■ المقاتلون هربوا لإجراء عمليات تجميل فى تركيا بعد سقوط الفلوجة وانطلاق معركة الموصل خوفا من الملاحقات الأمنية ■ إلقاء القبض على العقل المدبر لعملية احتجاز رهائن متحف «بوردو» بتونس أثناء إجرائه جراحة تجميل لتغيير ملامحه ومحو آثار جرح عميق فى وجهه هل يتحول مقاتلو داعش إلى «أشباح» فى مأمن من التتبع والملاحقة بعد الانتهاء من معركة الموصل؟! المعلومات المتداولة تؤكد أنه فى أعقاب هزائم سابقة للتنظيم فى مدن عراقية كبرى كالفلوجة والرمادى وتكريت، تم رصد عدد من العناصر فى تلك المدن لجأوا للاختفاء لفترة قصيرة، وثبت بعد ذلك أنهم توجهوا خلالها إلى تركيا لإجراء عمليات تجميل غيرت ملامحهم، ثم عادوا من جديد للحياة فى مدنهم الأصلية، فى سياج من السرية، تحت حماية عشائرهم وعائلاتهم !. وكان العامان 2015و2016، قد شهدا بالفعل إلقاء القبض على شخصيات إرهابية معروفة من تنظيمات مختلفة ودول مختلفة أيضاً، وكذلك على «ذئاب منفردة» ثبت أنهم لجأوا إلى عمليات التجميل، لتسهيل هروبهم، أو لتحضيرهم لعمليات جديدة دون كشف هويتهم، بما يفيد بأن التنظيمات الإرهابية المسلحة، ب«مصوغات شرعية» سابقة التجهيز، قد دخلت مرحلة أشد خطورة، وإثارة للرعب، وإزعاجا لأجهزة الأمن فى العالم، وخطت خطواتها الأولى للمنافسة بشراسة فى عالم «عمليات التجميل» جنباً إلى جنب مع العناصر النشطة فى أجهزة الاستخبارات العالمية، والفنانات وعارضات الأزياء، إيذانا بدخول منحنى جديد من المواجهة مع تلك التنظيمات، التى أصبحت تستعد إلى تحويل أعضائها إلى أشباح بسبعة أرواح، وألف وجه. فى صباح الاثنين 17 أغسطس 2015، وصل كلاهما إلى مطار رفيق الحريرى الدولى ببيروت يستقلان سيارة مرسيدس بيضاء، الأول يحمل جواز سفر فلسطينيا باسم رامى عبدالرحمن طالب، والثانى يحمل جواز سفر لبنانيا باسم خالد صيدانى، حصلا على تأشيرتى «الترانزيت» من الخطوط المصرية، فى طريقهما إلى نيجيريا، وانتهيا من إجراءات الجمارك بعد أن خضعت حقائبهما للتفتيش. وبعد أن نجح الأول فى ختم أوراقه من مكتب الأمن العام اللبنانى، اتجه إلى صالة الركاب استعدادا لركوب طائرة «مصر للطيران» التى تستعد للإقلاع إلى القاهرة، حيث اشتبه الأمن فى أوراق الثانى خالد صيدانى المزورة، وعلى متن طائرة مصر للطيران، كان المشهد الأكثر إثارة فى انتظار الجميع. كان يجلس رامى طالب على مقعده، وقبل إقلاع الطائرة بدقائق، بشاربه العريض ونظارته الطبية الضخمة وتسريحة شعره الطويل وذقنه الحليق، والذى صاح بمجرد إلقاء القبض عليه «أنا أحمد الأسير ماحدا يمد إيده».. ليسقط فى يد الجميع. فالفلسطينى رامى عبدالرحمن طالب، لم يكن فى الحقيقة بالفعل إلا الشيخ أحمد الأسير، زعيم السلفية الجهادية اللبنانى وإمام مسجد بلال بن رباح الشهير، و«أمير جبهة النصرة فى لبنان»، كما اتضح فيما بعد، والمطلوب الأول فيما عرفت ب»أحداث عبرا» 2013 التى شهدت مهاجمة مراكز وحواجز الجيش اللبنانى وأسفرت عن سقوط 18شهيدا و100مصاب من ضباط وجنود الجيش اللبنانى، ولكن بعد خضوع وجهه