اعتبر رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام ، أن الفراغ في منصب الرئاسة اللبنانية، الذي اقترب من عامين، يشكل إساءة بالغة للبنان واللبنانيين، ويعكس عجزا مخجلا للطبقة السياسية عن الخروج من أسر المصالح الداخلية والارتباطات الخارجية، وعن حفظ الأمانة التي أعطاها إياها الناس، لتدبير شؤونهم ورعاية مصالحهم. وقال سلام - في كلمة اليوم في منتدى الاقتصاد العربي - إن هذا التقصير هو السبب الأساسي لما تعاني منه المؤسسات من شلل وتعثر، مع ما يعنيه ذلك من تعطيل لعدد كبير من القضايا المتعلقة بحاجات اللبنانيين المباشرة والبعيدة الأمد، مشيرا إلى أن هذا الفراغ يعكس أسوأ صورة ممكنة عن البلاد، في وقت يحتاج لبنان إلى صورة توحي للمستثمر بالثقة التي لا وجود لها من دون استقرار سياسي. وأكد أن الواقع السياسي الداخلي، هو أحد الأسباب الرئيسية لغياب النمو والتراجع الكبير في النشاط الاقتصادي، بالإضافة إلى الأسباب الخارجية الأخرى وأولها التطورات المأسوية الجارية في سوريا، والتي تركت تأثيرات سلبية هائلة على الاقتصاد اللبناني، لعل أبرزها الأعباء الكبيرة لملف النزوح السوري. ووجه رئيس الحكومة اللبنانية التحية للضيوف المصريين الذين حضروا المنتدى قائلا "أقول لضيوفنا الكرام من جمهورية مصر العربية، التي لها في قلوب اللبنانيين مكانة خاصة، ولإخواننا من دول مجلس التعاون الخليجي والأردن والسودان وموريتانيا وكل بلاد العرب: أهلا ومرحبا بكم، بالأمس واليوم وغدا، إخوة أعزاء في بلد كنتم له دائما خير سند ومعين، وهو لكم أبدا حافظا للعهد". وأضاف:"أود أن أغتنم هذه المناسبة لأوجه من بيروت، تحية حارة إلى قادة دول مجلس التعاون الخليجي، وفي مقدمهم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، الذي يخوض اليوم مع إخوانه، غمار تجربة تطويرية كبيرة، وهي الخطة التي أطلق عليها اسم "الرؤية الاقتصادية 2030"، مضيفا "إننا نتطلع بكثير من الاهتمام، إلى الخطوات الأولى في هذه المسيرة النوعية الطموحة، ونتمنى لها النجاح في تحقيق ما يعود بالخير على الشعب السعودي الشقيق". وتطرق سلام إلى الانتخابات البلدية اللبنانية، مؤكدا أن "المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية التي جرت يوم الأحد الماضي، شكلت فسحة مضيئة وسط الأجواء الملبدة المحيطة بنا، ومتنفسا للبنانيين المحرومين منذ سنوات طويلة من ممارسة حقهم الديموقراطي". وأضاف أن "هذه الانتخابات، التي نأمل أن تنجز بنفس السلاسة والنجاح في محطاتها الثلاث المقبلة، بثت بعض الروح في الحياة السياسية، وأعادت للمواطن حقه الطبيعي في اختيار من يمثله في إدارة الشأن العام، وأسقطت كل الذرائع عن عجز اللبنانيين عن خوض غمار الانتخابات بطريقة سلمية وحضارية." وقال إن "الأهم من كل ذلك أن هذه الانتخابات، التي تمثل إنجازا لوزارة الداخلية وأجهزتها، أثبتت أن الدولة ومؤسساتها وقواها الأمنية، قادرة على إدارة وحماية أكثر التحديات الانتخابية صعوبة وتعقيدا، في حال توافر النية السياسية لدى الأطراف والقوى الوطنية". وأضاف: "ليس مستحيلا البناء على هذا الإنجاز، للتقدم نحو محطات أخرى من الممارسة الديموقراطية، من أجل إحياء حياتنا السياسية وإعادة بناء هيكلنا الدستوري، وأول ركائزه رئاسة الجمهورية. ليس مستحيلا التوصل إلى قانون انتخاب عصري، والذهاب نحو انتخابات عامة تعيد تجديد المجلس النيابي. ليس مستحيلا تعميق الحوارات السياسية القائمة، للوصول إلى توافقات تعزز الاستقرار الراهن، وتحصن لبنان من آثار الحرب المؤلمة الدائرة في سوريا، في انتظار عودته إلى ما نريد وتريدون. وجهة مثالية للاستثمار، وواحة استثنائية للأعمال، ومنصة فريدة للتجارة والصناعة والعمل المصرفي". وتابع: "على رغم كل الأوضاع الداخلية الصعبة والظروف الخارجية الأصعب، فإن ما يمتلكه لبنان من خصائص، وبنى مؤسساتية راسخة، ونظم تشريعية محفزة للاستثمار، ووضع نقدي متين، وقطاع مصرفي متقدم، واستقرار أمني كبير، وما يختزنه من خبرات بشرية، تجعل منه مكانا ملائما للنشاط الاقتصادي والاستثماري بكل أشكاله."