ارتفاع عدد ضحايا حريق الأبراج في هونج كونج إلى 94 قتيلا وعشرات المصابين    حصيلة ضحايا كارثة الأبراج في هونج كونج تقترب من 100    سوريا.. شهداء وجرحى في توغل عسكري إسرائيلي بريف دمشق    بعثة منتخب مصر تغادر اليوم إلى قطر للمشاركة في كأس العرب    الأهلي يواجه الجيش الملكي.. صراع النجوم على أرض الرباط    محمد الدماطي يحتفي بذكرى التتويج التاريخي للأهلي بالنجمة التاسعة ويؤكد: لن تتكرر فرحة "القاضية ممكن"    بالأقدام العربية.. روما يهزم ميتييلاند ب "العيناوي والشعراوي"    الرئيس البولندي يصدق على مشروع قانون لزيادة ضريبة البنوك    أستراليا.. يعتقد أن ضحيتي هجوم القرش بشمال سيدني مواطنان سويسريان    كورونا وسلالة الإنفلونزا الجديدة، موجة فيروسات تجتاح إيران واكتظاظ المستشفيات بالحالات    حبس سيدة وابن عم زوجها 4 أيام بالفيوم بتهمة علاقة غير شرعية بالفيوم    رمضان صبحي بين اتهامات المنشطات والتزوير.. وبيراميدز يعلن دعمه للاعب    نائب محافظ البحر الأحمر تشارك في احتفال شركة أوراسكوم لتسليم شهادات الاعتماد للفنادق (صور)    تفاصيل صادمة.. زميلان يشعلان النار في عامل بسبب خلافات بالعمل في البحيرة    جامعة مطروح تشارك في المؤتمر الدولي لصون الطبيعة والموارد الوراثية بشرم الشيخ    تعليم القاهرة تواجه الأمراض الفيروسية بحزمة إجراءات لوقاية الطلاب    بعد أزمته الصحية، أحمد سعد يتألق في حفل الكويت تحت شعار كامل العدد (صور)    توقيت أذان الفجر اليوم الجمعه 28 نوفمبر 2025.. ودعاء مأثور يُقال بعد الانتهاء من الصلاة    مصر تستقبل بعثة صندوق النقد: اقتراض جديد لرد أقساط قديمة... والديون تتضخم بلا نهاية    عبير نعمة تختم حفل مهرجان «صدى الأهرامات» ب«اسلمي يا مصر»    القانون يحدد ضوابط لمحو الجزاءات التأديبية للموظف.. تعرف عليها    واشنطن بوست: أوروبا تسعى جاهدة للبقاء على وفاق بينما تُقرر أمريكا وروسيا مصير أوكرانيا    عماد الدين حسين: سلاح المقاومة لم يردع إسرائيل عن غزو لبنان واستهداف قادته    سفير روسي: العالم يشهد أخطر أزمة أمنية عالمية منذ الحرب العالمية الثانية    ترامب يعلن وفاة مصاب في حادث إطلاق النار قرب البيت الأبيض    حذر من عودة مرتقبة .. إعلام السيسي يحمل "الإخوان" نتائج فشله بحملة ممنهجة!    والدة الإعلامية هبة الزياد تكشف ل مصعب العباسي سبب الوفاة    ستيف بركات يقدم جولة "Néoréalité" العالمية على مسرح دار الأوبرا المصرية    شعبة السيارات تدعو لإعادة التفكير في تطبيق قرار إجبار نقل المعارض    دار الإفتاء توضح حكم إخراج الزكاة للأقارب.. اعرف قالت إيه    شروط حددها القانون لجمع البيانات ومعالجتها.. تفاصيل    إعلام فلسطيني: الاحتلال يشن غارات جوية على مدينة رفح جنوب قطاع غزة    رئيس التصنيع بالصيادلة: استهلاك مصر من بنج الأسنان يصل إلى 600 ألف عبوة سنويًا    رئيس شعبة الدواجن: سعر الكيلو في المزرعة بلغ 57 جنيهاً    طولان: ثقتي كبيرة في اللاعبين خلال كأس العرب.. والجماهير سيكون لها دورا مع منتخبنا    بيونجيانج تنتقد المناورات العسكرية الأمريكية-الكورية الجنوبية وتصفها بالتهديد للاستقرار    اليوم، ختام مسابقة كاريكاتونس بالفيوم وإعلان أسماء الفائزين    سيناريست "كارثة طبيعية" يثير الوعي بمشكلة المسلسل في تعليق    متحدث مجلس الوزراء: مدارس التكنولوجيا التطبيقية تركز على القطاعات الاقتصادية ذات الأولوية    أحمد السعدني: دمعت من أحداث "ولنا في الخيال حب".. وشخصيتي في الفيلم تشبهني    تعرف على شخصية كريم عبد العزيز في فيلم "الست" ل منى زكي    أبوريدة: بيراميدز ليس له ذنب في غياب لاعبيه عن كأس العرب    بين الإبهار الصيني والمشهد الساخر الإيراني... إلى أين تتجه صناعة الروبوتات مؤخرًا؟    