة يتراوح عددها من3 إلى 7 أفراد، بخلاف الشباب السودانيين غير المتزوجين، فيسكن سبعة شباب فى شقة واحدة تبلغ مساحتها 45 مترا. وعن سبب إقامة السودانيين فى هذه المنطقة بالتحديد، أوضح «الدائم» أنها منطقة شعبية فى المقام الأول، وإيجارات الشقق فيها تتراوح ما بين 250 إلى 300 جنيه، وهى أقل الأسعار الموجودة فى منطقة أكتوبر بالكامل، لافتاً إلى أنهم أجروا هذه الشقق من سكان منطقة الدويقة المالكين لها، وداخل المقهى، وجدنا امرأة سمراء محجبة ترتدى «زيًا إفريقى»، قالت إنها «إثيوبية» الجنسية، وهربت من بلادها بسبب تعرضها للاضطهاد الدينى، وتسكن فى منطقة شعبية بالمعادى، ولكنها تأتى إلى منطقة عثمان لعمل القهوة والشاى والمشروبات لرواد المقهى، موضحة أن هناك أيضاً العديد من الإثيوبيين يسكنون فى هذه المنطقة، بعدما فروا من النزاعات المسلحة. انتقلنا إلى شخص آخر يدعى، سامى على، هو من طلب الحديث إلينا، لعرض مأساته خاصة أنه هرب من السودان إلى ليبيا، ولم يستطع أن يستقر بها بسبب الأزمات التى تمر بها، فجاء إلى مصر، موضحاً أنه يعمل فى المصانع المحيطة بالمنطقة 12 ساعة بأجر 40 جنيهًا فى اليوم الواحد.. خرجنا من المقهى، لنتجول فى المنطقة، فوجدنا العديد من «صالونات الحلاقة» أغلب زبائنها من أصحاب البشرة السمرة، ويمتلكها «سودانيون»، حيث قال حسن محمد- صاحب أحد هذه الصالونات، إنه فتح هذا المحل منذ ما يقرب من شهرين فى محاولة منه لإيجاد باب رزق له هو وأسرته، موضحاً أنه كان يعمل مثل باقى السودانيين فى المصانع المحيطة بالمنطقة حتى قرر أن يفتح مشروعاً خاصًا به. وفى جولتنا وجدنا مكتب «ترحيلات» يمتلكه سودانى يدعى «جماع يعقوب»، وبمجرد الدخول إليه، ستجد أنه ليس فقط مجرد مكتب للترحيلات لحجز تذاكر سفر للسودانيين، ولكنك ستكتشف أنه مجموعة محلات فى مكتب» واحد»، فتجد على الأرفف زجاجات عطور وخلطات تباع عند العطارين، وملابس وأجهزة كهربائية معروضة للبيع، ويقول»جماع» إنه فتح هذا المكتب لكسب «لقمة العيش». دخلنا إلى «سوبر ماركت» بالمنطقة، فوجدنا أن صاحبه سودانى، وأخبرنا بأن كل محلات «البقالة» المجاورة له مملوكة لسودانيين ممن جاءوا هاربين من بلادهم، قائلاً: «جنة مصر ولا نار السودان»، لكن الملفت أيضاً أن المطحونين منهم يعملون سائقين «لتكاتك»، وقال أحدهم ويدعى «شلبى محمد»: كل سائقى التكاتك هنا سودانيين.. إحنا تقريباً عايشين داخل بلدنا السودان».