ل«مشرط» جراح التجميل. خضع الأسير، وفقا للمعلومات التى تم تداولها بعد ذلك، إلى 7 عمليات تجميل فى وجهه بواسطة جراح تجميل أجنبى، وصل إلى لبنان خصيصا لإجراء العملية، ونجح خلالها الزعيم السلفى فى نفخ وجنتيه وتغيير شكل أنفه. سبق الأسير فى اللجوء إلى عمليات التجميل، كوسيلة للهروب من الملاحقة الأمنية، نظيره الشيخ خالد حبلص، زعيم مجموعة أخرى من السلفية الجهادية فى لبنان، وإمام مسجد هارون الشهير أيضا، وصاحب ما أطلق عليها «الثورة السنية»، حيث وجه دعواته النارية المتكررة إلى العسكريين السنة فى الجيش اللبنانى إلى الانشقاق عنه واللحاق بركب المجاهدين، لان الجيش اللبنانى وفق تعبيره «تحول جيشاً إيرانياً يريد استهداف أهل السنة فى لبنان وكسر شوكتهم». وبعد أن بدأ الجيش اللبنانى فى توجيه ضرباته الجوية لجماعة «حبلص» المسلحة، نجح فى الهروب، حيث بدأ يتحرك بهويتين مزورتين، الأولى باسم شقيقه من والدته هيثم قبوط والثانية لصهر صهره هيثم خضر. وباسم هيثم قبوط، نجح الإرهابى خالد حبلص فى دخول مستشفى أكبر جراح تجميل فى لبنان د.نادر صعب، حيث طلب من الطبيب الشهير ومن فريقه الطبى، تحويله إلى شبيه ب»ألفيس بريسلى» مهما تكلفه ذلك من وقت، وبدأ فى الاستفسار عن فاعلية حقن البوتوكس للمعدة الكفيلة بانقاص الوزن، ومنحه مظهراً أكثر شبابا. بعد أسبوع اتصل حبلص بالمستشفى لتحديد موعد للعمليات المطلوبة، وكان له ما أراد بالحصول على تعديلات فى الوجه والأنف والجبين وبوتوكس للشفتين ورفع للجفون، تحمل لمسات طبيب التجميل الشهير الذى وجد سمعته ومستقبله بعد ذلك فى مأزق بعد أن نجح الأمن اللبنانى لاحقا فى إلقاء القبض على خالد حبلص، واعترافه على المكان الذى أجرى فيه عمليات التجميل، فخرج الطبيب الشهير على وسائل الإعلام وقتها مدافعا عن نفسه « لقد أجريت عمليات التجميل لهيثم قبوط ليس لخالد خبلص». أما القيادى الداعشى الشهير فى تونس، عادل الغندرى، العقل المدبر للهجوم الإرهابى واحتجاز200 من الرهائن فى متحف «بوردو»فى 18مارس2015، وهى العملية التى أسفرت عن قتل 22قتيلا و45من الجرحى، فقد نجحت السلطات التونسية فى إلقاء القبض عليه فى 29 مايو2016 أثناء إجرائه عملية تجميل فى أحد المستشفيات الخاصة فى تونس العاصمة، حيث كان يريد أيضاً إجراء عدد من التعديلات لتغيير ملامحه وكذلك إخفاء أثر جرح عميق فى وجهه من الجهة اليسرى، كان قد أصيب به أثناء مشاركته فى الهجوم الداعشى على مدينة «بن قردان» الحدودية بين تونس وليبيا، حيث استهدف داعش السيطرة على المدينة لصالحه. وكان الغندرى يحاول بتلك العملية الإفلات من الأمن التونسى، فى طريقه للعبور إلى ليبيا لتلبية نداء التنظيم هناك، كما اكتشفت السلطات السعودية بعد إلقائها القبض على الإرهابى الداعشى عقاب العتيبى، المتورط فى تفجير مسجد الطوارئ بأبها بمنطقة عسير، أنه قد أجرى عملية تجميل، وواظب على حلق لحيته، بغرض تغيير هيئته، وعدم اكتشاف هويته الحقيقية. لكن تأتى حالة الإرهابى فرنسى الجنسية، المهدى بن سعيد فى