فضائل يوم الجمعة.. أعمال بسيطة تفتح أبواب المغفرة والبركة    شعبة السيارات: نقل المعارض خارج الكتل السكنية يهدد الصناعة ويرفع الأسعار مجددًا    مرشح لرئاسة برشلونة يوضح موقفه من صفقة ضم هاري كيم    غلق كلي لشارع الأهرام 3 أشهر لإنشاء محطة مترو المطبعة ضمن الخط الرابع    أخبار 24 ساعة.. رئيس الوزراء: لا انتشار لفيروس غامض والمتواجد حاليا تطور للأنفلونزا    مديرة مدرسة تتهم والدة طالب بالاعتداء عليها فى مدينة 6 أكتوبر    جامعة أسيوط تعزز الدعم النفسي والاجتماعي للطلاب عبر اجتماع وحدة الأبحاث    الجدول النهائي لبقية مراحل انتخابات مجلس النواب 2025    الشيخ خالد الجندي يحذر من فعل يقع فيه كثير من الناس أثناء الصلاة    قفلوا عليها.. سقوط طفلة من الطابق الثاني في مدرسه بالمحلة    هيئة الرعاية الصحية تمنح الدكتور محمد نشأت جائزة التميز الإداري خلال ملتقاها السنوي    مدبولي: نتابع يوميًا تداعيات زيادة منسوب المياه    اتخاذ الإجراءات القانونية ضد 4 عناصر جنائية لغسل 170 مليون جنيه من تجارة المخدرات    محافظ كفر الشيخ: مسار العائلة المقدسة يعكس عظمة التاريخ المصري وكنيسة العذراء تحتوي على مقتنيات نادرة    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 27نوفمبر 2025 فى المنيا.....اعرف مواعيد صلاتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



آيات فرض الصوم في القرآن
نشر في الفجر يوم 15 - 06 - 2016

عندما أرسل الله تعالى رسوله بالرسالة كان له حكمة في الفرائض التي فرضها على الأمة. الصوم بدأ في السنة الثانية بعد الهجرة ولله تعالى في ذلك حكمة بالغة. ونسأل لماذا لم يُفرض الصيام مع بدء البعثة؟ والجواب لأن الناس لم يكونوا يستطيعون القيلم بالصيام على مُراد الله تعالى فينا.
الرسول r عندما يشرح أركان الإسلام يقول متفرّداً « بُني الاسلام على خمس شهادة إن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاء وحج البيت وصوم رمضان» ولهذا الترتيب حكمة وهذا الحديث يختلف عن حديث الأعمال الذي فيه قدّم صوم رمضان على حج البيت لأن الأركان شيء والأعمال شيء. فمن أراد أن يكون مسلماً حقّاً عليه إقامة الأركان كما يفعل المهندس عندما يريد أن يبني بناءً ما فهو يعمل الأساسات بما يتناسب مع ارتفاع البنيان.
قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183)) وهذا النداء للمؤمنين والرسول r يقول بُني الاسلام على خمس فهل الصيام للمسلمين أو للمؤمنين؟
النداء ي(يا أيها الذين آمنوا) تخفيف إلهي كأني بالله تعالى يقول يا من آمنتم بي والمؤمن مُحبّ تقبّلوا هذه الفريضة من الله تعالى. والنداء ي (يا أيها) نودي بها الرسول r وكل من أحبّه الرسول فلم يأت النداء في القرآن ب (يا محمد) وإنما جاء النداء في القرآن ب يا أيها النبي ويا أيها الرسول. فعندما ينادينا تعالى (يا أيها الذين آمنوا) تعني حُبّاً من المنادي سبحانه وتعالى. وعادة كلما تنادي نداء فيه تكليف تخفف النداء كما جاء على لسان سيدنا لقمان وهو يعظ ابنه فقال (وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13) لقمان) وكذلك في قصة ابراهيم u مع ولده اسماعيل (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (102) الصافات) وهكذا يعلّمنا الله تعالى أنه إذا أردت التكليف خفف بالنداء ونادي نداء المُحِبّ. والمؤمنون لهم توصيف عند الله تعالى (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (8) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (9) المؤمنون).
