ترك رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو ووزير الخارجية المصري سامح شكري الملفات التي تناولاها في لقاءيهما أول من أمس في القدسالمحتلة، باستثناء الملف الفلسطيني، لاجتهادات مراقبين ومعلقين التقت في التأكيد أن عدداً من «الملفات الإقليمية» كان وراء زيارة الوزير المصري المفاجئة في توقيتها. ووفقا للحياة اللندنية، اتفق معلقون على أن هذه الزيارة تعتبر مكسباً سياسياً لنتانياهو يضاف إلى المكاسب التي جناها في المصالحة مع تركيا وفي جولته في أفريقيا، وأن مصر انتبهت إلى أن هذه المكاسب عززت مكانة إسرائيل دولة عظمى إقليمية، وهو ما دفع معلق القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي إلى الاستنتاج بأن الزيارة تؤكد أن مصر هي التي في حاجة إلى إسرائيل أكثر من حاجة إسرائيل إليها. وطبقاً لصحيفة «هآرتس»، فإن اللقاء بين نتانياهو وشكري تناول اقتراح إجراء محادثات بين إسرائيل والفلسطينيين في القاهرة تشارك فيها مصر والأردن، وتتناول رزمة الخطوات بناء الثقة التي تقود نحو التهدئة الميدانية وتحسين الأجواء بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني» وتمهد لاستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين. وتناول معلق الشؤون الحزبية في الإذاعة العامة حنان كريستال باستخفاف تكرار نتانياهو التزامه حل الدولتين، إذ قال أنه أطلق هذا الالتزام قبل سبع سنوات، لكنه لم يقم حتى بخطوة واحدة تؤشر إلى أنه يؤمن حقاً بهذا الحل، و «حتى الآن لم يطرحه للبحث لا في الحكومة ولا في الكنيست». وأشار إلى أن أكثر من نصف وزراء الحكومة الحالية، بينهم خمسة من وزراء «ليكود» الذي يقوده نتانياهو، يرفضون حل الدولتين. وأشار المعلق السياسي في صحيفة «هآرتس» رافيد باراك إلى أن الزيارة تتوّج عامين من الاتصالات الدافئة والعلاقات القوية بين مصر وإسرائيل، ما يعتبر مكسباً سياسياً لنتانياهو، لافتاً إلى أن الرئيس عبدالفتاح السيسي انتدب إلى القدس وزير خارجيته وليس رئيس الاستخبارات، كما كان يفعل الرئيس السابق حسني مبارك، «مؤكداً بذلك أن العلاقات بين البلدين لا ينبغي أن تقتصر على المواضيع الأمنية المشتركة للبلدين»، كما أنه لم يعد يكتفي بأن تكون العلاقات سرية. وأضاف أن نتانياهو كان اتصل قبل شهر بالرئيس المصري ليطمئنه بأن تعيين افيغدور ليبرمان وزيراً للدفاع لا يغير موقفه الايجابي من مبادرة السلام التي طرحها (السيسي) قبل شهرين، فردّ الرئيس المصري بأن إسرائيل مطالَبة بالقيام بخطوات عملية في هذا الاتجاه. ونقل المعلق عن مصدر إسرائيلي قوله أن نتانياهو لمّح للمصريين بأنه مستعد لدراسة هذا الطلب كجزء من مبادرة إقليمية تتيح لإسرائيل التفاوض مع العالم العربي في موازاة مفاوضاتها مع الفلسطينيين، و «عليه أرسل الرئيس المصري وزير خارجيته ليجبيَ هذا الديْن». وحذر المعلق نتانياهو من أن يخلّ بوعوده، و «إذ سيتبين عندها أن هذا المكسب كان مكسباً مع وقف التنفيذ». وأضاف: «إما أن نشهد اختراقة سياسية بين إسرائيل والعالم العربي، أو أن تكون هذه الزيارة حدثاً لمرة واحدة لا يقود إلى أي مكان، وسيتم نسيانه بسرعة». وكتب المحلل العسكري في «هآرتس» عاموس هارئيل أن السيسي قرر فتح قناة سياسية علنية مع إسرائيل، قد تكون محطتها المقبلة دعوة نتانياهو إلى زيارة القاهرة للتباحث في الملفات المختلفة، ليست الأمنية فقط، وأن مصر معنية بأن تظهر علناً مع إسرائيل في بعض هذه الملفات، «منها الخلاف على سد النهضة الذي تقيمه أثيوبيا على النيل ويقلق مصر ويكبدها خسائر هائلة من مياه النيل»، مشيراً أيضاً إلى زيارة نتانياهو لأثيوبيا الأسبوع الماضي. وأضاف أن مصر تعتقد أن في وسع إسرائيل أن تؤثر على موقف إثيوبيا بأن تنسق الموضوع مع مصر، «ويبدو أن شكري جاء ليسمع من نتانياهو عما حققه في هذا الملف». وأردف أن مصر تريد مساعدة إسرائيل لتقنع الولاياتالمتحدة بعدم سحب قوات المراقبة الدولية من سيناء، كذلك ثمة اهتمام مصري بنتائج استئناف العلاقات بين إسرائيل وتركيا، والذي يتيح للأخيرة أن تكون الجهة الرئيسة لإدخال البضائع ومواد البناء إلى قطاع غزة، «وهذا يحرج مصر التي تظهر أنها تشارك إسرائيل في فرض الحصار على غزة». في غضون ذلك، كشف مسؤول إسرائيلي رفيع سابق لوكالة الأنباء «بلومبرغ» أن إسرائيل نفذت في السنوات الأخيرة هجمات عدة بطائرات بلا طيار في شبه جزيرة سيناء على قواعد إرهابية بمباركة مصرية. كما نقلت الوكالة عن نائب رئيس هيئة أركان الجيش الجنرال يائير غولان قوله أن التعاون بين إسرائيل ومصر «لم يكن وثيقاً ذات مرة على ما هو عليه اليوم». وقال وزير الطاقة يوفال شتاينتس أنه في أزمان التقلبات وانعدام الاستقرار السائدة في أرجاء الشرق الأوسط، من الأهمية بمكان التعاون مع دول رصينة».