نوفمبر2015، بوصفها الأكثر غرابة، بين حالات الإرهابيين الذين قرروا إجراء عمليات التجميل. وكانت المخابرات التركية قد رصدت بن سعيد منذ دخوله إلى تركيا عبر الحدود السورية، ورصدت قيامه بعملية زرع للشعر فى إحدى العيادات المتخصصة، وبعد إلقاء القبض عليه قال أنه كان يستعد لإجراء عمليات تجميل أخرى فى الوجه، وذلك لأنه كان يريد «أن يبدو جميلاً أثناء تنفيذ العملية» وأنه كان «يريد أن يموت جميلاً»، علماً بأن ابن سعيد قد دخل تركيا بهدف تنفيذ عملية انتحارية هناك. فى كل الأحوال، فإن استعانة الإرهابيين بعمليات التجميل كوسيلة أحدث وأكثر فاعالية الآن لتغيير أشكالهم، هى فى الحقيقة استمرارية لاستراتيجية «التخفى والتنكر»، كأساس لدى هذه التنظيمات حرصت عليه منذ نشأتها، بهدف إخفاء الهوية الحقيقية لعناصرها وإفلاتهم من قبضة الأمن، علما بأن صفوت عبدالغنى قيادى الجماعة الإسلامية هو أشهر من طالته إشاعة إجرائه لعمليات التجميل فى مصر بهدف التخفى، أثناء هروبه بعد تنفيذ عملية اغتيال الدكتور رفعت المحجوب، رئيس مجلس الشعب، الشهيرة فى الثمانينيات. وسبق أن لجأ الإرهابيون إلى حيل صبغ الشعر وارتداء ملابس النساء والعدسات اللاصقة، وحلق اللحى، أو تناول الأدوية التى تزيد الوزن أو ارتداء الملابس الثقيلة، أو تغيير طرقة المشى، أوحتى إعاقة أحد الأطراف إن لزم الأمر. وأسس عدد من القيادات الإرهابية، جزءا من أسطورتها الشخصية، على مهارتها فى مجال التنكر والتخفى، مثل هشام عشماوى «أمير جماعة المرابطين» الذى يشتهر بمهارته الأسطورية فى التنكر التى تكفل له حرية الحركة والإفلات من الأمن. فى المقابل، كانت حالة الداعية الموالى لجماعة الإخوان المسلمين صفوت حجازى هى أشهر حالات التنكر الفاشلة التى لاقت شهرة جماهيرية واسعة، حيث تم إلقاء القبض عليه فى سيوة على الحدود مع ليبيا بعد فض اعتصام رابعة العدوية، يرتدى زيا بدويا بعد أن صبغ شعره وحلق لحيته «دوجلاس»، وكان بصحبته الدكتور مراد على المتحدث باسم الحرية والعدالة، الذراع السياسية للإخوان المسلمين، وقد حلق لحيته أيضا وارتدى زياً رياضياً على سبيل التمويه. عدد من العمليات الإرهابية شهدت لجوء منفذيها إلى حيلة «التنكر»، من ذلك عملية مسجد القديح بالقطيف بالمملكة العربية السعودية فارتدى منفذها زيا باكستانيا، ومنفذ عملية مسجد العنود فى الدمام زى امرأة، أيضا فى الأنبار فى العراق، حيث ألقى القبض على عدد من الدواعش كانوا قد حلقوا لحاهم وشواربهم وارتدوا «النقاب» لتسهيل هروبهم بعد تنفيذهم عملياتهم الإرهابية، كذلك فى مدينة «منبج» بسوريا حيث ألقى الجيش السورى القبض على عدد منهم يرتدون «النقاب» أيضا. فى فرنسا كذلك، كانت السلطات الفرنسية قد أعلنت فى وقت سابق كشفها هوية عدد من الإرهابيين قد ارتدوا أزياء نسائية ووضعوا مساحيق للتجميل فى أحد المستشفيات لتنفيذ عمليات إرهابية . أيضاً من المتداول أن عناصر تنظيم «ولاية سيناء» يلجأون أوقات الحملات أحياناً إلى ارتداء الزى البدوى والحياة بشكل طبيعى على سبيل التضليل.