وصيام شهر رمضان لم تكلّف به الأمة بداية وإنما كُلّفت بصيام أيام معدودات أولاً (أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (184) البقرة) وكأن الله تعالى يعلّمنا أن أمة محمد r ليست بِدعاً من الأمم بالصوم فالأمم كلها صامت لكن أمة محمد تؤديه على أعلى مستوى.
وقوله تعالى (لعلّكم تتقون) كلمة لعلّ تفيد التمني لكن بالنسبة لله تعالى لا تكون كذلك لأن أنر الله تعالى لشيء إذا أراده أن يقول له كن فيكون لكن الله تعالى يريدنا أن نخرج من هذا الصيام على التقوى وهذه غاية فرض الصيام. ولهذا علينا أن نراجع حساباتنا من قبل رمضان حتى نخرج من هذا الشهر على نمط مختلف عما كنا عليه قبل رمضان. ولقد أخذنا الصلاة والحج عن الرسول r كما علّمنا «صلّوا كما رأيتموني أصلي» و» خذوا عني مناسككم» لكنه في الصيام لم يقل صوموا كما رأيتموني أصوم وهذا لأن الله تعالى وضع الصيام لنفسه رقيباً على كل مسلم فلا أحد يقلّد أحداً فيه (كل عما ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به) والله تعالى يعلم صيام كل واحد فينا لأن الصيام عبادة سرّية لم تُفعل لغير الله كما حصل في سائر العبادات الأخرى: فالشهادة أشرك بعض الناس مع الله آلهة أخرى، والصلاة البعض كانوا يصلون لغير الله من أصنام وغيرها والزكاة كانوا يدفعون الصدقات لغير الله وكذلك الحج كانوا يحجون للأصنام التي في الكعبة وحولها. أما الصوم فلم يصم أحداً لأجل أحد او إرضاء لأحد فصدق الله تعالى في الحديث القدسي (كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به) فهذه هي العبادة الوحيدة التي لم يفعلها أحد لغير الله والله تعالى سيجزي عليها حتى أن الملائكة الكتبة (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَامًا كَاتِبِينَ (11) الانفطار) الذين يكتبون للإنسان كل شيء لا يكتبون الصوم لأن الله تعالى استأثر به فهو وحده سبحانه يعلم حقيقته ويعلم حقيقة الانسان الصائم مصداقاً لقوله تعالى (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ (19) غافر).
قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) البقرة) والشاهد في الآية أن القرآن هدى للناس ولقد قال تعالى في أوائل سورة البقرة (ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2)) الكتاب هدى للمتقين فكأن القرآن في أول الأمر كان هدى للناس ثم لمّا رفضه بعض الناس أصبح كتاباً وأصبح هدى للمتقين. فالذي يستفيد من الكتاب هم المتقون والصيام هو الذي يجعلنا من المتقين (لعلكم تتقون). إذن الصيام هو الذي يؤدي للتقوى (لعلكم تتقون) والتقوى تُعين على تقبّل الكتاب (هدى للمتقين).
قال تعالى (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185)) لماذا شهر رمضان؟ الله تعالى كلّفنا بالصيام كأنما أرادنا أن نؤدّيه شكراً لله تعالى ولو لم يفرض الله تعالى علينا الصيام لكُنّا صمناه شكراً لله على إنزال القرآن وعلى كوننا مسلمين ومن أتباع محمد r ومن أمّته. وأحن شيء في هذا الشهر هو صيامه شكراً لله تعالى وللصيام وظيفتان أولاهما أداء لفريضة وثانيهما شُكر لله تعالى على إنزال القرآن فعلينا أن نقرأ القرآن في هذا الشهر. والرسول r علّمنا جدولاً لقراءة القرآن فلو قرأناه مرة في كل شهر يكون عملاً لائقاً لإغن قرأناه مرتين في الشهر يكون أفضل على أن لا نزيد عن أربع مرات في الشهر أي بمعدل مرة كل سبعة أيام لأنه علينا أن نتدبر ما نقرأ ولا نتبارى في القراءة لأن الله تعالى قال في كتابه العزيز (أفلا يتدبرون القرآن). وعلينا أن لا نقصر قراءة القرآن على شهر رمضان فقط فنكون ممن يعبد رمضان وليس رب رمضان وكذلك القيام إن كنا في رمضان نصلي صلاة التراويح فلنواظب عليها بعد رمضان بصلاة القيام حتى نكون ممن يعبد رب رمضان فعلينا أن نصحح المفاهيم ونخرج من رمضان ونحن على التقوى.
