شهد الجيش التركي اضطرابات السبت في أعقاب استقالة أربعة من كبار القيادات العسكرية، احتجاجًا على اعتقال 250 ضابطا بتهم التآمر ضد حكومة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، في أحدث أزمة كبرى تشهدها العلاقة المتوترة بين المؤسسة العسكرية والحكومة التي يقودها حزب "العدالة والتنمية" ذي الجذور الإسلامية. وقدم رئيس هيئة الأركان في الجيش التركي الجنرال إيشيق كوشانير وقادة القوات البرية والبحرية والجوية استقالاتهم الجمعة بعد خلاف مع الحكومة حول ترقية بعض القادة العسكريين، عشية الاجتماع السنوي للمجلس العسكري الأعلى المقرر عقده الاثنين، وبعد لقاءات لبعض هؤلاء القادة العسكريين مع أردوغان في الأيام الأخيرة. وخيم بذلك الغموض على ثاني أكبر قوة في حلف شمال الأطلسي قبل أيام من انعقاد هيئة رئيسية مسئولة عن الترقيات. وقال كوشانير في رسالة وداع ل "أخوة السلاح" إنه كان من المستحيل بالنسبة له مواصلة دوره حيث كان غير قادر على الدفاع عن حقوق رجال اعتقلوا نتيجة عملية قضائية معيبة، بحسب وكالة "رويترز". وقال موقع صحيفة "حريات" التركية إن قائد أركان الجيش قد استقال احتجاجا على اعتقال عدد من الضباط في الجيش، في حين نُسب إلى مكتب رئيس الوزراء التركي أن الجنرالات الأربعة تقدموا بطلبات لإحالتهم على التقاعد المبكر. ونقل الموقع عن كوشانير قوله "لقد أصبح مستحيلا بالنسبة لي أن أستمر في هذا المنصب الرفيع لأنني غير قادر على القيام بمسؤوليتي في حماية رجالي كرئيس للأركان العامة". وقد وافق الرئيس التركي عبد الله جول على تعيين قائد قوات الدرك الفريق أول نجدت أوزال قائدا للقوات البرية. وتقضي أعراف القوات المسلحة التركية بأن يكون رئيس هيئة الأركان التركي قائدا للقوات البرية أو البحرية أو الجوية ولو ليوم واحد قبل استلامه رئاسة هيئة الأركان. والعلاقات بين الجيش العلماني وحكومة حزب اردوغان العدالة والتنمية المحافظة اجتماعيا مشحونة منذ توليها السلطة للمرة الأولى في 2002. وفي سنوات مضت كان يحتمل على نحو كبير أن يقوم جنرالات تركيا بانقلاب بدلا من الاستقالة لكن أردوغان أنهى ماضي سيطرة الجيش من خلال سلسلة من الإصلاحات التي تهدف إلى زيادة فرص تركيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. وظهر خضوع الجنرالات بشكل جلي العام الماضي عندما بدأت الشرطة اعتقال عشرات من الضباط بشأن "عملية المطرقة"، المتهم فيها عدد من العسكريين بالتآمر ضد حكومة أردوغان نوقشت خلال ندوة للجيش في 2003. لكن الضباط قالوا إن المطرقة هي فقط تدريب خطة حربية وإن الدليل ضدهم تم تلفيقه. ويوجد حوالي 250 شخصية عسكرية حاليا في السجن بينهم 173 كانوا في الخدمة و77 متقاعدون. ويوجد أكثر من 40 جنرال في الخدمة، أي حوالي عشر القادة الأتراك قيد الاعتقال بتهم مؤامرات مختلفة لإسقاط حزب العدالة والتنمية. ومعظم هؤلاء محبوس بتهم تتعلق بالمطرقة. وقالت تقارير لوسائل إعلام إن المدعي الذي يحقق في مؤامرة أخرى مزعومة تشمل ضباطا بالجيش طلب يوم الجمعة القبض على 22 شخصا من بينهم قائد الجيش في منطقة إيجة. من جهته، قال مكتب أردوغان في بيان الجمعة بعد تخلي قادة الجيش عن مناصبهم إن القوات المسلحة التركية ستواصل أداء واجبها بروح الوحدة. وذكر البيان أن قائد قوات الأمن الجنرال نجدت أوزال القائد الجديد للقوات البرية سيعين نائبا لرئيس هيئة الأركان. وقال أيضا إن اجتماعا مهما للمجلس العسكري الأعلى لتحديد الترقيات سيمضي قدما حسب المقرر يوم الاثنين.