توصيف الصيام: عندما يُعرّف الصيام يقولون هو الإمساك عن شهوتي الفرج والبطن لكن هل هذا هو معنى الصيام؟ وأين كلام الرسول r في توصيف الصيام؟ قال رسول الله r:» من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه» فالقضية إذن ليست قضية أكل وشرب في توصيف الصيام لكن القضية الإمساك عن الشهوات وهي كل ما تطيع النفس فيه. ويجب أن نكون مختلفين في رمضان عن باقي الأيام فالرجل في رمضان لا يجامع زوجته نهاراً فهو أمسك عن الحلال في نهار رمضان لأننا كمسلمين يجب أن نمسك عن الحرام دائماً لكن في الامساك عن الحلال في شهر رمضان تعويد للنفس وتدريب لها أنه من باب أولى أن تمتنع عن وتمسك عن الحرام طالما امسكت عن الحىل ارضاء لله تعالى. وتعريف الصيام الحقيقي هو ما جاء في حديث الرسول r » من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه» وقول الزور يشمل الكذب والغش والخداع والنفاق والرياء وغيرها . والرسول r يوصّف هذا الكلام فيقول :» إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرقث ولا يسخط ولا يجهل فإن سابّه أحد أو شاتهم فليقل إني امرئ صائم» فمن هذا الحديث يعلّمنا الرسول r أن المسلم وهو صائم يختلف عنه وهو غير صائم.
ماذا نفعل في رمضان؟
هناك حديث الملائكة الطوافون سنتناوله بشكل موسع في الحلقة القادمة والحديث هو: «إن لله ملائكة يطوفون في الطُّرُق يلتمسون أهل الذكر فإذا وجدوا قوماً يذكرون الله تنادوا: هلمّوا إلى حاجتكم، قال: فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا قال: فيسألهم ربهم – وهو أعلم بهم- ما يقول عبادي؟ قال: يقولون: يسبحونك ويكبرونك ويحمدونك ويمجّدونك، قيول: هل رأوني؟ فيقولون لا والله ما رأوك قال فيقول: وكيف لو رأوني؟ قال: يقولون: لو رأوك لكانوا أشد لك عبادة وأشد لك تمجيداً وتحميداً وأكثر تسبيحاً قال فيقول: فما يسالونني؟ قال يسألونك الجنة قال يقول: وهل رأوها؟ قال يقولون لا والله رب ما رأوها قال: فكيف لو رأوها؟ قال يقولون: لو أنهم رأوها كلنوا أشد عليها حرصاً وأشد لها طلباً وأعظم فيها رغبة. قال فمِمّ يتعوذون؟ قال يقولون من النار قال: يقول وهل رأوها؟ قال لا والله يا رب ما رأوها قال يقول: فكيف لو رأوها؟ قال يقولون: لو رأوها كانوا أشد منها فراراً وأشد لها مخافة قال فيقول أشهدكم أني قد غفرت لهم. قال: يقول ملك من الملائكة: فيهم فلان ليس منهم إنما جاء لحاجة قال: هم الجلساء لا يشقى بهم جليسهم».
وسؤال الله تعالى لملائكته عن أهل الذكر وماذا يريدون وهو أعلم بكل شيء ردّ من الله تعالى على قول الملائكة في قصة خلق آدم (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (30) البقرة) فالله تعالى يسألهم وهو أعلم لأنهم هم قالوا نحن نسبّح بحمد ونقدّس لك والله تعالى يريدهم أن يروا أن هذا الخلق المخيّر يعبد الله باختياره وليس مجبراً على العبادة فنحن بفضل الله تعالى واختيارنا نسبح الله تعالى ونحمده ونذكره وهذه فلسفة عالية فمع أننا لم نرى الله تعالى لكننا نختار عبادته سبحانه وتعالى. ومجالس الذكر هي مجالس العلم والصلاة وقراءة القرآن ودروس العلم.
وهذه كلها عطاءات من الله تعالى لكل مجالس الذكر فأسأل الله تعالى أن يوجهنا لما فيه نفعنا في رمضان ولك الحمد اللهم أن بلّغتنا رمضان.
وقد ورد في القرآن الكريم لفظ الصيام (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) البقرة) ولفظ الصوم كما جاء على لسان مريم عليها السلام (فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا (26) مريم) ولكل منهما معنى سنشرحه إن شاء الله في الحلقات القادمةفالتغيير في اللفظ لا يأتي عبثاً لكن لله تعالى مراداً فيه.
أسئلة المشاهدين خلال الحلقة
سؤال 1: اتصل أحد الإخوة المشاهدين وعمره 25 سنة وهو يريد أن يتقرب إلى الله لكنه لا يعرف كيف ويشعر أن هناك ما يمنعه ومهو شاب ويعمل في التجارة وتكلمت والدته أيضاً وقالت أنه ربته يتيماً من عمر 6 سنوات تربية صالحة ولا تدري ماذا به فطلب الدكتور هداية أن يتركوا رقم الهاتف للإتصال بهم بعد البرنامج.
وتعقيباً على قصة الأخ السائل يقول الدكتور هداية أن هذه الحالة هي حالة سائدة وهي من فعل الشيطان الذي يحاول أن يمنع الإنسان من التقرب إلى الله تعالى ومجاهدة الشيطان والنفس هي من الجهاد الأكبر فالنفس بحاجة إلى الجهاد لتتغلب على الشهوات والصوم بالذات يعوّد النفس على الصبر والطاعة. قال أحد المسلمين وهم عائدون منتصرون من غزوة من الغزوات: عُدنا من الجهاد الأصغر إلى الدهاد الأكبر، يقصد به جهاد النفس والشيطان. وقد قال تعالى (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10) الشمس) والرسول r يقول:» ضيّقوا مسالك الشيطان». والتجارة الرابحة عند الله تعالى ما جاء في قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) الصفّ) والقرآن يدعونا للتواصي بالصبر والصحبة (وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3) العصر).
سؤال 2: تسأل إحدى الأخوات عن جواز لمس الحائض التي تحفظ القرآن للقرآن بواسطة قفازات.
يجيب الدكتور أنه ممن يفضلون عالابتعاد عن ذلك ولتأخذ المرأة الحائض الحكم من الصوم فطالما لا يجوز لها الصيام ولا الصلاة وهي حائض فمن باب أولى أن لا تمس القرآن وأن تأخذ إجازة تامة من القرآن والصيام والصلاة وهذا من الكتاب والسنة لأنه لم يذكر في القرآن ولا في الأحاديث أي استثناء لحائض بمس القرآن أو الصوم أو الصلاة. ولقد سبق وقلنا أن الطهارة ليست ملامسة والحق تعالى له مُراد في ذلك. فأنا آخذ بالرأي الذي يقول أن لا تمس المصحف لا بواسطة قفازات ولا بغيرها فإن كانت طالبة وعليها اختبارات ولا يمكن تأجيلها تُستثنى وكذلك المدرِّسة التي لا يمكن لها أن تؤخر الدرس حتى تطهر تُستثنى. وعلينا أن نلتزم فطالما أن المرأة الحائض لا تصوم فمن باب أولى أن لا تقرأ القرآن.
وهنا أنبّه إلى بعض ما يقال أن النبي r أصبح جُنُباً فصام وقد شاع هذا الأمر بمفهوم خاطيء بين الناس ويعتقدون أن الرسول r أصبح مثلاً في الساعة العاشرة وهو جنب فصام والصحيح أن الرسول r أدركه الفجر وهو جُنُب فاغتسل وتوضأ وصلّى الصبح بالمسلمين فأتمنى أن لا يُلقى مثل هذا الكلام جزافاً.
ويسأل المقدم هل يُحتسب للمصلي في جماعة الجزء من القرآن الذي يسمعه من الإمام؟ يجيب الدكتور نعم يُحتسب بشرط أن يستمع المصلي للقرآن بشكل جيد حتى يُحسب له وكأنه قرأ الجزء بنفسه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.